المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعة: أقسام النسخ - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة

[محمد حسين الجيزاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بأهل السنة والجماعة

- ‌من خصائص أهل السنة والجماعة:

- ‌المبحث الثاني: تعريف أصول الفقه وموضوعه ومصادره وفائدته

- ‌أولاً: تعريف أصول الفقه:

- ‌ تعريف أصول الفقه باعتباره مركبًا

- ‌ثانيًا: موضوع أصول الفقه:

- ‌ثالثًا: مصادر أصول الفقه:

- ‌رابعًا: فائدة أصول الفقه:

- ‌المبحث الثالث: تاريخ أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة

- ‌المطلب الأول: المراحل التي مر بها علم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة

- ‌ المرحلة الأولى:

- ‌عصر الإمام الشافعي

- ‌ المرحلة الثانية:

- ‌ المرحلة الثالثة:

- ‌ كتاب "المسودة" لآل تيمية

- ‌المطلب الثاني: دراسة مستقلة للكتب الأربعة: "الرسالة، والفقيه والمتفقه، وروضة الناظر، وشرح الكوكب المنير

- ‌أولاً: كتاب "الرسالة" للإمام الشافعي

- ‌ أصل الكتاب:

- ‌ مميزات الكتاب:

- ‌ مصادر الكتاب:

- ‌ موضوعات الكتاب وترتيبها:

- ‌ سبب تأليف الكتاب:

- ‌ موضوعات الكتاب وترتيبها:

- ‌ مميزات الكتاب:

- ‌ تقويم الكتاب:

- ‌ثالثًا: "كتاب روضة الناظر وجنة المناظر" للإمام الموفق ابن قدامة المقدسي

- ‌ أصل الكتاب:

- ‌رابعًا: كتاب "شرح الكوكب المنير" للشيخ تقي الدين ابن النجار الفتوحي

- ‌ أصل الكتاب:

- ‌ مميزات الكتاب:

- ‌الباب الأول: الأدلة الشرعية عند أهل السنة والجماعة

- ‌توطئة

- ‌الفصل الأول: الكلام على الأدلة الشرعية إجمالا

- ‌المبحث الأول: الأدلة الشرعية من حيث أصلها ومصدرها

- ‌المبحث الثاني: الأدلة الشرعية من حيث القطع والظن

- ‌ معنى القطع والظن

- ‌ العمل بالظن نوعان

- ‌ العمل بالعلم نوعان

- ‌ القطع والظن من الأمور النسبية

- ‌ انقسام الأدلة الشرعية إلى قطعية وظنية

- ‌ إفادة نصوص الكتاب والسنة القطع

- ‌ بطلان القول بأن نصوص الكتاب والسنة لا تفيد اليقين:

- ‌ بطلان القول بأن الفقه كله أو أكثره ظنون:

- ‌ العوامل التي ساعدت على انتشار القول بأن الفقه أكثره ظنون:

- ‌ بيان أن الأدلة الظنية متفاوتة فيما بينها

- ‌ هل يكفي في مسائل أصول الدين الظن

- ‌المبحث الثالث: الأدلة الشرعية من حيث النقل والعقل

- ‌ انقسام الأدلة الشرعية إلى نقلية وعقلية:

- ‌ السمع أصل لجميع الأدلة:

- ‌ بيان موافقة المعقول للمنقول:

- ‌ مكانة العقل عند أهل السنة:

- ‌الفصل الثاني: الأدلة المتفق عليها

- ‌المبحث الأول: الكتاب

- ‌ تعريف الكتاب

- ‌الكتاب هو القرآن

- ‌المسألة الثانية: هل في القرآن لفظ غير عربي

- ‌المسألة الثالثة: المحكم والمتشابه في القرآن الكريم

- ‌ معنى المحكم والمتشابه بالاعتبار العام

- ‌ معنى المحكم والمتشابه بالاعتبار الخاص

- ‌ طريقة السلف في التعامل مع المحكم والمتشابه:

- ‌ ليس في القرآن ما لا معنى له

- ‌ طريقة المبتدعة في التعامل مع المحكم والمتشابه:

- ‌المسألة الرابعةحكم العمل بالقراءة الشاذة

- ‌المسألة الخامسةهل في القرآن مجاز

- ‌ شرط حمل الكلام على المجاز

- ‌ المجاز منتفٍ عن آيات الصفات

- ‌ المجاز واقع في القرآن فيما عدا آيات الصفات

- ‌ إثبات المجاز لا يلزم منه تأويل الصفات أو نفيها:

- ‌ الخلاف بين أهل السنة في إثبات المجاز ونفيه خلاف لفظي:

- ‌المبحث الثاني: السنة

- ‌المسألة الأولىتعريف السنة

- ‌ السنة في اللغة:

- ‌ السنة عند الأصوليين:

