الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: أن المباح بالنسبة للسابقين المقربين لا يستوي فعله وتركه، بل المباحات عندهم طاعات؛ لأنهم يستعينون بها على طاعة الله، ولديهم حُسْن القصد، أما غير المقربين - كما هو حال المقتصدين - فالمباح عندهم لا يمدح ولا يذم.
فصح أن يقال: إن المباح مأمور به؛ يعني: بالنسبة للمقربين، فهم مأمورون إما بفعله أو تركه (1) .
المسألة الخامسة: حكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع
الكلام على هذه المسألة يمكن ضبطه في أربع نقاط:
أ-
الأصل في الأشياء بعد مجيء الرسل وورود الشرع الإباحة
(2) .
والأدلة على ذلك كثيرة منها:
قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] .
وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "وما سكت عنه فهو مما عفا عنه"(3) .
قال ابن تيمية: "الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى وإلا دخلنا في معنى قوله:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} [الشورى: 21] .
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا} [يونس: 59](4) .
(1) انظر: "مجموع الفتاوى"(10/533 - 535) ، و"مدارج السالكين"(1/122، 123) .
(2)
انظر: "روضة الناظر"(1/119) ، و"مجموع الفتاوى"(21/541) ، و"شرح الكوكب المنير"(1/328) .
(3)
رواه أبو داود (3/354) برقم (3800) ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. انظر:"المستدرك"(4/115) . وقد رواه مرفوعًا ابن ماجه في "سننه"(1/1117) برقم (3367) ، والترمذي (4/220) برقم (1726)، وقال: حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه. وقال: وكأن الحديث الموقوف أصح.
(4)
"مجموع الفتاوى"(29/17) . وانظر للاستزادة: "مجموع الفتاوى"(4/196) ، و"القواعد والأصول الجامعة"(31، 32) .