الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: «أو أهله» ، «أو» هذه للشك من الراوي، يعني: هل لفظ الحديث بغير إذن مواليه أو
بغير إذن أهله، والمعنى واحد، إذن المراد بالموالي هنا الملاك.
وقوله: «فهو عاهر» أي: زان، وذلك لأن نكاحه غير صحيح، إذ إن العبد لا يملك أن يُزوج نفسه، ودليل ذلك في القرآن قوله تعالى:{وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32].
{عِبَادِكُمْ} جمع عبد وهو الذكر المملوك، فقوله:{وَأَنكِحُوا} يدل على أن العبد لا يزوج نفسه، وإنما يزوج فهو كالأيم الأنثى التي مات عنها زوجها أو فارقها، لا تُنكح نفسها، بل يُنكحها وليها، إذن فتزوج العبد بغير إذن مواليه، أي: أسياده كتزوج المرأة بغير ولي.
يُستفاد من هذا الحديث: أنه يشترط لصحة نكاح العبد أن يأذن سيده إذا أذن فهل هو يزوج نفسه أو لابد أن يزوجه السيد؟ نقول: ظاهر الحديث أنه أذن فله أن يزوج نفسه بخلاف ما إذا كانت المرأة قد أذن لها وليها أن تتزوج فليس لها أن تُزوج نفسها؛ وذلك لأن المرأة ليست أهلاً للعقد أصلاً بخلاف العبد فإنه أهل للعقد ولذلك إذا عتق زوج نفسه، فعدم تزويج نفسه ما دام مملوكا لا لعدم الأهلية ولكن لوجود مانع وهو الملك، إذن للسيد إذا أراد أن يزوج العبد طريقان الأول: أن يقول ولي المرأة: زوجت عبدك فلانا ابنتي فلانة، فيقول السيد: قبلت النكاح لعبدي، يقيد لا يقول: قبلت النكاح فقط، الصيغة الثانية: أن يقول السيد لعباده: تزوج، فيقول ولي المرأة للعبد نفسه، زوجتك بنتي فلانة، فيقول العبد: قبلت.
حكم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو أختها:
946 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها» . متفق عليه.
«لا» نافية ولكن هذا النفي بمعنى النهي: أي: لا تجمعوا بين المرأة وعمتها - يعني: في النكاح- لأن المرأة في هذه الحال تكون بنت أخي الأخرى، «ولا بين المرأة وخالتها» ، لأنها تكون بنت أختها، فلا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها.
هل نقول في هذه الحال: إن عمة الزوجة حرام وخالة الزوجة حرام على الزوج؟ يُعبر بعض العلماء بذلك فيقول: هذا حرام، ولكنه تحريم إلى أمد، ولكن الصحيح أنها ليست حرامًا، إنما الحرام الجمع، فنقول: هكذا اتباعًا للفظ القرآن والسنة، ففي القرآن {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]. ولم يقل: وحرمت عليكم أخوات نسائكم، وفي السنة هذا الحديث، ولم يقل: حرمت عليكم عمات نسائكم وخالات نسائكم، والمحافظة على
?
اللفظ الذي جاء في القرآن والسنة لا يولد إشكالاً، وما قاله الفقهاء رحمهم الله ولد إشكالاً، فإن بعض الناس ظن أنها -أي: أخت الزوجة أو عمتها أو خالتها- لما كانت حرامًا فإنها تكون محرمًا، والذي ظن ذلك هم العامة قالوا: مثل أم الزوجة حرام على الزوج وهي محرم، إذن أخت الزوجة محرم إلى وقت معين وعمتها محرم إلى وقت معين وخالتها محرم إلى وقت معين! ! فإذا قلنا: ليست أختها حرامًا وليست عمتها حرامًا وليست خالتها حرامًا، ولكن الحرام هو الجمع زال الإشكال، وصار توهم المحرمية غير وارد، إذن فالمحرم الجمع، إذا ضممنا هذا الحديث إلى الآية الكريمة صار النساء اللاتي يحرم الجمع بينهن ثلاثة: أخت الزوجة، وعمتها، وخالتها فقط وهذا يسير جدا.
إذا قال قائل: هل مثل ذلك أختها من الرضاع، عمتها من الرضاع، خالتها من الرضاع؟
فالجواب: نعم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ، فإذا حرم الجمع بين الأختين من النسب حرم الجمع بينهما من الرّضاع، وإذا حرم الجمع بين المرأة وعمتها من النسب حرم الجمع بينها وبين عمتها من الرضاع، وإذا حرم الجمع بين المرأة وخالتها من النسب حرم الجمع بينها وبين خالتها من الرضاع، خلافا إلى ما ذهب إليه شيخ الإسلام من أن أخت الزوجة من الرضاع وعمتها وخالتها لا يحرم الجمع بينهن وبين الزوجة؛ لأن عموم الحديث: ويحرم من الرضاع ما تجرم من النسبة تدخل فيه هذه الصورة، فإنه إنما حرم الجمع بين الأختين من أجل النسب، إذن يحرم الجمع بين الأختين من أجل الرضاع كما حرم الجمع بينهن من أجل النسب، وكذلك يقال في المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، هل يجوز للإنسان أن يجمع بين زوجة رجل وبنته من غيرها؟ يجوز، لأن الذي يحرم الجمع بينهن ثلاث فقط وما عدا ذلك لا يحرم.
هل يجوز أن يجمع بين المرأة وبنتها من غير زوجها؟ يعني: مات رجل عن امرأة ثمّ تزوجها إنسان ثم جمع إليها بنتها من غيره؟ لا يجوز، لماذا؟ لأنها أم امرأته، وقد قال تعالى في المحرمات إلى الأبد:{وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} [النساء: 22]، إذن بين زوجة الرجل وبنته من غيرها جائز، بين زوجة الرجل وابنتها من غيره لا يجوز حَتَّى لو طلق البنت أو ماتت لا يجوز أن يتزوج أمها؛ لأنها من المحرمات إلى الأبد، هذا الذي ذكر أحسن بكثير من قول بعض الفقهاء: كل امرأتين لو قدرت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى لم يحل أن يتزوجها لأجل النسب أو الرضاع لا لأجل الصهر، هذا أسهل أو اللفظ القرآني والنبوي؟ القرآني والنبوي أفضل بكثير؛ لأنك تقول: الذي يحرم الجمع بينهن ثلاث فقط: المرأة وأختها، والمرأة وعمتها، والمرأة وخالتها وانتهت.
فإذا سألك سائل: هل يجوز أن يجمع بين زوجة إنسان وبنته من غيرها؟