- ‌ السنة هي الحكمة:

- ‌ سنة الخلفاء الراشدين

- ‌المسألة الثانيةأقسام السنة

- ‌باعتبار ذاتها

- ‌باعتبار وصولها إلينا وعدد نقلتها

- ‌أولاً: حجية السنة عمومًا:

- ‌ثانيًا: حجية السنة الاستقلالية:

- ‌ثالثًا: حجية أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ فعله صلى الله عليه وسلم للشيء ينفي الكراهة حيث لا معارض له

- ‌رابعًا: حجية تقريره صلى الله عليه وسلم

- ‌خامسًا: حجية تركه صلى الله عليه وسلم

- ‌المقصود بالترك:

- ‌ تركه صلى الله عليه وسلم لا يخلو من ثلاث حالات

- ‌المسألة الرابعةمنزلة السنة من القرآن

- ‌ باعتبار المصدرية

- ‌ باعتبار الحجية

- ‌ باعتبار أن القرآن دل على وجوب العمل بالسنة

- ‌ باعتبار البيان

- ‌ الكتاب والسنة متلازمان لا يفترقان، متفقان لا يختلفان

- ‌المسألة الخامسةالخبر المتواتر

- ‌ العلم الحاصل بالتواتر هل هو ضروري أو نظري

- ‌ شروط المتواتر:

- ‌ العلم يحصل بعدة طرق

- ‌المسألة السادسةخبر الآحاد

- ‌ الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد:

- ‌ شروط قبول خبر الواحد:

- ‌لا يشترط في الراوي أن يكون فقيهًا

- ‌المبحث الثالث: الإجماع

- ‌المسألة الأولى: تعريف الإجماع

- ‌المسألة الثانية: أقسام الإجماع

- ‌المسألة الثالثة: حجية الإجماع

- ‌المسألة الرابعة: أهل الإجماع

- ‌ إجماع أهل المدينة على أربع مراتب:

- ‌المسألة الخامسة: مستند الإجماع

- ‌المسألة السادسة: الأحكام المترتبة على الإجماع

- ‌ حكم مُنْكِر الحكم المجمع عليه

- ‌المبحث الرابع: القياس

- ‌المسألة الأولى: تعريف القياس

- ‌المسألة الثانية: أقسام القياس

- ‌المسألة الثالثة: حجية القياس

- ‌الناس في القياس طرفان ووسط

- ‌ الأدلة على حجية القياس

- ‌المسألة الرابعة: شروط القياس

- ‌المسألة الخامسة: أبحاث العلة

- ‌ تخلف الحكم مع وجود العلة

- ‌ الناس في الأسباب طرفان ووسط

- ‌ أنواع الحكمة

- ‌ القول: بأن العلة مجرد علامة محضة لا يصح

- ‌ مسالك العلة:

- ‌المسلك الأول: النص

- ‌الإيماء والتنبيه

- ‌المسلك الثاني: الإجماع

- ‌المسلك الثالث: الاستنباط

- ‌ السبر والتقسيم

- ‌ الدوران الوجودي والعدمي

- ‌ المناسبة والإخالة

- ‌حاصل القول في الوصف المناسب:

- ‌الفصل الثالث: الأدلة المختلف فيها

- ‌المبحث الأول: الاستصحاب

- ‌المسألة الأولى: تعريف الاستصحاب

- ‌المسألة الثانية: أنواع الاستصحاب وحكم كل نوع

- ‌ استصحاب البراءة الأصلية

- ‌ استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع

- ‌المسألة الثالثة: شرط العمل بالاستصحاب

- ‌ الاستصحاب آخر مدار الفتوى

- ‌ الاستصحاب قد يوافقه دليل خاص آخر فيقويه

- ‌المسألة الرابعة: حكم الأشياء قبل ورود السمع

- ‌المسألة الخامسة: هل النافي يلزمه الدليل

- ‌المبحث الثاني: قول الصحابي

- ‌ قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه:

- ‌ قول الصحابي إذا خالفه غيره من الصحابة:

- ‌ قول الصحابي إذا انتشر ولم يخالف:

- ‌ قول الصحابي لا يخالف النص:

- ‌ قول الصحابي إذا خالف القياس:

- ‌ الأدلة على حجية قول الصحابي:

- ‌المبحث الثالث: شرع من قبلنا

- ‌ وجه اتفاق الشرائع السابقة:

- ‌ وجه اختلاف الشرائع السابقة:

- ‌ الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع السابقة

- ‌ تحرير محل النزاع في مسألة: شرع من قبلنا هل هو شرع لنا

- ‌ حكم الاحتجاج بشرع من قبلنا:

- ‌ الخلاف في شرع من قبلنا خلاف لفظي:

