الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهل هذا الذي وجدته على ظاهر الأرض بدون حفر وبدون تعب هل إذا تملكته يكون فيه الخمس؟ نقول: لا يجب فيه الخمس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مال الله يؤتيه من يشاء» .
وأيضا يمكن أن يفرق بينه وبين الكنوز فإن هذا المال حصل فيه شيء من التعب وهو الإشهاد والإنشاد والمعاناة فى حفظه سنة كاملة، لكن الركاز تملكه بمجرد ما تحصل عليه تنتفع به في لحظة.
حكم اللقطة في مكة:
(903)
- وعن عبد الحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج» . رواه مسلم.
» نهى» ما هو النهي؟ طلب الكف على وجه الاستعلاء من الطالب، لأنه لولا أنه أعلى ما نهى؛ لأن الذي يكون بمنزلتك إذا نهاك عن شيء فإنما يلتمس يعني: يترجى، والذي يكون دوني يُسمّى دعاء، يعني: يستجدي لكن الذي ينهاك هو من كان أكبر منك فمثلاً هذا رجل ظالم باطش أراد أن يُوقع بك فقلت: لا تحبسني لا تضربني هذا استجداء يسمونه دعاء، لكن ينبغي أن يكون الدعاء لله رب العالمين، هذا لا يمكن نسميه نهيا، فإذا قال رجل لابنه: يا ولد لا تخرج، هذا نهي، لماذا؟ لأنه على سبيل الاستعلاء، زميل قال لزميله: من فضلك لا تفعل معي كذا، هذا التماس.
على كل حال: النهي هنا من الناهي؟ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن توجيه النهي إلينا على سبيل الاستعلاء يعني: أنه جاء من أعلى إلى أدنى، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه علو وليس فيه تكبر، بل هو أشد الناس تواضعًا، لكنه جاء من أعلى إلى أدنى.
وقوله: «عن لقطة الحاج» اللقطة سبق تعريفها، و «الحاج» هو: من قصد مكة لأداء المناسك، ويصح أن نصفه بأنه حاج بمجرد إحرامه بالحج، فلو أحرم من ذي الخليفة قيل: إنه حاج، لقول عائشة رضي الله عنها: وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فمن حين يحرم بالحج يقال: إنه حاج، فإذا ضاع من المحرم بالحج لقطة فإن الحديث ينطبق عليه في ظاهره أنه ينهى عن لقطته فإذا وجدّت في مكان الحاج الذي نزلوا فيه لقطة ولو كانوا في بدر، فإنك لا تأخذها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج، وهؤلاء محرمون بالحج، فلقطتهم لقطة حاج، هذا ظاهر الحديث لكن الظاهر -والله أعلم- أن المراد بلقطة الحاج، إنما نهى عنها، لا لأنه حاج، ولكن لأنه في مكة، وإنما قيل: الحاج بناء على الغالب، هذا الذي يظهر وهو وإن كان خلاف ظاهر اللفظ، لكن
أحوجنا إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مكة: «لا تحل ساقطتها إلا لمنشد» ، وعلى هذا فنقول: إن النهي عن لقطة الحاج لا لأنه حاج، ولكن لأنه بمكة، ويكون المراد النهي عن لقطة من في مكة.
هذا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ الصحيح أنه للتحريم، وأنه لا يجوز للإنسان أن يلتقط اللقطة في مكة إلا إذا كان يريد إنشادها ولا يريد أن يتملكها، لأن اللقطة في غير مكة يلتقطها الإنسان على أنه يشدها وبعد سنة يتملكها لكن في مكة لا يجوز أن يلتقطها إلا بنية أنه سينشدها دائماً.
فيستفاد من الحديث: تحريم التقاط اللقطة في مكة، ولكن لو قال قائل: ما الحكمة من ذلك؟
نقول: الحكمة أن هذا من باب احترام هذا المكان، لأن هذا المكان يجب أن يكون آمنا، أنظر إلى الشجر والحشيش في هذا المكان آمن لا يجوز لأحد أن يقطع شجره أو يحش حشيشه، الصيد آمن فإذا كان كذلك فأموال الآدميين يجب أن تكون آمنة، افرض أن أمامك الآن رزمة دراهم عشرة آلاف ريال وجدتها في السوق، نقول: لا تأخذها إلا إن كنت تريد أن تنشدها دائما، لماذا؟ لأنك إذا تركتها أنت وتركها من بعدك والثالث والرابع وهكذا، في النهاية يأتي صاحبها ويجدها.
ولكن إن قال قائل: لو أن الإنسان خاف أن يجدها شخص لا يعرفها يتملكها، فهل له أن يأخذها؟
نقول: له ولكن بشرط الإنشاد أو أن يعطيها الجهات المسئولة إن كان هناك جهات مسئولة مرتبة لاستقبال ما يلتقطه الناس، وهذا في الحقيقة بالنسبة لمكة أمر ينبغي أن تقوم الدولة به أي: بأن تضع لجنة مأمونة لاستقبال ما يلتقطه الناس في مكة، لأن هذا فيه حفظ للأموال، وفيه إزالة الحرج عن الناس، لأني أنا سأكون محرجًا إذا وجدت عشرة آلاف على الطريق إن أخذتها مشكل، وإن تركتها مشكل، فأبقى محرجا، لكن إذا علمت أن هناك جهة مسئولة تستقبل هذه الملتقطات، سهل علي أن آخذها وأوصلها إليها