الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
تعريف الحُكم الشرعي
الحُكم في اللغة: المنع، ومنه قيل للقضاء: حُكم؛ لأنه يمنع من غير المقضي به (1) .
واصطلاحًا: إثبات أمرٍ لأمر، أو نفيه عنه.
مثل: زيد قائم، وعمرو ليس بقائم.
وهذا تعريف لمطلق الحكم؛ إذ إن الحكم بالاستقراء ينقسم إلى ثلاثة أقسام (2) :
1-
حكم عقلي، وهو ما يَعرف فيه العقلُ نسبة أمر لأمر أو نفيه عنه.
مثل: الكل أكبر من الجزء، والجزء ليس أكبر من الكل.
2-
حكم عادي، وهو ما عُرفت فيه النسبة بالعادة، مثل: الماء مُروٍ.
3-
حكم شرعي.
وهو المقصود في هذا المقام، ويمكن تعريفه بأنه:"خطاب الله المتعلقُ بالمكلف من حيث إنه مكلف به".
وفي هذا التعريف ثلاثة قيود (3) :
القيد الأول: "خطاب الله" إذ التشريع والحكم لا يكون إلا بخطاب الله، وكل تشريع من غيره فهو باطل قال تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ} [يوسف: 40، 67](4) وخطاب الله كلامه ذو اللفظ والمعنى، وليس هو المعنى النفسي المجرد عن اللفظ والصيغة (5) .
القيد الثاني: "المتعلق بفعل المكلف" خرج به خمسة أشياء:
(1) انظر: "المصباح المنير"(145) .
(2)
انظر: "مذكرة الشنقيطي"(7، 8) .
(3)
انظر: "شرح الكوكب المنير"(1/333 وما بعدها) ، و"مذكرة الشنقيطي"(8) .
(4)
انظر في وجوب الحكم بما أنزل الله: "إعلام الموقعين"(1/50، 51) ، و"أضواء البيان"(7/162 - 173) .
(5)
انظر (ص 396، 397، 403، 404) من هذا الكتاب.
1-
ما تعلق بذاته سبحانه، نحو قوله تعالى:{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] .
2-
ما تعلق بصفته سبحانه، نحو قوله تعالى:{اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] .
3-
ما تعلق بفعله سبحانه، نحو قوله تعالى:{اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] .
4-
ما تعلق بذات المكلفين، نحو قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: 11] .
5-
ما تعلق بالجمادات، نحو قوله تعالى:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [الكهف: 47] .
وفعل المكلف ههنا يشمل القول والاعتقاد والعمل.
والمراد بالمكلف: البالغ العاقل الذاكر غير المكره.
القيد الثالث: "من حيث إنه مكلف به" خرج بذلك خطاب الله المتعلق بفعل المكلف لا من حيث إنه مكلف به، كقوله تعالى:{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 12] ، فهذا خطاب من الله متعلق بفعل المكلف من حيث إن الحفظة يعلمون، وهذا ما يسمى بخطاب التكوين (1) .
والخطاب المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به لا يخلو عن ثلاثة أمور:
الأول: أن يرد فيه اقتضاء وطلب. وهذا يشمل الأقسام الأربعة: الواجب والمندوب والمحرم والمكروه.
الثاني: أن يرد فيه التخيير. وهذا هو القسم الخامس لأحكام التكليف: المباح.
الثالث: ألا يرد فيه اقتضاء ولا تخيير فهذا هو خطاب الوضع، وذلك بأن يرد الخطاب بنصب سبب أو مانع أو شرط، أو كون الفعل رخصة أو عزيمة، وغير ذلك.
(1) انظر: "مجموع الفتاوى"(8/182) .
ويسمى ما ورد بالاقتضاء أو التخيير خطاب التكليف. فتبين بذلك أن الحكم الشرعي قسمان: حكم تكليفي، وحكم وضعي.
لذا عبر البعض عن هذا القيد بقوله: "خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع"(1) .
****
(1) انظر: "مختصر ابن اللحام"(57) .