- ‌المبحث الرابع: الاستحسان

- ‌ لفظ الاستحسان من الألفاظ المجملة

- ‌ موقف الإمام الشافعي من الاستحسان:

- ‌ موقف الإمام أبي حنيفة من الاستحسان:

- ‌المبحث الخامس: المصالح المرسلة

- ‌التمهيد

- ‌ أوجه التلازم بين المصلحة والشريعة:

- ‌ أقسام مطلق المصلحة

- ‌المسألة الأولى:تعريف المصلحة المرسلة

- ‌المسألة الثانية: أقسام المصلحة المرسلة

- ‌المسألة الثالثة: حكم الاحتجاج بالمصلحة المرسلة

- ‌المسألة الرابعة: ضوابط الأخذ بالمصلحة المرسلة عند القائلين بها

- ‌المسألة الخامسة: أدلة اعتبار المصلحة المرسلة

- ‌المسألة السادسة: سد الذرائع وإبطال الحيل

- ‌الفصل الرابع: النسخ والتعارض والترجيح وترتيب الأدلة

- ‌المبحث الأول: النسخ

- ‌المسألة الأولى: تعريف النسخ

- ‌المسألة الثانية: شروط النسخ

- ‌المسألة الثالثة: حُكم النسخ والحكمة منه

- ‌ حكم وقوع النسخ بين الشرائع السماوية

- ‌حاصل القول في الحكمة من النسخ:

- ‌المسألة الرابعة: أقسام النسخ

- ‌المسألة الخامسة: الزيادة على النص

- ‌الزيادة على النص" لفظ مجمل

- ‌ المراد بالزيادة على النص:

- ‌المبحث الثاني: التعارض

- ‌ المراد بتعارض الأدلة:

- ‌ كتاب الله سالم من الاختلاف والاضطراب

- ‌المبحث الثالث: الترجيح

- ‌ المراد بالترجيح:

- ‌ محل الترجيح: هو الظنيات

- ‌ العمل بالراجح متعين

- ‌المبحث الرابع: ترتيب الأدلة

- ‌ المراد بترتيب الأدلة:

- ‌ ترتيب الأدلة من حيث المنزلة والمكانة:

- ‌الباب الثاني: القواعد الأصولية عند أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأول: الحكم الشرعي

- ‌المبحث الأول:تعريف الحكم الشرعي وأقسامه

- ‌المطلب الأولتعريف الحُكم الشرعي

- ‌المطلب الثاني: الحكم التكليفي

- ‌التمهيد: وفيه تعريف الحكم التكليفي

- ‌القسم الأولالواجب

- ‌ هل الفرض والواجب بمعنى واحد

- ‌ألفاظ الوجوب

- ‌حكم الزيادة على الواجب

- ‌التفاضل بين الواجبات

- ‌ للوسائل حكم المقاصد:

- ‌ ما لا يتم الواجب إلا به

- ‌ تحريم الشيء مطلقًا يقتضي تحريم كل جزء منه

- ‌ هل النهي عن الشيء أمر بضده

- ‌ هل الأمر بالشيء نهي عن ضده

- ‌ الأمر بالشيء الواحد يستلزم عدم النهي عنه من وجهٍ واحد

- ‌القسم الثانيالحرام

- ‌القسم الثالثالمندوب

- ‌ المندوب مأمور به

- ‌القسم الرابعالمكروه

- ‌القسم الخامسالمباح

- ‌المسألة الأولى: هل المباح من الأحكام التكليفية

- ‌المسألة الثانية: ألفاظ الإباحة

- ‌المسألة الثالثة: أقسام الإباحة

- ‌المسألة الرابعة: هل المباح مأمور به

- ‌المسألة الخامسة: حكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع

- ‌ الأصل في الأشياء بعد مجيء الرسل وورود الشرع الإباحة

- ‌ قبل الشرع لا تحليل ولا تحريم ولا شرع، فالواجب التوقف

- ‌ لا يصح إعطاء ما بعد الشرع حكم ما قبل الشرع

- ‌ اختلف في وقوع هذه المسألة هل هو جائز أم ممتنع

- ‌المطلب الثالث: الحكم الوضعي

- ‌المسألة الثانية‌‌الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي

- ‌الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي

- ‌المسألة الثالثةالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الرابعة: الصحة والفساد

- ‌ النقص عن الواجب في العبادات نوعان

- ‌المسألة الخامسةالأداء والإعادة والقضاء

- ‌المسألة السادسة: الرخصة والعزيمة

- ‌المبحث الثاني: لوازم الحكم الشرعي

- ‌مسألة التحسين والتقبيح العقليين

- ‌ المراد بالحُسْن والقبح

- ‌ الأقوال في المسألة:

- ‌ أصول مهمة عند أهل السنة:

- ‌ تفصيل مذهب أهل السنة:

