الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جدة لكن لا ترث لأنها أدلت بغير وارث، أم أم الأب هل ترث؟ ترث لأنها مدلية بوارث؛ لأن بنتها التي هي الجدة الأولى ترث، أم أب الجدة هل ترث؟ لا ترث؛ لأنها أدلت بغير وارث؛ لأن كل جد أدلى بأنثى فلا يرث، إذن من أدلى به فليس بوارث.
خلاصة الكلام في هؤلاء الجدات: أن الذي يرث أم الأم وإن علت أمومة، أم الأب وإن علت أمومة وهذا بالاتفاق، أم أب الأب وإن علت أمومة، أم جد الأب وإن علت أمومة ترث على القول الراجح، وهو من أدلت بوارث ورثت ومن أدلت بغير وارث لم ترث.
كيف توزع السدس؟ إذا كن في منزلة واحدة فهو بينهن، وإن كانت إحداهن أدنى فهو لها وحدها لا فرق بين التي تدلي بالأم والتي تدلي بالأب، إذا مات عن أم أم أم وعن أم أب فللثانية، ولو مات عن أم أم أب وأم أم للثانية أيضا، وعن أم جد وأم أب وأم أم للأخيرتين دون الأولى؛ لأن الأولى أبعد.
في هذا الحديث فوائد منها: أن الجدة وارثة لقوله: «جعل للجدة» .
ومن الفوائد: أن ميراث الجدة السدس.
ومن فوائده: أنه يشترط في ميراث الجدة ألا يكون دونها أمّ، فإن كان دونها أم فلا ميراث لها؛ لأن الأم تحجبها، ويتفرع على هذه الأخيرة أن العليا من الجدات محجوبة بالدنيا، فمن هي أدنى تحجب من هي أعلى، لكن ذكرنا قاعدة في ميراث الجدة، وهي شرط ثالث أن تُدلي بوارث، فإن أدلت بغير وارث فليس لها ميراث؛ لأنه إذا كان الأصل لا يرث فالفرع من باب أولى، ولهذا لابد أن تكون الجدة مدلية بوارث.
ميراث الخال وذوي الأرحام:
911 -
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخال وارث من لا وارث له» . أخرجه أحمد، والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، وصححه الحاكم وابن حبان.
912 -
وعن ا [ي أمامة بن سهل رضي الله عنه فال: «كتب عمر إلى أبي عبيدة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له» . رواه أحمد، والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان.
هذان الحديثان في ميراث الخال، والخال أخو الأم، وأخو الجد، وأخو أم الجدة، وأخو جدة الجدة وإن علوا، فكل من كان خالاً لشخص فهو خال لذريته إلى يوم القيامة، هذه قاعدة تفيدك حتى في النسب في تحريم النكاح، خالك أخو أمك، أخو أم أبيك خالك وهو خال أبيك، خال جدك، خال جد جدك خالك وهكذا.
قوله: «الخال وارث من لا وارث له» ، يعني: بفرض أو تعصيب، وذلك لأن الورثة ثلاثة أصناف: ذوو الفرض، وذوو التعصيب، وذوو رحم، أما ذوو الفرض فعشرة، وأما ذوو التعصيب فخمس جهات، وقد عرفنا ذلك، ما عدا هؤلاء من الأقارب فهم ذوو رحم، والرحم هم القرابة كما قال تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]. وقال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. فكل قريب ليس من ذوي الفروض ولا من العصبة فهو من ذوي الأرحام.
نأتي للخال هل هو صاحب فرض؟ لا، هل هو من العصبة؟ العصبة جهتهم بنوة وأبوة وأخوة وعمومة وولاء، هل هو منهم؟ إذن هو من ذوي الأرحام، فإذا مات ميت ليس له إلا خال، فالمال لخاله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«الخال وارث من لا وارث له» أي: من ليس له فرض أو تعصيب، مات ميت عن أخي جدته وليس له سواها، فالمال له لقول النبي صلى الله عليه وسلم «الخال وارث من لا وارث له» ، وهذا الحديث أحد أدلة القائلين بميراث ذوي الأرحام؛ لأن العلماء مختلفون في ذوي الأرحام هل يرثون أم لا؟ فمنهم من قال إنهم لا يرثون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» ، وهم لا يدخلون في هذه الجملة بالاتفاق، فإذا كانوا لا يدخلون فلا ميراث لهم، ويكون المال لبيت المال، يعني: لو هلك هالك عن خال فقط فالذين لا يقولون بميراث ذوي الأرحام يقولون: إن مال هذا الميت يكون لبيت المال، ولا يرثه خاله؛ لأن خاله ليس بذي فرض ولا عصب، فلا ميراث له، لكن الصحيح أنهم يرثون، والدليل على هذا الحديث الذي معنا:«الخال وارث من لا وارث له» .
