الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونصيحة للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم ولا وساطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضًا طريًّا، لم يشبه إشكال، ولم يشبه خلاف، ولم تدنسه معارضة، فقياس رأي غيرهم بآرائهم من أفسد القياس.
ب- الرأي الذي تفسر به النصوص، ويبين وجه الدلالة منها، ويقررها ويوضح محاسنها ويسهل طرق الاستنباط منها.
جـ- الرأي المجمع عليه، الذي تواطأت الأمة عليه وتلقاه خلفهم عن سلفهم، فإن ما تواطئوا عليه من الرأي لا يكون إلا صوابًا، كما أن ما تواطئوا عليه من الرواية والرؤيا لا يكون إلا صوابًا.
د- الرأي الذي يكون بعد طلب علم الواقعة من القرآن فإن لم يجدها في القرآن ففي السنة، فإن لم يجدها في السنة فيما قضى به الخلفاء الراشدون أو اثنان منهم أو واحد، فإن لم يجده فبما قاله واحد من الصحابة رضي الله عنهم، فإن لم يجده اجتهد رأيه ونظر إلى أقرب ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقضية أصحابه، فهذا هو الرأي الذي سوغه الصحابة واستعملوه، وأقر بعضهم بعضًا عليه» اهـ.
المسألة الثالثة: شروط الاجتهاد
يشترط لصحة الاجتهاد شروط، بعض هذه الشروط يرجع إلى المجتهد والبعض الآخر يرجع إلى المسائل المجتهد فيها.
أما
الشروط اللازم توفرها في المجتهد
فيمكن إجمالها فيما يأتي (1) :
أولاً: أن يحيط بمدارك الأحكام وهي: الكتاب والسنة والإجماع
(1) انظر: "الرسالة"(509 - 511) ، و"إبطال الاستحسان"(40) ، و"جامع بيان العلم وفضله"(2/61) ، و"روضة الناظر"(2/4091 - 406) ، و"مجموع الفتاوى"(20/583) ، و"إعلام الموقعين"(1/46) ، و"شرح الكوكب المنير"(4/459 - 467) ، و"مذكرة الشنقيطي"(311، 312) .
والقياس والاستصحاب، وغيرها من الأدلة التي يمكن اعتبارها.
وأن تكون لديه معرفة بمقاصد الشريعة، والمعتبر في ذلك أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، ومواقع الإجماع والخلاف، وصحيح الحديث وضعيفه.
ثانيًا: أن يكون عالمًا بلسان العرب، ويكفي في ذلك القدر اللازم لفهم الكلام.
ثالثًا: أن يكون عارفًا بالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والنص والظاهر والمؤول، والمجمل والمبين، والمنطوق والمفهوم، والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي. ولا يلزمه من ذلك إلا القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة ويدرك به مقاصد الخطاب ودلالة الألفاظ، بحيث تصبح لديه ملكة وقدرة على استنباط الأحكام من أدلتها.
رابعًا: أن يبذل المجتهد وسعه قدر المستطاع وألا يقصر في البحث والنظر.
قال الشافعي: «وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده، والإنصاف عن نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقول، وترك ما يترك» (1) .
خامسًا: أن يستند المجتهد في اجتهاده إلى دليل، وأن يرجع إلى أصل.
وقد بوب لذلك ابن عبد البر، فقال:«باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة» (2) .
وبعد ذكره رحمه الله لبعض الآثار قال: «......هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالم بها، ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل على الله قولاً في دينه لا نظير له من أصل، ولا هو في معنى أصل.
وهو الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديمًا وحديثًا فتدبر» (3) .
وقد ذكر ابن القيم – كما سبق نقل ذلك عنه (4) – أن من أنواع الرأي المذموم باتفاق السلف:
(1)"الرسالة"(511) .
(2)
"جامع بيان العلم وفضله"(2/55) .
(3)
المصدر السابق (2/57) .
(4)
انظر (ص471) من هذا الكتاب.