الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يقال عند إتيان النساء:
978 -
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا: فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك؛ لم يضره الشيطان أبدًا". متفق عليه. هذا الحديث فيه إشكالات من جهة النحو أولاً: "لو" حرف شرط غير جازم ويدخل على الجملة الفعلية ولا يدخل على الجملة الاسمية، والذي أمامنا الآن جملة اسمية، فما الجواب؟
الجواب: أن الذي أمامنا ليست جملة اسمية، بل هي جملة فعلية، والدليل على ذلك فتح همزة "أن"؛ لأنها لو كانت جملة اسمية لوجب كسرها؛ إذن هي جملة فعلية، فما هو الفعل المقدر؟ لو ثبت أن أحدكم أو لو حصل أن أحدكم
…
الخ، المهم: أن نقدر فعلاً مناسباً، زال الإشكال الآن عندنا الآن "لو" شرطية تحتاج إلى فعل شرط وجواب شرط، فأين جوابها؟ "فإنه يقدر بينهما"، "لو أن أحدكم"، "أن" تحتاج على اسم وخبر، فأين اسمها؟ "أحدكم"، أين خبرها؟ جملة:"إذا أراد أن يأتي" إذا" شرطية تحتاج إلى فعل شرط وجوابه، "أراد": فعل الشرط، و"قال": جواب الشرط، وجملة: "إذا أراد قال" خبر "أن"، "إن يقدر"، "إن" حرف شرط يحتاج إلى فعل شرط وجوابه، فعل الشرط، "يقدر" وجوابه: "لم يضره الشيطان"؛ إذن تأخر الإعراب الآن "لو" شرطية فعل الشرط فيها محذوف تقديره: "حصل"، "أن" حرف توكيد ينصب الاسم فيها "أراد"، وجوابه: "قال"، "لو" شرطية تحتاج إلى فعل الشرط وعرفناه تقديره، أين جوابها؟ "فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره"، "إن" في "إن يقدر" شرطية تحتاج إلى فعل شرط وجوابه. "يقدر": فعل الشرط، "ولم يضره" جواب الشرط، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم
…
" الخ و"لو" هذه شرطية، والغرض منها الحض على هذا العمل وقوله: "إذا أراد أن يأتي" يعني: أن يجامع ولكن اللغة العربية -لحسن أسلوبها- تكني عما يستحيا من ذكره؛ لما يدل عليه فبدل من أن يقول: لو أن أحدكم إذا أراد أن يجامع قال: "أن يأتي أهله" وليس المراد أن يأتي إلى البيت بل يأتي أهله في الجماع ولهذا يكني الله عن الجماع باللمس أو الملامسة وقوله""أن يأتي أهله" أي: زوجه وسميت الزوجة أهلاً؛ لأن الإنسان يأهلها ويأوي إليها ويسكن إليها، قال:"باسم الله"؛ الجار والمجرور لا يدل له من متعلق كما قال ناظم الجمل: [الرجز]
(لابد للجار من التعلق
…
بفعل أو معناه نحو مرتق)
(واستثن كل زائد له عمل
…
كالبا ومن والكاف أيضًا ولعل)
على كل حال: الجار والمجرور "باسم الله" متعلق بمحذوف تقديره يعرف مما قبله "باسم الله أتي أهلي" واسم الله المراد به كل اسم من أسماء الله؛ لأنه مفرد مضاف والباء في قوله: "باسم الله" للاستعانة والمصاحبة. "اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا"، "اللهم"، يقول النحويون: إن أصله يا الله فحذفت ياء النداء وعوض عنها الميم ثم أخرت الميم تيمنا باسم الله وتبركا به، واختيرت الميم دون غيرها؛ لأنها دليل جمع كأن الداعي جمع قلبه على الله الذي ناداه وعلى هذا فنقول:"الله"(لفظ الجلالة) منادى مبني على الضم في محل نصب حذفت منه ياء النداء وعوض عنها الميم، "جنبنا الشيطان" يعني: أبعده عنا، واجعله منا في جانب بعيد و"الشيطان" اسم جنس للمردة من الجن، وهو مأخوذ من شطن إذا بعد عن رحمة الله والدليل على أنه مأخوذ من شطن أنه منصرف فيدل ذلك على أن النون فيه أصلية ولو كانت زائدة والألف زائدة لمنع من الصرف ولكن النون أصلية، قال الله تعالى:{وحفظناها من كل شيطان رجيم} [الحجر: 17]. "وجنب الشيطان ما رزقتنا" يعني: أبعده 'ما رزقتنا، يعني/ أعطيتنا من الولد الذي يكون من هذا الإتيان. قال:"فإنه أن يقدر بينهما ولد"، وحذف الفاعل ولم يقل: وإن يقدر الله للعلم به كما قال تعالى: {وخلق الإنسان ضعيفًا} [النساء: 28]. فحذف الفاعل للعلم به، يقول:"ولد" ذكر أو أنثى وهل الولد يطلق على الأنثى؟ نعم. "في ذلك لم يضره"، "في ذلك" أي: في ذلك الإتيان الذي يسمى عليه هذه التسمية، "لم يضره الشيطان أبداً" لم يضره ضرراً حسياً بدنياً أو ضرراً معنوياً أو دينيًا أو خلقيًا؟ نقول: الحديث عام لم يضره الشيطان حسًا ولا معنى ولا في الدين ولا في الخلق. وقوله: "أبدًا" تأكيد للنفي "لم يضره الشيطان أبدًا" كما في قوله تعالى: {ولا يتمنونه أبدا} [الجمعة: 7]. فهنا التأكيد تأكيدًا للنفي، هذا الحديث يتضح فيه تمامًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الرجل إذا أتى أهله أن يقول هذا الذكر ولكنه صلى الله عليه وسلم ساقه بصيغة العرض لا بضيعة الطلب وهذا من باب تغير الأساليب قد يكون الطلب بلفظ الأمر وقد يكون بألفاظ تفيده. نستفيد من هذا الحديث: الحث على هذا الذكر عند الجماع؛ لأن كل إنسان يود أن الشيطان لا يضر ولده وهذا من أسبابه.
