الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجية السنة الاستقلالية، ثم حجية أفعاله صلى الله عليه وسلم، ثم حجية تقريره، ثم حجية تركه، فهذه أمور خمسة، أما الكلام على الخبر المتواتر وأخبار الآحاد فسيكون في المسألة الخامسة والسادسة إن شاء الله.
أولاً: حجية السنة عمومًا:
أجمع المسلمون على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ولزوم سنته (1) .
قال ابن تيمية: "وهذه السنة إذا ثبتت فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب اتباعها"(2) .
والأدلة على وجوب اتباع السنة كثيرة جدًا (3) :
فمن القرآن الكريم:
* الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32](4) .
* ترتيب الوعيد على من يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63](5) .
* نفي الخيار عن المؤمنين إذا صدر حكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36](6) .
* الأمر بالرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عند النزاع، قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59](7) .
* جعل الرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عند النزاع من موجبات الإيمان ولوازمه، قال
(1) انظر: "مجموع الفتاوى"(19/82 - 92) ، و"إعلام الموقعين"(2/290 - 293) .
(2)
"مجموع الفتاوى"(19/85، 86) .
(3)
انظر: "مسائل الإمام أحمد" برواية ابنه عبد الله (3/1355 - 1361) ، و"معارج القبول"(2/416 - 420) .
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(19/83) ، و"إعلام الموقعين"(2/290) .
(5)
انظر: "الرسالة"(84) .
(6)
انظر: "الرسالة"(79) ، و"إعلام الموقعين"(2/289) .
(7)
انظر: "إعلام الموقعين"(1/49) .
تعالى: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59](1) .
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم:
«فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» (2) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (3) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه» (4) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن ما حرم رسولُ الله مثلُ ما حرم الله» (5) .
هذه بعض النصوص الدالة على حجية السنة، وبذلك يعلم أن الاحتجاج بالسنة أصل ثابت من أصول هذا الدين وقاعدة ضرورية من قواعده.
قال الإمام الشافعي:
"لم أسمع أحدًا – نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم – يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباعُ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه؛ بأن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من
(1) انظر: "إعلام الموقعين"(1/50) .
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (4/200، 201) برقم (4607) ، والترمذي في سننه (5/44) برقم (2676)، وقال: حديث حسن صحيح.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (13/251) برقم (7288) ، وقد سبق تخريج الجملة الأخيرة من هذا الحديث انظر (ص88) من هذا الكتاب.
(4)
أخرجه أبو داود في سننه (4/200) برقم (4604) ونحوه عند الترمذي في سننه (5/37، 38) برقم (2663، 2664)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه (1/6، 7) برقم (12، 13) .
(5)
أخرجه ابن ماجه في سننه (1/6) برقم (12) ، والترمذي في سننه (5/38) برقم (2664)، وقال: حسن غريب.