الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبرِّح". فأذن في ضربهن؛ ولأن المعنى يقتضي ذلك، فالمرأة ناقصة العقل، وناقصة الدين إذا لم تضرب عند الحاجة فإنها لن تستقيم، فلابد من الضرب إذا كانت لا تستقيم إلا به.
وفيه: إشارة إلى أنه ليس من الحكمة أن يمنع الأستاذ من ضرب التلاميذ إذا دعت الحاجة إلي ذلك لاسيما الصغار، الصغير مهما نصحته فإنه لا يستفيد الفائدة المطلوبة؛ فإذا قلنا: لا تضربه؛ فمعناه: أنا فتحنا له الباب أن يركب على رءوسنا وألا يهتم، فالشرع والعقل يدلان على أنه إذا كان الضرب سببًا للاستقامة والتقويم فإنه لا بأس به، لكن الممنوع الضرب المبرح الموجع المؤلم أو الجارح، أو الضرب الذَّي لا يناسب الحال كضرب المرأة ضرب العبد.
ومن فوائد الحديث: أن للإنسان السلطة في تأديب امرأته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن له أن يجلدها لكن ليس كجلد العبد.
ومن فوائد الحديث: أن له السلطة في جلد عبده.
ومن فوائد الحديث: مراعاة الحكمة في الأفعال إيجادًا أو إعدامًا، والشرع كله مبني على الحكمة؛ ولهذا تجدون أن الله إذا ذكر بعض الأحكام ختمها بالحكمة:{إباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11]. وفي أصناف الزكاة قال: {فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: 60]. وفي الحكم في المهاجرات وما يتعلق بذلك قال: {ذالكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم} [الممتحنة: 10]. فالشرع كله مبني على الحكمة، وهي وضع الشيء في موضعه.
6 - باب الخلع
ويقال: الخلع، وهو بالفتح مصدر خلع يخلع خلعًا، وبالضم: المعنى، والخلع والخلع في الأصل فسخ الشيء والتخلص منه، ومنه خلع الثوب، خلع النعل، خلع الخف، يعني: تتخلص منه واستعير هذا الاسم لمفارقة الزوجة، استعارة الفقهاء- رحمهم الله لمفارقة الزوجة، ووجه المناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى الجديد: أن المرأة لباس للرجل والرجل لباس للمرأة، كما قال تعالى:{هن لباس لكم وأنتم لباس لهَّن} [البقرة: 187]. فالتفرق بينهما كالتفرق بين الجسم. والثوب يعتبر خلعًا، ولو قلنا:"باب فراق الافتداء" لكان هذا أنسب بالنسبة لتعبير القرآن، قال الله تعالى:{فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]. فسمى الله تعالى هذا الفراق افتداء؛ لأن المرأة تفتدي من الزوج ببذل ما تبذله للتخلص منه؛ ولهذا نقول: الخلع أو فراق الافتداء هو فراق
الزوجة بعوض بألفاظ معلومة، وقولنا:"بعوض" مطلق لم يبين من أين يكون هذا العوض، فقد يكون من الزوجة، وقد يكون من أبيها أو وليها، وقد يكون من رجل أجنبي لا علاقة له بها لكنه رآها متضررة فأحسن إليها ببذل العوض لزوجها ليفارقها، إذن عوض الخلع يكون من الزوجة أو وليها أو رجل أجنبي لكن يشترط إذا كان العوض من غيرها وغير وليها أن يكون المقصود به مصلحة الزوج لا الإضرار بالزوج أو بالزوجة أو لحظ النفس؛ لأن باذل العوض قد يبذله للإضرار بالزوجة، وقد يبذله للإضرار بالزوج وقد يبذله لمصلحة نفسه كل هذا لا يجوز بذله للإضرار بالزوجة ظاهر كأن يأتي إنسان إلى شخص ويقول: طلَّق زوجتك وهذه عشرة آلاف ريال فيغريه بالمال حتَّى يطلِّقها؛ لأن بينه وبين الزوجة عداوة فيريد أن يخلصها من الزوج هذا حرام واعتداء على حق الزوجة، وربما يقصد الإضرار بالزوج، وهنا قد تتساءلون كيف يكون إضرارًا بالزوج والأمر بيد الزوج؟ نقول: نعم؛ لأن بعض الأزواج يكون عنده طمع في المال الكثير، فإذا أغري به نسي كل شيء ثمَّ بعد أن تقع الواقعة يندم، كأن يأتي شخص لشخص يحب زوجته ويقول له: أنا أعطيك عشرة آلاف تبني بيتًا وتشتري سيارة ويغريه فيخلع الزوجة وبعدئذ يندم.
لمصلحة الباذل كأن يكون رجل أعجبته زوجة إنسان آخر فأرادها لنفسه فذهب إلى الزوج وأغراه بالمال ليخلعها فيأخذها هذا الباذل هذا أيضًا حرام، وقد استعظم الإمام أحمد هذه المسألة وقال: كيف يكون هذا؟ !
إذن بقي لنا قسم رابع: أن يكون لمصلحة الزوجة أو لمصلحتهما جميعًا، أي: مصلحة الزوج والزوجة؛ فحينئذ يكون بذل العوض من الأجنبي جائزًا؛ بل قد يكون محمودًا إذا أراد أن يخلصهما من المشاقة والمنازعة قد يعلم الرجل أن بين هذين الزوجين من الشقاق والنزاع ما يجعلهما في جحيم فيذهب محسنًا إليهما ويعطي الزوج ما يعطيه من المال من أجل أن يفارقها، هذا رجل محسن وجزاه الله خيرًا؛ إذن العوض يكون مبذولاً ممن؟ من الزوجة أو وليها أو أجنبي، والأجنبي إذا بذل العوض فإنه ينقسم إلى أربعة أقسام: أن يكون لمصلحة الزوج أو الزوجة، أو لمصلحتهما جميعًا، فهذا جائز محمود يؤجر الإنسان عليه ويثاب عليه.
الثاني: أن يكون للإضرار بالزوجة أو الإضرار بالزوج أو لمصلحة الباذل، ففي هذه الحال يحرم عليه؛ لأنه عدوان، والأصل في الخلع قوله تعالى:{ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئًا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]