الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصلاً ولهذا يخطئ بعض طلبة العلم الذين يقولون: إن الصفة الفعلية إذا فعلها الله صارت صفة ذاتية فإن هذا خطأ؛ لأن الصفة الفعلية متعلقة بمشيئة إيجادًا وتركا لو اقتضت حكمته أن يتركها كما نقول في النزول إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخر، فإذا طلع الفجر زال النزول.
ومن فوائد الحديث: إثبات السخط لله عز وجل لقوله: "كان ساخطًا عليها"، والسخط الصفات الفعلية؛ لأن كل صفة لله ذات سبب فهي صفة فعلية؛ ووجه ذلك: أن الصفة المعلقة بسبب لا تكون إلا إذا وجد السبب، إذن فهي متعلقة بمشيئة فتكون من الصفات الفعلية. فإن قال قائل: قلتم: إن شأن الجماع موكول الزوج فما تقولون فيما لو طلبت الزوجة ذلك فأبى عليها وغضبت هل يستحق الزوج هذا الوعيد؟
الجواب: أنه لا يستحق، ولكن يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف وأن يجامعها حسب ما جاء به العرف وهذا يختلف باختلاف المرأة وباختلاف الرجل وباختلاف حال الإنسان فالإنسان المشغول ليس كالإنسان المتفرغ، والمريض ليس كالصحيح
…
وهكذا، نقول: إن للمرأة حقًا في طلب الجماع، ولكن ليس كحق الرجل فهو الذي له الشأن في هذا لكن هي لها حق أيضًا.
حكم الوصل والوشم:
980 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة". متفق عليه. قوله: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم أي: دعا عليها باللعن، وليس هذا بمعنى السب فيما يظهر بل معناه دعا عليها بلعنة الله عز وجل وقوله: "الواصلة" أي: التي تصل شعر النساء، و"المستوصلة": التي تطلب من يصل شعرها فالواصلة هي الفاعلة والمستوصلة هي المفعول بها والواشمة كذلك والمستوشمة التي تطلب من يشيمها فما هي الواصلة؟ الواصلة هي التي تصل شعرها بشعر آخر تطويلاً لشعر الرأس وكان الناس في الجاهلية وفي الإسلام أيضًا يرون أن طول شعر المرأة من محاسنها ومما يرغب فيها فكانت المرأة تحرص على أن يكون شعرها طولاً وتفخر على النساء بطول شعر رأسها، فإذا كان شعرها قصيراً ذهبت تصله بشعر يكون مناسبًا لشعر البشر؛ لأجل أن يظنها من يراها طويلة الشعر. وقوله: "الواصلة" ظاهرة أنها من وصلت شعرها بأي شيء سواء كان شعرًا أم غير شعر
ولكن بعض العلماء يرى أن من وصلته بغير الشعر فليست داخلة في الحديث؛ يعني: لو وصلته بخرز أو بشعر اصطناعي فإنه ليس داخلاً في هذا الحديث ولكن عند الفوائد التفصيل، "الواشمة والمستوشمة الوشم هو: أن تغرز المرأة جلدها بإبرة حتى يبرز الدم ثم تحشو هذا المكان بكحل أو نحوه، فإذا فعلت ذلك ثم تلاءم الجلد عليه بقيت هذه الصبغة دائمة؛ لأنها من تحت الجلد فلا يؤثر فيها الماء ويختلف النساء في الوشم منها من تشمه على صورة النخلة أو على صورة أسد أو على صورة إنسان أو على صورة وشي، يعني: تطريز، المهم أنهن يختلف، والحديث عام، أي وشم يكون. وقوله:"المستوشمة" هي التي تطلب من يشمها فتفعل هذا وإنما لعن النبي صلى الله عليه وسلم هاتين المرأتين لأنهما حاولنا مضادة الله في حكمه القدري حيث أرادتا أن تكملا أنفسهما الأولى تكمل الشعر والثانية تكمل الجلد بهذه النقوش فلهذا استحقت كل واحدة منهما اللعن وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
