الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا هلك عن بنت وأب هل يرث هنا بالتعصيب أو بالفرض أو بهما؟ يرث بهما للبنت النصف، وللأب السدس فرضا، والباقي تعصيبًا لماذا لا نقول وللأب الباقي؟ نقول: لأن الله قال: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ} [النساء: 12]. هنا فيه ولد، فلابد أن نعطي الأب السدس فرضه ثم له الباقي بالتعصيب، ولكن لاحظ إذا كنت تقسم هذه المسألة للعامي لا تقل له: السدس فرضنا والباقي تعصيبًا، لو قلت له ذلك يشوش عليه، ولكن تقول له بينه وبين البنت، للبنت النصف وله الباقي لأن العامي لو قلت له: للبنت النصف وللأب السدس فرضنا والباقي تعصيبا شوش عليه.
فائدة: الفرع الوارث كل واحد من الفروع ليس بينه وبين الميت أنثى.
ميراث الجد والجدة:
الجد والجدة هما من أصحاب الفروض، أما الجد فدليله أنه أب، الجد أب قال الله تعالى:{مّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]. وإبراهيم ليس أبا للرسول وأصحابه؛ لأن بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم آباء كثيرين، لكنه جدّ فسماه أبا وقال تعالى:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]. إبراهيم جده لكنه جعله أبًا، فهذا هو الدليل على أن الجد يرث ميراث الأب، فإذا كان يرث ميراث الأب ففرضه السدس لا يزيد ولا ينقص لكنه أحيانا يرث بالفرض إذا وجد فرع وارث من الذكور ويرث بالتعصيب إذا لم يوجد فرع وارث، وبالفرض والتعصيب إذا كان الفرع الوارث أنثى. إذن الجد كالأب.
ولكن من المراد بالجد هنا؟ المراد به: من لم يكن بينه وبين الميت أنثى، فأما من كان بينه وبين الميت أنثى فليس بوارث، فأب الأم لا يرث لأن بينه وبين الميت أنثى وأبو الجدة لا يرث، وأبو الأب يرث وأبو الجد من قبل الأب يرث، وأبو الجد من قبل الأم لا يرث، فصار ميراث الجد كميراث الأب، ولكن يجب أن تعلم أن الأم مع الجد في إحدى المسألتين العمريتين ليس كالأم مع الأب، لأنها مع الجد ترث الثلث كاملاً، الاختلاف هنا في ميراث الأم، فالأم مع الجد ليست كالأم مع الأب.
مسألة العمريتين: فيما إذا هلك هالك عن زوج وأم وجد فللزوج النصف، وللأم الثلث، والباقي للجد، الجد أخذ السدس الآن، ولو هلك إنسان عن زوجة وأم وجد، فللزوجة الربع، وللأم الثلث، وللجد الباقي، فصار الآن الجد مثل الأب لكن في العمريتين يكون ميراث الأم الثالث كاملاً في مسألة الجد وثلث الباقي في مسألة الأب.
أما الجد مع الإخوة فقد اختلف العلماء هل حكمه حكم الأب أو يختلف؟ والصحيح أن حكمه حكم الأب، وهذا مذهب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وثلاثة عشر صحابيا،
ومذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وشيخنا عبد الرحمن السعدي وشيخنا عبد العزيز بن باز - وهو الحق -، أي: أن الجدّ مع الإخوة كالأب مع الإخوة، وعلى هذا فيسقطهم، فإذا هلك إنسان عن جد وأخ شقيق فالمال للجد، وذهب بعض العلماء إلى أن الإخوة لا يسقطون بالجد إلا إن كانوا من أم فقط، فإنهم يسقطون به أما إذا كانوا أشقاء أو لأب فإنهم لا يسقطون به، ويرثون معه على تفاصيل لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، بل الكتاب والسنة يدلان على خلاف هذه التفاصيل، ووجهه: أنه لو كانت هذه التفاصيل المذكورة في باب الجد والأخوة حقا لبينها الله في كتابٍ أو لبينها الرسول صلى الله عليه وسلم كما بين ميراث الأم بالتفصيل، وميراث الأبوين بالتفصيل، وميراث الزوجات بالتفصيل، وميراث الأزواج بالتفصيل، فأين في كتاب الله ثلث الباقي أو السدس الكل أو المقاسمة أو ثلث المال أين هذا؟ إذن الذين قالوا بتوريث الإخوة الذين ليسوا لأم مع الجد ليس لهم دليل لا من الكتاب ولا السُنة ولا الإجماع ولا القياس الصحيح، بل إن الكتاب والسنة يدلان على خلاف هذا القول، وأقوال بعض الصحابة ليست بحجة إذا كانت لا يدل عليها الكتاب ولا السُنة ولم يجمع عليها الصحابة، ولو أردنا أن نأخذ بأقوال الصحابة أو نحتج بها - وهي حجة بلا شك - لكن قصدي في هذه المسألة- لكان أولى الناس في الاحتجاج بقوله أبا بكر وهو لم يقل بذلك، إذن الجد كالأب إلا في باب الإخوة لغير أم فإن فيه خلافا، والصحيح أنه كالأب.
وأما العمريتان فينبغي أن يكون مورد الاستثناء ميراث الأم فتقول: إن الأم مع الجد في باب العمريتين تختلف عنها مع الأب والاختلاف ظاهر؛ لأنها هي والأب في منزلة واحدة، أما مع الجد فهي أقرب منه، فلذلك لم يكن هناك ضرر إذا قلنا: إنها ترث الثلث كاملاً وإن زادت على نصيب الجد؛ لأنها قد تزيد على نصيب الجد، ففي زوج وأم وجد من ستة للزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث اثنان، وللجد الباقي واحد، فزادت عليه، وفي زوجة وأم وجد من اثني عشر للزوجة الربع ثلاثة، وللأم الثلث أربعة، والباقي خمسة للجد.
بقي لنا الجدة وأمرها سهل، لا ترث إلا السدس لا تزيد ولا تنقص بشرط ألا تُدلي بأبٍ لا يرث، يعني: لا تدلي بأب قبله أنثى فأم الأم ترث، أم الأب ترث أم أم أم أم الأم خمس مرات ترث، وأم أب الأب خمس مرات ترث، أم أب الأم لا ترث لأنها أدلت بذكر مسبوق بأنثى فلا ترث، الدنيا تحجب العليا يعني: القريبة تحجب البعيدة، فأم أم تحجب أم الجد؛ لأنها أقرب منزلة وأم الأب تحجب أم الجدة أيهما أقرب؟ أم الأب، والأم تحجب الجدة، كل الجدات.