الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: الزيادة على النص
الزيادة على النص (1) نوعان:
أ- نوع متفق على أنه لا يكون نسخًا (2) ، وذلك أن الزيادة المستقلة عن المزيد عليه إن كانت مخالفة لجنس المزيد عليه؛ كزيادة الصلاة على الزكاة فليست نسخًا إجماعًا، أما إن كانت الزيادة المستقلة من جنس المزيد عليه؛ كزيادة الصلاة على الصلاة فليست بنسخ عند الأئمة الأربعة.
ب- ونوع اختلف فيه (3) ، وهو ما إذا كانت الزيادة غير مستقلة عن المزيد عليه كزيادة التغريب على الجلد مائة في حد الزاني غير المحصن، فإن التغريب لا يستقل بنفسه لأنه جزء من الحد.
والكلام على مسألة الزيادة على النص - إن كانت غير مستقلة - هل تكون نسخًا أو لا؟ في مقامين:
المقام الأول: أن "
الزيادة على النص" لفظ مجمل
، فلا يجوز إطلاق الحكم عليه بالنسخ نفيًا ولا إثباتًا، لأن الزيادة على النص منها ما يكون نسخًا وذلك إذا تحقق معنى النسخ ووجدت شروطه في الزيادة، وما لم يكن كذلك فلا يكون نسخًا بحال من الأحوال إلا إن أريد بالنسخ معناه الخاص المعروف عند السلف
(1)
المراد بالزيادة على النص:
أن يوجد نص شرعي، ويفيد حكمًا، ثم يأتي نص آخر فيزيد على النص الأول زيادة لم يتضمنها. والغالب أن يكون النص من القرآن الكريم والزيادة من أخبار الآحاد؛ لذلك جعل ابن القيم مسألة كون الزيادة على النص نسخًا من قبيل رد السنن بظاهر القرآن، وأدرج ذلك تحت رد المحكم بالمتشابه. انظر:"إعلام الموقعين"(2/293، 294) ، و"الزيادة على النص" للدكتور سالم الثقفي (19) ، و"الزيادة على النص" للدكتور عمر بن عبد العزيز (26) .
(2)
انظر: "روضة الناظر"(1/209) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/583) .
(3)
انظر: "روضة الناظر"(1/210) ، و"مجموع الفتاوى"(6/407، 408) ، و"المسودة"(208) ، و"إعلام الموقعين"(2/306) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/581) ، و"أضواء البيان"(3/368) ، و"مذكرة الشنقيطي"(75) .
وهو مطلق البيان، فلا منازعة في الاصطلاح عند ذلك (1) .
والمقصود: أن الزيادة على النص إنما تكون نسخًا بالشروط الآتية (2) :
1-
أن ترفع هذه الزيادة أصل الحكم المزيد عليه وجملته، أما إن كانت رافعة لبعضه فإنها لا تكون نسخًا.
2-
أن تكون الزيادة نصًا صحيحًا ثابتًا، أما إن كانت الزيادة غير صحيحة فلا يلتفت إليها، ولا يشترط أن تكون الزيادة في درجة المزيد عليه أو أقوى منه.
3-
أن تكون الزيادة متأخرة وغير متصلة بالمزيد عليه، أما إن كانت متصلة به فإنها تكون تخصيصًا لا نسخًا.
4-
أن يكون حكم الزيادة منافيًا لحكم المزيد عليه من كل وجه، أما إن كان التنافي بين الزيادة والمزيد عليه من وجه دون وجه فإن النسخ ممتنع في هذه الحالة.
5-
أن تكون الزيادة والمزيد عليه في الأحكام لا في الأخبار؛ لأن الأخبار لا يدخلها النسخ.
المقام الثاني: أن الزيادة على النص إنما هي سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذه السنة الزائدة لا تخلو من ثلاثة أحوال (3) :
1-
أن تكون بيانًا لما في القرآن، وهذه السنة يجب العمل بها، وذلك مثل تقييدها لمطلق القرآن، أو تخصيصها لعمومه، وهذه السنة ليست معارضة للقرآن بل هي موضحة ومفسرة له.
2-
أن تكون منشئة لحكم لم يتعرض له القرآن، وهذه السنة يجب العمل بها أيضًا؛ لأنها تشريع مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه ولا تحل معصيته، وهذه السنة لا تعارض القرآن بوجه ما.
3-
أن تكون مغيرة لحكم القرآن ناسخة له فهذه يجب العمل بها، ولكن لا بد من مراعاة شروط النسخ وضوابطه كما تقدم.
(1) انظر: "إعلام الموقعين"(2/316، 317) .
(2)
انظر بيان هذه الشروط في المسألتين الأولى والثانية من هذا المبحث.
(3)
انظر: "إعلام الموقعين"(2/306، 307، 309) .
والمقصود: أن السنة الزائدة على القرآن يجب العمل بها على كل حال، سواء أكانت مبينة للقرآن، أو مستقلة عنه، أو ناسخة له، ولا يجوز التوقف في العمل بالزيادة وردها.
****