- ‌ مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين

- ‌ مسألة: شكر المنعم

- ‌المطلب الثاني: التكليف

- ‌المسألة الأولىتعريف التكليف

- ‌التكليف لغة:

- ‌المسألة الثانيةشروط التكليف العائدة إلى الفعل

- ‌ التكليف بالمحال، قسمان

- ‌ القدرة نوعان:

- ‌ الجهل نوعان:

- ‌المسألة الثالثة: شروط التكليف العائدة إلى المكلف

- ‌ الغضبان، هل هو مكلف

- ‌ السكران هل هو مكلف

- ‌الفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه

- ‌المبحث الثالثقواعد في الحكم الشرعي

- ‌ الأحكام الشرعية مبنية على النظر إلى المآل

- ‌ الأحكام الشرعية مبنية على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين

- ‌ الأحكام الشرعية لا تبني على الصور النادرة

- ‌الفصل الثاني: دلالات الألفاظ وطرق الاستنباط

- ‌المبحث الأول: المبادئ اللغوية

- ‌المسألة الأولى: علاقة اللغة العربية بالشريعة

- ‌المسألة الثانية: مبدأ اللغات

- ‌المسألة الثالثةالأسماء الشرعية

- ‌ لا بد من التفريق بين الكلام الذي اتصل به ما يقيده وبين الكلام العام المطلق

- ‌المسألة الرابعة: الاشتراك

- ‌المسألة الخامسة: الترادف

- ‌المسألة السادسة: العطف والاقتران

- ‌ هل تدل الواو على الترتيب

- ‌ دلالة الاقتران

- ‌المبحث الثاني: النص، والظاهر، والمؤول، والمجمل، والبيان

- ‌تمهيد: ينقسم الكلام إلى: نص، وظاهر، ومجمل

- ‌المسألة الأولىالنص

- ‌المسألة الثانيةالظاهر

- ‌المسألة الثالثةالمؤول

- ‌ شروط التأويل الصحيح

- ‌المسألة الرابعةالمجمل

- ‌أمثلة على منهج السلف في التعامل مع الألفاظ المجملة

- ‌ المجمل واقع في الكتاب والسنة

- ‌المسألة الخامسةالبيان

- ‌ طرق البيان

- ‌القاعدة الكلية فيما يحصل به البيان:

- ‌ حكم تأخير البيان عن وقت الحاجة:

- ‌المبحث الثالث: الأمر والنهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم

- ‌المطلب الأولالأمر والنهي

- ‌الجانب الأول: الأمر

- ‌المسألة الأولى: تعريف الأمر

- ‌المسألة الثانية: صيغة الأمر

- ‌المسألة الثالثة: دلالة الأمر على الوجوب

- ‌المسألة الرابعة: دلالة الأمر على الفور

- ‌المسألة الخامسة: دلالة الأمر على التكرار

- ‌المسألة السادسة: الأمر بعد الحظر

- ‌المسألة السابعة: هل يستلزم الأمر الإرادة

- ‌المسألة الثامنة: الأمر بالشيء هل يستلزم النهي عن ضده

- ‌المسألة التاسعة: تنبيهات

- ‌الجانب الثاني: النهي

- ‌المسألة الأولى: النهي على وزان الأمر

- ‌المسألة الثانية: أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه

- ‌المسألة الثالثة: أن النهي يقتضي الفساد

- ‌المطلب الثاني: العام والخاص

- ‌المسألة الأولى: تعريف العام

- ‌المسألة الثانية: أقسام العام

- ‌المسألة الثالثة: صيغ العموم

- ‌المسألة الرابعة: دلالة العام بين القطع والظن

- ‌المسألة الخامسة: التخصيص

- ‌المسألة السادسة: المخصصات

- ‌المسألة السابعة: تعارض الخاص والعام

- ‌المطلب الثالثالمطلق والمقيد

- ‌المسألة الأولى: تعريف المطلق والمقيد

- ‌المسألة الثانية: أقسام المطلق والمقيد

- ‌المسألة الثالثة: حمل المطلق على المقيد

- ‌المسألة الرابعة: الضابط في حمل المطلق على المقيد

- ‌المطلب الرابع: المنطوق والمفهوم

- ‌الجانب الأول: المنطوق

- ‌ أقسام المنطوق غير الصريح

- ‌ دلالة الاقتضاء

- ‌ دلالة الإشارة:

- ‌الجانب الثاني: المفهوم

- ‌شرط العمل بمفهوم الموافقة:

- ‌مفهوم المخالفة ستة أقسام

- ‌ صور اختلف الأصوليون فيها: هل هي من المنطوق أو من المفهوم

- ‌ الأدلة على حجية مفهوم المخالفة:

- ‌الفصل الثالث: الاجتهاد والتقليد والفتوى

- ‌المبحث الأولالاجتهاد

- ‌المسألة الأولى: تعريف الاجتهاد

- ‌المسألة الثانية: أقسام الاجتهاد

- ‌«الرأي ثلاثة أقسام:

