الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(البحث الأول: مقتضى العطف:
عطف الشيء على الشيء يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، مع اشتراكهما في الحكم المذكور لهما.
وهذه المغايرة على مراتب (1) :
الأولى: أن يكونا متباينين، ليس أحدهما هو الآخر ولا جزؤه، ولا ملازمة بينهما، وهذه أعلى المراتب، كقوله تعالى:{وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] .
الثانية: أن يكون بينهما تلازم، كقوله تعالى:{وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42] ، فإن من لبس الحق بالباطل أخفى من الحق بقدر ما أظهر من الباطل، ومن كتم الحق أقام موضعه باطلاً فلبس الحق بالباطل.
الثالثة: عطف بعض الشيء عليه، كقوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] .
الرابعة: عطف الشيء على الشيء لاختلاف الصفتين، كقوله تعالى:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 3، 4] .
(البحث الثاني:
هل تدل الواو على الترتيب
؟
الواو لا تدل على الترتيب، ولا التعقيب، ولا الجمع المطلق، بل هي لمطلق الجمع. والمراد: أي جمعٍ كان؛ فتدخل حينئذٍ الصور السابقة كلها (2) .
(البحث الثالث:
دلالة الاقتران
(3) :
وهي على ثلاثة مراتب: إذ تظهر قوتها في موطن، وضعفها في موطن، وتساوي الأمرين في موطن:
(1) انظر: "مجموع الفتاوى"(7/172 - 178) ، و"شرح العقيدة الطحاوية"(387 - 388) .
(2)
انظر: "بدائع الفوائد"(1/61) ، و"مختصر ابن اللحام"(50) ، و"شرح الكوكب المنير"(1/229، 230) .
(3)
انظر: "بدائع الفوائد"(4/183، 184) . وللاستزادة راجع "المسودة"(140، 141) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/259 - 262) ، و"أضواء البيان"(2/256) .
أ- تظهر قوتها إذا جمع بين المقترنين لفظ اشتركا في إطلاقه وافترقا في تفصيله، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم:«ثلاث حق على كل مسلم: الغسل يوم الجمعة، والسواك، ويمس من طيب إن وجد» (1) .
فقد اشترك الثلاثة في إطلاق لفظ الحق عليه، فإذا كان السواك والتطيب مستحبين كان الثالث وهو الاغتسال مستحبًا كذلك.
ب- ويظهر ضعفها عند تعدد الجمل واستقلال كل واحد منها بنفسها، كقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة» (2) .
إذ إن كل جملة مفيدة لمعناها وحكمها وسببها وغايتها، وهي منفردة به عن الجملة الأخرى، واشتراكهما في مجرد العطف لا يوجب اشتراكهما فيما وراءه؛ فإن العطف يفيد الاشتراك في المعنى إن كان عطف مفرد على مفرد: كقام زيد وعمرو، أما إن عُطفت جملة على جملة فلا اشتراك في المعنى، نحو: اقتل زيدًا وأكرم عمرًا.
جـ- ويظهر التساوي حيث كان العطف ظاهرًا في التسوية، وكان قصد المتكلم ظاهرًا في الفرق، فيتعارض ههنا ظاهر اللفظ وظاهر القصد، فإن غلب ظهور أحدهما اعتبر، وإلا طلب الترجيح.
(1) أخرجه أحمد في "مسنده"(4/34)، وصححه الألباني. انظر:"صحيح الجامع"(1/581) برقم (3028) .
(2)
أخرجه أبو داود (1/18) برقم (70)، وصححه الألباني. انظر:"صحيح الجامع"(2/1259) برقم (7595) .