ومن فوائد الحديث: الرد على الجبرية في قوله: "إذا أراد أن يأتي".
ومن فوائد الحديث: بركة البسملة وهو كذلك، فالبسملة فيها بركة عظيمة، يدل على بركتها أن الإنسان إذا سمى على الذبيحة حلت، وإذا لو يسم حرمت إذا سمى على الأكل امتنع الشيطان من مشاركته، وإذا لم يسم شاركه الشيطان فيه.
ومن فوائد الحديث: إثبات أن الشيطان قد يسلط على الولد لقوله: "لم يضره" إذا قال هذا الذكر؛ إذن لو لم يقله لكان عرضة للضرر. فيستفاد منه: أن الشيطان قد يسلط على الولد كما يسلط على الوالد. ويستفاد منه: الرد على منكر الأسباب، وهم نفاة الحكمة من الجهمية والأشعرية وغيرهم يقولون: إن الأسباب لا تأثير لها سواء كانت حسية أو شرعية، والحقيقة أن الشرع كله يرد على هؤلاء؛ لأن على تقدير صحة القول يكون الإيمان والعمل الصالح ليسا سبباً لدخول الجنة، والمعاصي ليست سببًا لدخول النار، وهذا قول باطل كل الشرع يرده، والواقع يرده؛ لأن هؤلاء يقولون: إنك إذا ضربت الزجاجة بالحجر وانكسرت الزجاجة برميها بالحجر فإنها لم تنكسر بالرمي انكسرت عند الرمي لا بالرمي، والعجيب أن صبياننا الصغار إذا ضربت الحجر بالفنجان وانكسر يقولون كسرت الفنجان بالحجارة، فهم يعرفون هذا بينما يجهله هؤلاء الرجال الأذكياء يقولون: السباب لا تؤثر وإنما يحصل الأثر عندها لا بها وهذا شك لأنه خطأ، لماذا قالوا هذا؟ قالوا: لو أنك أثبت للأسباب أثر لأشركت بالله؛ لأنك جعلت خالقًا مع الله مؤثرًا، والذي يؤثر ويخلق هو الله، فنقول لهم: إن الأسباب ليست مؤثرًا بذاتها، ولكن بما أودع الله فيها من القوة المؤثرة، ولو شاء لسلب هذه الأسباب أثرها، أرأيتم النار سبب للإحراق وإذا أراد الله أن يسلبها هذا سلبًا، فقد كانت النار على إبراهيم بردًا وسلامًا ولم تحرقه؛ إذن نحن نقول إحراق النار للأشياء بإذن الله لكن الله جعل فيها قوة تؤثر في المسببات. ومن فوائد الحديث: جواز حبس الفاعل للعلم به من قوله: "إن يقدر"؛ لأن المقدر هو الله، يقولون: قد يحذف الفاعل للستر عليه كرجل رأى سارقًا يسرق البيت فقال: يا أيها الناس، سرق البيت وهو يعرف السارق هذا ستر عليه، وقد يكون للجهل به كما لو رأى سارقًا يسرق البيت لكن لا يدري من فقال: سرق البيت فهذا للجهل به. فإذا قال قائل: كيف نحدد أنه للجهل أو أنه للستر عليه أو أنه للعلم به؟ نقول: السياق، لو أن أحدًا من الناس أورد علينا قصة رجل كان يسمي هذه التسمية ويستعيذ هذه الاستعاذة كلما أتى أهله ولكن الله رزقه أولادًا شياطين، فماذا نقول؟ نقول هذا سبب والسبب قد يكون هناك موانع تمنع من تأثيره ولنفرض البيئة "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". فالبيئة قد تؤثر وتكون سببًا لتسلط الشيطان على هذا المولود لكن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمنا بالأسباب لتقوم بها وما عدا ذلك فهو إلى الله ربما يقول الآتي