- ‌المسألة الثالثة: شروط الاجتهاد

- ‌ الشروط اللازم توفرها في المجتهد

- ‌ الشروط اللازم توفرها في المسألة المجتهد فيها

- ‌المسألة الرابعة: حكم الاجتهاد

- ‌المسألة الخامسة: هل كل مجتهد مصيب

- ‌ هل الحق عند الله واحد أو متعدد

- ‌المسألة السادسة: تنبيهات

- ‌ الأحكام المترتبة على المسائل الاجتهادية

- ‌ من أسباب الخلاف بين العلماء

- ‌ من الأعذار التي تُلتمس للعلماء في اختلافاتهم:

- ‌المبحث الثاني: التقليد

- ‌المسألة الأولى: تعريف التقليد

- ‌المسألة الثانية: حكم التقليد

- ‌المسألة الثالثة: التمذهب

- ‌ الموقف من الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، رحمهم الله تعالى

- ‌ التنبيه على محاذير وقع فيها بعض المنتسبين للمذاهب

- ‌المسألة الرابعة: تنبيهات

- ‌ المنع من تتبع الرخص

- ‌المبحث الثالثالفتوى

- ‌المسألة الأولى: تعريف الفتوى

- ‌المسألة الثانية: أهمية منصب الفتوى وخطورته

- ‌المسألة الثالثة: حكم الفتوى

- ‌المسألة الرابعة: أنواع الفتاوى

- ‌المسألة الخامسة:‌‌ شروط المفتيوصفته وآدابه

- ‌ شروط المفتي

- ‌ صفات المفتي:

- ‌ آداب المفتي:

- ‌المسألة السادسة: آداب المستفتي

- ‌المسألة السابعة: تنبيهات

- ‌هذا المشروع يتضمن ثلاثة مجالات:

- ‌(المجال الأول: صياغة علم أصول الفقه صياغة جديدة

- ‌(المجال الثاني: دراسة وتقويم الكتب الأصولية المعروفة:

- ‌(المجال الثالث: إخراج الآثار الأصولية لأهل السنة والجماعة

- ‌الملحق

- ‌1- قائمة بجهود ابن تيمية في أصول الفقه

- ‌2- قائمة بجهود ابن القيم في أصول الفقه

- ‌ثبت المصادر والمراجعالواردة في الهامش

الفصل: ‌المسألة الرابعة: أقسام النسخ

و‌

‌حاصل القول في الحكمة من النسخ:

* أن الناسخ خير من المنسوخ كما قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] .

فالناسخ خير سواء كان هو الأخف أو الأثقل أو كان مساويًا للمنسوخ.

* وأن أوامر الله ونواهيه مشتملة على الحكم والمصالح، فإذا انتهت الحكمة والمصلحة من الخطاب الأول وصارت في غيره، أمر جل وعلا بترك الأول الذي زالت حكمته، والأخذ بالخطاب الجديد المشتمل على الحكمة الآن.

فالمنسوخ - وقت العمل به - كانت فيه المصلحة والحكمة، والناسخُ هو المشتمل على الحكمة والمصلحة بعد النسخ (1) .

‌المسألة الرابعة: أقسام النسخ

للنسخ تقسيمات متعددة باعتبارات مختلفة، وبيان ذلك على النحو الآتي:

(1)"رحلة الحج"(61) .

ص: 255

أولاً: ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام:

نسخ الأخف بالأثقل، ونسخ الأثقل بالأخف، ونسخ المساوي بالمساوي.

وقد تقدم التمثيل لهذه الأقسام وبيان الحكمة في الكل (1) .

ثانيًا: ينقسم النسخ بالنظر إلى وقته إلى نسخ بعد التمكن من الفعل، وهذا هو الغالب في الأحكام المنسوخة، كاستقبال بيت المقدس، وعدة المتوفي عنها زوجها حولاً كاملاً.

وإلى نسخ قبل التمكن من الفعل كقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأمره بذبح ولده. وقد تقدم بيان مذهب السلف في هذه المسألة ومأخذهم في ذلك (2) .

ثالثًا: ينقسم النسخ بالنظر إلى بدله إلى قسمين: نسخ إلى غير بدل –عند القائلين به– ونسخ إلى بدل، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام، فهذا القسم متفق عليه بين العلماء، وهو الموافق لقوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] ، فالآية تدل دلالة صريحة على أن النسخ لا بد فيه من البدل؛ إذ إن الله وعد أنه لا بد للمنسوخ من بدل مماثل أو خيرٍ، فلا يزال المؤمنون في نعمة من الله لا تنقص بل تزيد، فإنه إذا أتى بخير منها زادت النعمة، وإذا أتى بمثلها كانت النعمة باقية (3) .