يستفاد من هذا الحديث: أن الوصل والوشم من كبائر الذنوب، من أين يؤخذ؟ من لعن البني صلى الله عليه وسلم واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر. ويستفاد منه: أن من حاول أن يجمل نفسه بخلاف خلق الله فإنه داخل فيمن غير خلق الله وهو من أوامر الشيطان. فإن قال قائل: الوصل ذكرتم أن من العلماء من قال بعمومه سواء بشعر أو بغير شعر، ومنهم من قال: بخصوص الشعر فأي القولين أصح؟ نقول: الصحيح أنه إذا وصلته المرأة بشعر فلا شك أنه داخل في الحديث أو بشعر صناعي فهو داخل في الحديث؛ لأن من رآه يظن أنه شعر طبيعي وأما من وصلته بشيء آخر يتبين أنه ليس بشعر فإن هذا لا يدخل في الحديث مثل أن تعقد على شعرها شيئًا يتدلى وينزل فهذا لا بأس به ولا حرج فيه؛ لأنه لا يدخل في الحديث ولا يحصل به التغيير لخلق الله عز وجل والنساء الآن يستعملن مثل هذا على رءوسهن خرقًا وورداء وأشياء كثيرة تتدلى هذه لا تدخل في الحديث. فإن قال قائل: هل الباروكة تدخل في هذا؟ أولاً: يرى بعض علمائنا أنها داخلة في الوصل وأنها حرام ويرى آخرون أنها ليست داخلة
وأنها لم تصل وإنما ليست قبعًا لها شعر يتدلى، ولكن الظاهر لي أنها تدخل في الوصل؛ لأنها إذا لبست هذا على رأسها وتدلى الشعر في هذه الباروكة فإن الناظر عليه يظنه شعراً وأما قول من قال ليست بوصل لأنه لم يتصل بشعر الرأس فيقال العبرة بالمعاني وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم تعرف هذه الباروكة، لكن يعرف الوصل الربط أما الآن فعرفت والذي يراها يقول: إنها رأس حقيقي تمامًا فتدخل في هذا الحديث.
ومن فوائد الحديث: وأنه من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله، ولكن إذا قال قائل: لو أن المرأة وشمت نفسها على أنه وشم تتبين به لا من أجل الزينة، يعني: مثلاً هذه القبيلة قالت: سنجعل لنا وشمًا كما أننا نضع وشمًا على الإبل والبقر والغنم بالكي نجعل وشمًا بالوشم لأجل إذا رؤيت هذه المرأة أو هذا الولد قيل هذه من القبيلة الفلانية فهل يجوز هذا؟ لا يجوز لأن الحديث عام ثم إن الفرق بين الإنسان والبهيمة ظاهر، البهيمة لو سألت البعير من أنت لا تفيدك إلا رغوًا، البشر لو سألته من أنت؟ قال: أنا من القبيلة الفلانية فهو ليس بحاجة إلى هذا، المهم: أن الوشم من كبائر الذنوب سواء كان للزينة أو للعلامة، أو غيرها. فإن قال قائل: الواشمة لعنها ظاهر لكن المستوشمة كيف تلعن؟ نقول: لأنها طالبة، وبناء على ذلك فإذا وشمت الجارية وهي صغيرة غير مميزة فإنها لا تدخل في اللعن، يوجد الآن نساء يقلن: إن هذا الوشم الذي فينا لم نكن نعلم به ولا طلبناه فهل نستحق اللعنة؟ الجواب: لا، لأنها لم تدخل في المستوشمة. بقي أن يقال: هل يجب عليها إزالته؟ الجواب: الظاهر لي أنه إذا لم يكن عليها ضرر وجبت عليها إزالته، وإن كان عليها ضرر لم تجب، الضرر يكون على البدن عمومًا مثل أن يخشى عليها من سيلان الدم على وجه يضرها أو يخشى أننا إذا نزعنا هذا الوشم صار في الجلد بقعة مشوهة لاسيما إذا كان الوشم في الوجه فإنه لا شك أنه سيؤثر، ففي هذه الحال نقول إنه لا يجب ولكن ربما يأتي في يوم من الأيام دواء يكون سهلاً لإزالته، إذن لماذا وضع المؤلف هذا الحديث في باب عشرة النساء؟ لأن المرأة تحب أن تتزين لزوجها وتعتقد أن الوشم زينة أما الوصل فهو زينة.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للإنسان أن يغير خلق الله بالتجميل؛ لأن الواشمة والواصلة تغير خلق الله زيادة في الجمال، فأما إذا غير خلق الله إزالة للعيب فإن هذا لا بأس به ولا يدخل في النهي مثل لو كان في الإنسان أصبع زائدة فأراد أن يزيلها هل له ذلك؟ نعم؛ لأن هذا عيب