ومن الأدلة قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]. أولو الأرحام، يعني: الأقارب، وهذان دليلان أثريان، ومن الأدلة العقلية أن صلة الميت بذي الرحم أقوى من صلته بعموم المسلمين؛ لأن لذي الرحم قرابة، فهل من المعقول أن نجعل ماله في بيت مال المسلمين الذي ينتفع به عموم الناس، ونحرم خاله الذي هو من أقاربه؟ لا، ليس من المعقول، إذن فالدليل العقلي يدل على أن ذوي الأرحام وارثون؛ لأنهم أولى من بيت المال الذي يكون لعموم المسلمين؛ ولأن الخال ممن تجب صلتهم لأنه من ذوي الرحم وصرف مال الميت عنه إلى بيت المال هذا نوع من القطيعة، وإن كان الميت قد مات، وليس له التصرف في ماله، لكن هو نوع من القطيعة كيف نقطع قريبه ونصل بيت المال الذي يكون لعموم المسلمين، وربما لا يكون أيضا متصرفا على ما ينبغي، قد يكون بيت المال يتلاعب به الولاة ويصرفونه في معاصي الله، أو ما لا فائدة فيه.
فالصحيح أن ذوي الأرحام وارثون، لكنهم لا يرثون إلا بشرط ألا يوجد صاحب فرض ولا عاصب، فلو هلك هالك عن بنت وخال فللبنت النصف فرضا والباقي رداً، والخال ليس له شيء، ولو هلك هالك عن بنت وابن عم بعيد جدا لا يتفق معها إلا في الأب العاشر وعن خالة للبنت النصف فرضا والباقي لابن العم النازل والخالة ليس لها شيء؛ لأن معنا صاحب فرض وعاصب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» .
كيف يرث ذوو الأرحام؟ يرثون بالتنزيل، يعني: أننا ننزلهم منزلة من أدلوا به فيأخذون ميراثه، مثاله: هلك هالك عن ابن أخت شقيقة وبنت أخ شقيق، ابن الأخت الشقيقة من ذوي الأرحام؛ لأنه أدلى بأنثى وكل من أدلى بأنثى من الحواشي فهو من ذوي الأرحام، هذه قاعدة معروفة، بنت الأخ الشقيق من ذوي الأرحام أيضا لماذا؟ لأنه كل أنثى غير الأخوات من الحواشي فهي من ذوي الأرحام، هذه أيضا قاعدة مفيدة، بنت العم من ذوي الأرحام، العمة من ذوي الأرحام، الخالة من ذوي الأرحام.
إذن عندنا قاعدتان: كل من أدلى بأنثى من الحواشي فهو من ذوي الأرحام، وكل أنثى من الحواشي فهي من ذوي الأرحام إلا الأخوات.
المثال الذي ضربنا: هلك هالك عن بنت أخيه الشقيق وابن أخته الشقيقة، نحن نقول: ننزلهم منزلة من أدلوا به، فبنت الأخ الشقيق مدلية بالأخ الشقيق، وابن الأخت الشقيقة مُدل بالأخت الشقيقة، فقدر أن الميت مات عن أخيه الشقيق وأخته الشقيقة كم تعطي الأخ الشقيق؟ نقسم المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني: نعطي الأخ الشقيق اثنين من ثلاثة، والأخت الشقيقة واحدا من ثلاثة، أعطي من أدلوا بهم نصيبهم، فنعطي بنت الأخ الشقيق نصيب الأخ
?
الشقيق، ونعطي ابن الأخت الشقيقة نصيب الأخت الشقيقة، فنقول لبنت الأخ الشقيق اثنان من ثلاثة، ولابن الأخت الشقيقة واحد من ثلاثة، إذن طريقة التوريث أن ننزلهم منزلة من أدلوا به ويحجب الأعلى من دونه، فإذا هلك هالك عن بنت أخ شقيق وينت ابن أخ شقيق، فالمال للأولى؛ لأنها أعلى، ولو مات عن بنت أخ لأب وعن بنت بنت أخ شقيق، فالمال لبنت الأخ لأب؛ لأنها أعلى، وهكذا، يعنى: أن الأعلى يحجب الأدنى، وإن شئت فقل: الأقرب يحجب الأبعد.
هلك هالك عن أبي أم وعن بنت أخ شقيق، القاعدة: أن ننزلهم منزلة من أدلوا به أبو الأم ينزل منزلة الأم، بنت الأخ تُنزل منزلة الأخ، فكأنه مات عن أم وأخ شقيق اقسم المال بين أم وأخ شقيق للأم الثلث والباقي للأخ الشقيق، إذن لأبي الأم الثلث والباقي لبنت الأخ الشقيق، لأننا ننزل ذوي الأرحام منزلة من أدلوا به ونقسم المال بين من أدلوا به ثم كل من أدلى بشخص أخذ ميراثه.
هلك هالك عن عمة وخالة، الخالة مدلية بالأم والعمة مدلية بالأب، اقسم المال كأن الميت مات عن أب وأم، كم للأم الثلث يعطى للخالة، وللأب الباقي يعطى العمة.