ومتابعة لهذه الآية ذهب بعض أهل السنة إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل (4) . وذهب جمهور الأصوليين (5) إلى أن النسخ قد يكون إلى غير بدل، ومثلوا لذلك

(1) انظر (ص 253) من هذا الكتاب.

(2)

انظر (ص 253) من هذا الكتاب.

(3)

انظر: "مجموع الفتاوى"(17/184، 195) .

(4)

انظر: "الرسالة"(109، 110) ، و"مجموع الفتاوى"(17/184، 195) ، و"الجواب الكافي"(227) ، و"أضواء البيان"(3/362) ، و"مذكرة الشنقيطي"(79) .

(5)

قال الآمدي: "مذهب الجميع جواز نسخ حكم الخطاب لا إلى بدل، خلافًا لبعض الشذوذ"(3/135) . وقد وافق الخطيب البغدادي وابن قدامة وابن النجار الفتوحي من أهل السنة مذهب جمهور الأصوليين، وسيتضح أن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي. انظر:"الفقيه والمتفقه"(1/82) ، و"روضة الناظر"(1/215) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/545) .

ص: 256

بنسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي المناجاة (1) .

والظاهر أن الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى اللفظ دون الحقيقة، وبيان ذلك:

أن الجميع متفق على أن الله سبحانه وتعالى إذا نسخ حكمًا عوض المؤمنين عنه بحكم آخر هو خير من الحكم المنسوخ أو مثله، فلا يتركهم هملاً بلا حكم (2) .

وإنما اختلفوا في تسمية الحكم المنتقل إليه بدلاً إذا كان رجوعًا وردًا إلى الحكم السابق الذي كانوا عليه؟

فعند جمهور الأصوليين – وهم القائلون بالنسخ إلى غير بدل – لا يسمى هذا بدلاً، إذ البدل عندهم خاص بما هو حكم شرعي آخر ضد المنسوخ كاستقبال الكعبة بدلاً من بيت المقدس، أما الرد إلى ما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ – كما في المناجاة – فليس هذا بدلاً عند هؤلاء.

أما النافون للنسخ إلى غير بدل فمرادهم بالبدل ما هو أعم من حكم آخر ضد المنسوخ فيشمل – إضافة إليه – الرد إلى ما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ، لذا فإن الحكم المنتقل إليه يسمى – عند هؤلاء – بدلاً ولو كان رجوعًا إلى الحكم السابق (3) .

يوضح ذلك قول ابن القيم: "......فإن الرب تعالى ما أمر بشيء ثم أبطله رأساً، بل لا بد أن يُبقي بعضه أو بدله، كما أبقى شريعة الفداء، وكما أبقى استحباب الصدقة بين يدي المناجاة، وكما أبقى الخمس للصلوات بعد رفع الخمسين وأبقى ثوابها"(4) .

والأولى على كلِّ أن يقال: إن النسخ لا بد فيه من البدل، وإن هذا البدل قد يكون حكمًا شرعيًا جديدًا كما في استقبال القبلة، وقد يكون رجوعًا إلى

(1) انظر الجواب على التمثيل والاستدلال بآية المناجاة في كلام ابن القيم الآتي، وفي:"أضواء البيان"(3/362، 363) .

(2)

انظر: "شرح الكوكب المنير"(3/548) .

(3)

انظر: "روضة الناظر"(1/216) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/548، 549) .

(4)

"الجواب الكافي"(227) .

ص: 257

الحكم السابق كما في المناجاة، ففي هذا التفصيل تأدب مع الآية القرآنية الكريمة {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] . وفيه أيضًا ملاحظة للأحكام التي نُسخت فأبقيت على حكمها السابق، أو على حكم البراءة الأصلية.

رابعًا: ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام (1) :

القسم الأول: نسخ التلاوة والحكم معًا.

وذلك مثل آية التحريم بعشر رضعات (2) ، فإنها منسوخة التلاوة والحكم معًا.

القسم الثاني: نسخ التلاوة وبقاء الحكم.

وذلك كنسخ آية الرجم.

القسم الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة.

وهو غالب ما في القرآن من المنسوخ، كقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] .

خامسًا: ينقسم النسخ بالنظر إلى دليله إلى أقسام متعددة، يمكن جمعها في قسمين: قسم متفق على جوازه، وقسم وقع فيه الخلاف.

أما القسم المتفق عليه فهو (3) :

- نسخ القرآن بالقرآن.

- نسخ السنة المتواترة والآحادية بمتواتر السنة.

- نسخ الآحاد من السنة بالآحاد من السنة.

وأما القسم المختلف فيه فيمكن بيانه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: نسخ القرآن بالسنة.

