الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة الحديثين: أن من تزوج بكرًا على ثيِّب أقام عندها سبعًا، ومن تزوج ثيبًا على بكر أو على ثيب أقام عندها ثلاثًا، وأنَّ له أن يخيرها بأن يسبع لها ويسبَّع لنسائه وإلا اقتصرت على الثلاث.
وفي هذا الحديث من الفوائد: إخبار الإنسان بالأمر الواقع؛ لأنه قال: "إن سبَّعت لك سبَّعت لنسائي"، فأخبرها بالصراحة ولم يجعل الأمر عائمًا بل بينه ووضحه، وهكذا ينبغي للإنسان في جميع أموره أن يكون بينًا صريحًا، ألم تعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"البيعان إن صدقًا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذَّبًا وكتما محقت بركة بيعهما".
جواز تنازل المرأة عن حقها في القسم لأخرى:
1016 -
وعن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ سوده بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سوده". متفق عليه.
سوده بنت زمعة من كبريات نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن النَّبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بعد خديجة فهي زوجته الثانية، وقيل: تزوج عائشة بعد خديجة ولم يدخل بها إلا في المدينة فتكون سوده الزوجة الثالثة، لكنها هي رضي الله عنها من كبريات النساء لما رأت أنها كبرت سنها فكرت بعقلها الراسخ الكبير أن تتنازل عن حقها من القسم وأن يكون تنازلها لأحب نسائه إليه فوهبته لعائشة رضي الله عنها، فكان النبي صلي الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سوده؛ أي: يكون لعائشة يومان ولبقية النساء يوم، كم يغيب عن عائشة؟ سبعة أيام، وقيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هم بطلاق سوده، فكلمته، وقالت له: أنا يا رسول الله أبقي زوجة لك وأهب يومي لعائشة، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم، وسواء كان الأمر كذلك أو كان الأمر من ذات سوده رضي الله عنها إنما الحكم أنه يجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها من القسم لامرأة معينة من نسائه.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولاً: جواز تنازل المرأة عن حقها في القسم، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر سوده على ذلك، ولو كان هذا ممنوعًا لما قبل الرسول صلي الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أن الإبراء يصح بلفظ الهبة، يؤخذ من أنها وهبت يومها، وهذا ليس
هبة في الحقيقة، ولكنه إبراء من واجب القسم، وعلى هذا فلو قلت لمدينك الذَّي تطلبه: قد وهبت لك دينك فإنه يصح ويبرأ بذلك.
ومن فوائد الحديث: بيان كمال عقل سوده رضي الله عنها؛ حيث تنازلت عن حقها من القسم لتبقي من أمهات المؤمنين.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أن المرأة إذا طلقها النبَّي صلى الله عليه وسلم لم تكن من أمهات المؤمنين وهو كذلك، فالمرأة التَّي استعاذت من الرسول صلى الله عليه وسلم حين دخل عليها وأعاذها ليست من أمهات المؤمنين؛ لأنها طلِّقت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز أن تتنازل المرأة عن حقها لامرأة معينة، يؤخذ من أن سوده وهبت يومها لعائشة، فهل يصح أن تتنازل عنه لإحدى نسائه مبهمة؟ الظاهر الصحة، وعلى هذا فإذا لم تعيَّن امرأة فللزوج أن يجعله لإحدى نسائه، وللزوج أن يجعله مشاعًا بين نسائه، أما إذا قالت: اجعله لإحدى نسائك، فيحتمل أن يكون كما قلنا أنه مخير، ويحتمل أن يجعله مشاعًا، وعلى هذا فإننا نعود في حكم هذه المسألة فنقول: إذا تنازلت الزوجة لامرأة معينة من الزوجات تعَّين صرفه إليها، وإذا تنازلت لإحدى نسائه فإن له الحق أن يعين من شاء؛ لأنه مبهم وإذا تنازلت عنه مطلقًا فإنه يكون مشاعًا بين الزوجات. الأول واضح مثال ذلك: لو قال زوجته هند: وهبت يومي لضرتي زينب يكون لزينب، ولا يجوز أن يقسمه لغيرها، وقالت زوجته هند: وهبت يومي لإحدى نسائك اختر من شئت، فهنا يجعله لمن يشاء وله أن يجعله مشاعًا.
الصورة الثّالثة: أن تتنازل عن حقها لغير أحد فله أن يجعله مشاعًا، بل قد نقول: يتعين أن يجعله مشاعًا، لكن كلمة "مشاعًا" ما معناها؟ مشتركًا، فمثلاً إذا كان عنده أربع نسوة فإن حق كل واحدة ليلة من أربع، فإذا تنازلت عنه لغير معينة ولا مبهمة فإنه يكون مشاعًا، ويكون القسم دائرًا على ثلاثة فيغيب عن كل واحدة من الثلاث ليلتين، وإذا كان لواحدة معينة من الثلاث صار يأتي المعينة مرتين ويأتي الثانية والثالثة على مرة مرة ويغيب عن الثانية والثالثة ثلاث ليال، هذا هو الفرق.