إذا مات ميت عن خالة شقيقة وخالة من أب وعمة شقيقة وعمة من أب، كيف نقسم المال؟ الخالتان بمنزلة الأم الشقيقة والتي لأب، والعمتان بمنزلة الأب اقسم المال بين أم وأب للأم الثلث، والباقي للأب، الآن نريد أن نقسم نصيب الأم بين أختها الشقيقة وأختها من أب، لأننا نقدر كأن الأم ماتت عن هؤلاء، فتقول: المسألة فيها نصف وفيها سدس فيها نصف للشقيقة وسدس للتي لأب تكملة الثلثين، إذن نقسم الثلث بين الأخت الشقيقة، والأخت التي لأب على هذا الأساس، فنقول للخالة الشقيقة ثلاثة وللخالة لأب واحل فنقسم الثلث أربعة للشقيقة ثلاثة وللخالة لأب واحد نأتي للعمتين عمة شقيقة وعمة من أب، العمة أخت الأب نقدر كأن الأب مات عن أخت شقيقة وأخت لأب كيف نقسم ماله لو مات عنهما؟ نقول: نصف للشقيقة وللتي لأب السدس، إذن هي أربعة نقسم الثلثين بين العمة الشقيقة، والعمة لأب أرباعا للعمة الشقيقة ثلاثة أرباع، وللعمة لأب الريع، فصار ذوو الأرحام ينزلون منزلة من أدلوا به، فيقسم المال بين من أدلوا به ثم يقسم نصيب من أدلوا به عليهم كأنه مات عنهم حسب القواعد السابقة.
فإذا قال قائل: لماذا ننزل منزلة من أدلوا به، لماذا لا تجعل كل واحد منهم مستقلاً بنفسه؟ فالجواب: نقول إن ميراثهم فرع عن غيرهم وليسوا وارثين بأنفسهم، ولذلك ننزلهم منزلة من أدلوا به، هذا هو القول الراجح، وبعض العلماء ينزلهم حسب القرب فيقول الأقرب إلى الوارث
هو الذي يستحق الميراث، لكن الذي مشى عليه الإمام أحمد رحمه الله أنهم ينزلون منزلة من أدلوا به فيرقون إلى أن يصلوا إلى الوارث ويقسم المال بين الورثة الذين أدلوا بهم ذوو الأرحام، كأن الميت مات عنهم ثم يوزع الميراث أو يوزع نصيب من أدلوا به عليهم كأنه مات عنهم.
هلك هالك عن أبي أم وخال كلاهما مدل بالأم وعن عمة مدلية بالأب كيف نقسم المال؟ عندنا أبو أم وخال وعمة تقول: كان الميت مات عن أم وأب، فللأم الثلث، والباقي للأب، إذن نقول للعمة لك الثلثان، لأنك بمنزلة الأب، ونقول لأبي الأم والخال نقدر كان الأم ماتت عنهما كأنها ماتت عن أبيها وأخيها فيكون المال لأبيها، إذن ثلث الأم يأخذه أبو الأم، والخال ليس له شيء من الذي حجبه؟ حجبه أبوه هذا هو ميراث ذوي الأرحام فنأخذ القاعدة أولاً ينزلون منزلة من أدلوا به، ثانيًا يُقسم نصيب من أدلوا به عليهم كأنه مات عنهم. ثم قال في الحديث الذي معنا حديث أبي أمامة:«الله ورسوله مولى من لا مولى له» : المراد بالمولى هنا في قوله: «من لا مولى له» يشمل من لا مولى له بالولاء وهو العتق، ومن لا مولى له بالقرابة؛ لأن القرابة فيها أولوية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«وما بقي فلأولى رجل ذكر» ، وقال تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض} [الأنفال: 75]. فقوله: «ومن لا مولى له» ، أي: من لا وارث له، فالله ورسوله وارث من لا وارث له، أما الله عز وجل فهو غني عن كل أحد، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو في حياته كغيره من البشر يحتاج كما يحتاج الناس، لكنه بعد موته يكون نصيبه كنصيب الله عز وجل أي: أنه يُدفع إلى بيت مال المسلمين كما قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41]. يعني: يصرف في مصالح العباد في بيت المال؛ فإذا هلك هالك ليس له وارث فإن ميراثه يُصرف إلى بيت المال.
وعُلم من هذا الحديث أنه إذا كان له وارث فإنه لا حظ لبيت المال في ماله يُعطى الوارث إن كان صاحب فرض أعطيناه فرضه، ثم نبحث عن مُعصب إن وجدنا عاصبًا أعطيناه الباقي وإن لم نجد رددناه إلى ذوي الفرض إلا إذا كان ذوو الفرض زوجا أو زوجة، فإنه لا يرد عليه، فإذا هلك هالك عن بنت فقط وليس له قريب سواها فإننا نقول في القسمة للبنت النصف فرضا والباقي ردا، أما كونها ترث النصف فرضا فهو واضح في القرآن، لكن كيف أعطيناها الباقي ردا؟ أعطيناها ذلك بقوله تعالى:{وأولوا الأرحام بعضهم} [الأنفال: 75]. ومن المعلوم أننا إذا أعطيناها هي كان أولى من أن نصرفه إلى بيت المال؛ لأن بيت المال لعموم المسلمين والأقربون أولى بالمعروف.