(1) انظر: "الفقيه والمتفقه"(1/80 - 82) ، و"روضة الناظر"(1/201 - 203) ، و"مجموع الفتاوى"(17/185) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/553 - 559) ، و"أضواء البيان"(3/366) .

(2)

انظر فيما يتعلق بهذا الأثر الصفحة التالية، تعليق رقم (7) .

(3)

انظر: قواعد الأصول (72) ، ومختصر ابن اللحام (138) ، ونزهة الخاطر العاطر (1/223) ، ومذكرة الشنقيطي (83) .

ص: 258

ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة (1) ، وهو اختيار الأمين الشنقيطي (2) .

وذهب الإمام الشافعي (3) وأحمد (4) إلى أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة، بل لا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله، وهذا اختيار ابن قدامة وابن تيمية (5) .

وهذا الخلاف في الجواز وفي الوقوع.

حجة الجمهور أن الجميع وحي من الله تعالى، فالناسخ والمنسوخ من عند الله، والله هو الناسخ حقيقة، لكنه أظهر النسخ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم (6) .

ومثل الجمهور للوقوع بأن آية التحريم بعشر رضعات نُسخت بالسنة (7) .

1-

وحجة الإمام الشافعي (8) قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15]، وقوله تعالى:{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] .

وجه الدلالة: أنه قد تبين من مجموع الآيتين أن المبتدئ لفرض الكتاب إنما هو الله ولا يكون ذلك لأحد من خلقه، وإنما جعل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول من تلقاء نفسه - بتوفيقه سبحانه - فيما لم ينزل به كتابًا، ومعلوم أن موقع سنته صلى الله عليه وسلم من الكتاب إنما هو البيان له والتفسير لمجمله دون النسخ. ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}

(1) انظر: "شرح الكوكب المنير"(3/563) ، و"نزهة الخاطر العاطر"(1/225) .

(2)

انظر: "أضواء البيان"(3/367) ، و"مذكرة الشنقيطي"(85) .

(3)

انظر: "الرسالة"(106) .

(4)

انظر: "العُدة" لأبي يعلى" (3/788) ، و"روضة الناظر" (1/224) ، و"مجموع الفتاوى" (20/397 - 399) .

(5)

انظر: "روضة الناظر"(1/225) ، و"مجموع الفتاوى"(17/195، 197، 19/202)، وربما يفهم من كلام ابن القيم موافقة هذا المذهب. انظر:"إعلام الموقعين"(2/306، 308) .

(6)

انظر: "أضواء البيان"(3/367) .

(7)

ورد ذلك فيما روته عائشة رضي الله عنها، قالت:(كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن) . رواه مسلم (10/29) .

(8)

انظر: "الرسالة"(106 - 109) .

ص: 259

[البقرة: 106]، وقوله تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل: 101] .

2-

واستدل الشافعي (1) على عدم جواز نسخ القرآن بالسنة - وهي هذه المسألة - ونسخ السنة بالقرآن - وهي المسألة اللاحقة - بأن القول بتجويز النسخ في المسألتين يؤدي إلى مفسدة، ألا وهي جواز أن يقال: إن ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته كتحريم بعض البيوع، ورجم الزناة يحتمل أن يكون ذلك قبل أن ينزل عليه قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] ، فيكون القرآن ناسخًا للسنة، ويجوز بناءً على ذلك رد كل سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بيان لمجمل القرآن لمجرد وجود وجه مخالفة بين مجمل القرآن وبيان السنة.

3-

وقد ذكر ابن تيمية أن منهج السلف في الحكم هو النظر في الكتاب أولاً ثم في السنة ثانيًا (2) ، وبين أن هذا المنهج إنما ينسجم مع القول بمنع نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن.

قال رحمه الله: "وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب أولاً؛ لأن السنة لا تنسخ الكتاب فلا يكون في القرآن شيء منسوخ بالسنة، بل إن كان فيه منسوخ كان في القرآن ناسخه، فلا يقدم غير القرآن عليه، ثم إذا لم يجد ذلك طلبه في السنة ولا يكون في السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته، لا ينسخ السنة إجماع ولا غيره.....فيجوز له إذا لم يجده في القرآن أن يطلبه في السنة.

وإذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضًا لما في القرآن" (3) .

المسألة الثانية: نسخ السنة بالقرآن:

ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن (4) ، وهذا اختيار ابن النجار الفتوحي والأمين الشنقيطي (5) .

(1) انظر: "الرسالة"(111 - 113) .

(2)

انظر (ص279) من هذا الكتاب.

(3)

"مجموع الفتاوى"(19/202) .

(4)

انظر: "مختصر ابن اللحام"(138) .

(5)

انظر: "شرح الكوكب المنير"(3/559) ، و"أضواء البيان"(3/367) .

