الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: أقسام الإجماع
ينقسم الإجماع إلى عدة تقسيمات باعتبارات مختلفة:
1-
فباعتبار ذاته ينقسم الإجماع إلى إجماع قولي، وإلى إجماع سكوتي.
فالإجماع القولي وهو الصريح: «أن يتفق قول الجميع على الحكم بأن يقولوا كلهم: هذا حلال، أو: حرام» ، ومثله أن يفعل الجميع الشيء، فهذا إن وجد حجة قاطعة بلا نزاع (1) .
والإجماع السكوتي أو الإقراري هو: "أن يشتهر القول أو الفعل من البعض فيسكت الباقون عن إنكاره"(2) .
ومثله الإجماع الاستقرائي وهو: "أن تُستقرأ أقوال العلماء في مسألة فلا يُعلم خلاف فيها"(3) .
وقد اختلف العلماء في حجية الإجماع السكوتي، فبعضهم اعتبره حجة قاطعة، وبعضهم لم يعتبره حجة أصلاً، وبعضهم جعله حجة ظنية.
وسبب الخلاف هو: أن السكوت محتمل للرضا وعدمه.
فمن رجح جانب الرضا وجزم به قال: إنه حجة قاطعة.
ومن رجح جانب المخالفة وجزم به قال: إنه لا يكون حجة.
ومن رجح جانب الرضا ولم يجزم به قال: إنه حجة ظنية.
لذلك فإن الإجماع السكوتي لا يمكن إطلاق الحكم عليه، بل لا بد من النظر في القرائن وأحوال الساكتين، وملابسات المقام.
(1) انظر: "الفقيه والمتفقه"(11/170) ، و"مجموع الفتاوى"(19/ 268، 268) ، و"مذكرة الشنقيطي"(151) .
(2)
انظر: "الفقيه والمتفقه"(1/170) .
(3)
انظر: "مجموع الفتاوى"(19/267) .
فإن غلب على الظن اتفاق الكل ورضا الجميع فهو حجة ظنية، وإن حصل القطع باتفاق الكل فهو حجة قطعية، وإن ترجحت المخالفة وعدم الرضا فلا يعتد به (1) .
2-
وينقسم الإجماع باعتبار أهله إلى إجماع عامة وخاصة (2) .
فإجماع العامة هو إجماع عامة المسلمين على ما عُلم من هذا الدين بالضرورة، كالإجماع على وجوب الصلاة والصوم والحج، وهذا قطعي لا يجوز فيه التنازع.
وإجماع الخاصة دون العامة هو ما يُجمع عليه العلماءُ، كإجماعهم على أن الوطء مفسد للصوم، وهذا النوع من الإجماع قد يكون قطعيًا، وقد يكون غير قطعي، فلا بد من الوقوف على صفته للحكم عليه.
3-
وينقسم الإجماع باعتبار عصره إلى إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع غيرهم (3) .
فإجماع الصحابة يمكن معرفته والقطع بوقوعه، ولا نزاع في حجيته عند القائلين بحجية الإجماع.
وأما إجماع غير الصحابة ممن بعدهم فإن أهل العلم اختلفوا فيه من حيث إمكان وقوعه، وإمكان معرفته والعلم به، أما القول بحجيته فهو مذهب جمهور الأمة كما سيأتي (4) .
4-
وباعتبار نقله إلينا ينقسم الإجماع إلى إجماع ينقله أهل التواتر، وإجماع ينقله الآحاد (5)، وكلا القسمين يحتاج إلى نظر من جهتين:
من جهة صحة النقل وثبوته، ومن جهة نوع الإجماع ومرتبته.
5-
وينقسم الإجماع باعتبار قوته إلى إجماع قطعي، وإجماع ظني (6) .
(1) انظر"مجموع الفتاوى"(19/267، 268) .
(2)
انظر: "الرسالة"(358 و359) ، و"الفقيه والمتفقه"(1/172) .
(3)
انظر: "مجموع الفتاوى"(11/341) .
(4)
انظر حجية الإجماع من هذا الكتاب.
(5)
انظر: "روضة الناظر"(1/387) ، و"شرح الكوكب المنير"(2/224) .
(6)
انظر: "مجموع الفتاوى"(19/267 – 270) .