الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الحديث الثاني: ففيه دليل على أن ملل الكفر والإسلام لا يتوارث أهلها، لأن كل ذي ملة منفردون عن أصحاب الملة الأخرى ولا تعاون بينهم ولا موالاة ولا نصرة.
ميراث الجد:
909 -
وعن عمران بن حصين قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: لك السدس فلما ولى دعاه، فقال: لك سدس آخر، فلما ولى دعاه. فقال: إن السدس الآخر طُعمةٌ» . رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي.
- وهو من رواية الحسن البصري عن عمران، وفي سماعه خلاف.
وعلى هذا فيكون الحديث منقطعا، لكن لننظر هذا جد من جهة الأب؛ لأنه قال:«إن ابن ابني» فيكون جداً من قبل الأب، وسبق لنا أن الجد من قبل الأب ينزل منزلة الأب عند عدمه، وأنه لا يستثنى من ذلك شيء على القول الراجح؛ لأنه يسقط الإخوة ومسألة العمريتين قلنا إنه ليس النظر باعتبار ميراث الجد، ولكنه باعتبار ميراث الأم، وحينئذ لا استثناء بل الجد كالأب، بقي أن يقال كيف تتنزل هذه الصورة؟ نقول: تتنزل على عدة صور.
منها: أن يكون هذا الجد معه ابنتان لابنه فإذا كان معه ابنتان لابنه صار للبنتين الثلثان وللجد السدس فرضا والباقي تعصبا وهذا معنى قوله: «السدس الآخر طعمة» .
الصورة الثانية: لو كان هناك بنت وبنت ابن صار للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، ويبقى للجد السدس فرضا والباقي تعصيبًا، ويجب أن ينزل على هذه الصورة، لأن قواعد الفرائض معلومة بالشرع وهذه قضية عين لم تفصل فيها هذه القضية فتنزل على قضية يكون فيها الجد وارثا بالفرض وبالتعصيب ولم يبق أيضا إلا الثلث، لو كانت البنت واحدة وهذا الجد لكان للبنت النصف وللجد السدس فرضا والباقي تعصيبًا، إذن لا ينطبق على هذا الحديث لماذا؟ لأن الباقي بعد فرض السدس أكثر من السدس والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«لك السدس الآخر» .
يستفاد من هذا الحديث: أن الجد أبا الأب وارث وأنه يرث بالفرض وبالتعصيب لقوله: «لك سدس آخر» ولكن لابد أن يبين أن هذا السدس ليس فرضا وبيانه في هذا الحديث يؤخذ من
قوله: «السدس الآخر طعمة» ، هذا واحد، ومن قوله:«لك سدس آخر» ولم يقل لك السدس ب «أل» المعرفة وإذا أخذ السدس فرضا والباقي كان الثلث صار سدسا آخر على كل حال يجوز أن تقول لمن ورث بالتعصيب لك النصف ولكن الأولى أن تقول لك النصف مثل لو هلك هالك عن زوج وأب، نقول للزوج النصف وللأب الباقي هذا هو الأصل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما بقى فلأولى رجل ذكر» لكن لك أن تقول وللأب النصف ولكن يتبين أنه بالتعصيب لئلا يظن أن الأب يفرض له النصف.
من فوائد الحديث: أولاً: حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم بالشيء قبل الإقدام عليه؛ لأن هذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم على شيء.
ومن فوائده: تمام بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه يبين للناس ما نزل إليهم على أتم وجه، ولهذا أعطاه السدس الأول فرضا، ثم أعطاه السدس الثاني تعصيبًا.
ومن فوائده: أنه لا يجب أن يستفصل المفتي عن الموانع، هل هناك مانع من موانع الإرث أو لا؛ لأن الأصل أن وجود السبب موجب للمسبب والمانع طارئ، وعلى هذا فلو سألك سائل عن ميت مات عن أب وأم لا حاجة أن تقول هل الأب يصلي أو هل الأم تصلي بمعنى: أنه لا يلزم المفتي السؤال عن المانع، نعم يجب على المفتي أن يسأل عن سبب الحكم مثل لو قال قائل هلك هالك عن بنت وأخ وعم فهنا لابد أن يسأل عن الأخ هنا هل هو لأم أو لأب أو شقيق؛ لأن الحكم يختلف إن كان أخا من أم فليس له ميراث؛ لأن البنت تسقطه ويكون التعصيب للعم، وإن كان أخا لغير أم وهو الذي لأب أو شقيق فللبنت النصف والباقي له ويسقط العم هذا لابد فيه من الاستفصال، يعني: الشيء الذي يتوقف عليه ثبوت الحكم لابد فيه من الاستفصال، أما الموانع فلا يجب أن يستفصل المفتي عنها، لو قال: طلقت زوجتي هل يلزمه أن يقول: طلقتها وهي حائض أو في طهر جامعتها فيه أو لا؟ لا يلزمه؛ لأن الأصل صحة الطلاق وعدم وجود المانع، لكن لو جاء يسأله أنه يريد أن يطلق زوجته، حينئذ لابد أن يقول: هل هي حائض أو في طهر جامعتها من أجل أن يكتب الطلاق على وجه صحيح.