ص: 260

وذهب الإمام الشافعي (1) إلى أن السنة لا ينسخها إلا سنة مثلها، وأن القرآن قد يأتي ناسخًا للسنة، لكن لا بد من مجيء سنة تدل على أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة بأن الشيء ينسخ بمثله، فلا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله، ولا ينسخ السنة إلا سنة مثلها.

وقد استدل الفريقان بالأدلة التي مضى بيانها في المسألة السابقة (2) .

وقد مثل الجمهور للوقوع بأمثلة كثيرة منها (3) :

- التوجه إلى بيت المقدس وهو ثابت بالسنة، وناسخه في القرآن قوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] .

2-

تحريم مباشرة النساء في رمضان ليلاً ثابت بالسنة، وناسخه في القرآن قوله تعالى:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] .

3-

وجوب صوم عاشوراء ثابت بالسنة، فنسخ بوجوب صوم رمضان بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] .

وخلاصة القول في هاتين المسألتين:

أن الخلاف في جواز نسخ القرآن بالسنة والعكس خلاف لا يترتب عليه أثر كبير والخطب فيه يسير.

وذلك إذا تقرر - عند الجميع - ما يأتي:

أولاً: تعظيم نصوص الكتاب والسنة وتقديم جانب العمل بها مهما أمكن (4) .

ثانيًا: أن الكتاب والسنة وحي من عند الله، وأنهما متفقان لا يختلفان، متلازمان لا يفترقان (5) .

ثالثًا: أن النسخ لا يكون إلا بأمر من عند الله سبحانه: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39](6) .

(1) انظر: "الرسالة"(110) .

(2)

يستثنى من ذلك الدليل الأول للشافعي فإنه خاص بالمسألة الأولى فقط.

(3)

انظر: "المستصفى"(147) ، و"أضواء البيان"(3/367) .

(4)

انظر (ص69) وما بعدها من هذا الكتاب.

(5)

انظر (ص134، 135) من هذا الكتاب.

(6)

انظر (ص248) من هذا الكتاب.

ص: 261

رابعًا: عدم التفريق في ذلك بين السنة المتواترة والآحادية (1) .

أما الخلاف في وقوع النسخ في هاتين المسألتين فإنه خلاف اعتباري، يعود - عند التحقيق إلى اللفظ: فمن قال بالجواز اعتبر القرآن ناسخًا للسنة والعكس، ومن منع اعتبر الناسخ للقرآن قرآنًا مثله، والناسخ للسنة سنة مثلها.

يوضح ذلك نقلان عن إمامين جليلين:

(النقل الأول: عن الإمام ابن تيمية، وهو يتعلق بمسألة نسخ القرآن بالسنة.

قال رحمه الله: "فإن الشافعي وأحمد وسائر الأئمة يوجبون العمل بالسنة المتواترة المحكمة، وإن تضمنت نسخًا لبعض أي القرآن.

لكن يقولون: إنما نسخ القرآن بالقرآن لا بمجرد السنة، ويحتجون بقوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] ، ويرون من تمام حرمة القرآن أن الله لم ينسخه إلا بقرآن" (2) .

(والنقل الثاني: عن الإمام الشافعي، وهو يتعلق بمسألة نسخ السنة بالقرآن.

قال رحمه الله: "فإن قال قائل: هل تُنسخ السنة بالقرآن؟

قيل: لو نُسخت السنة بالقرآن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة" (3) .

المسألة الثالثة: نسخ المتواتر بالآحاد:

1-

ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه لا يجوز نسخ المتواتر - من القرآن والسنة - بالآحاد من السنة.

واحتجوا بأن الآحاد ضعيف، والمتواتر أقوى منه فلا يُرفع الأقوى بما هو دونه (4) . وقد تقدم بيان غلط الأصوليين - من وجهين - في هذه الحجة (5) .

(1) انظر (ص249) من هذا الكتاب.

(2)

"مجموع الفتاوى"(20/399) .

(3)

"الرسالة"(110) .

(4)

انظر: "الإحكام" للآمدي (3/134) .

(5)

انظر (ص249) من هذا الكتاب.

ص: 262

2-

وذهب الإمام الشافعي وأحمد وابن تيمية إلى أنه لا يجوز نسخ المتواتر من القرآن بالآحاد من السنة.

وهذا المذهب فرع عن القول بأن السنة لا تنسخ القرآن (1) .

3-

وذهب الأمين الشنقيطي إلى جواز نسخ القرآن بأخبار الآحاد (2) .

وهذا المذهب مبني على:

أ- القول بجواز نسخ القرآن بالسنة، وقد تقدم بيان ذلك (3) .

ب- القول بأنه لا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ أو في درجته بل يكفي أن يكون صحيحًا ثابتًا، وقد تقدم بيان ذلك (4) .

جـ- الوقوع: ومثل له بنسخ إباحة الحمر الأهلية المنصوص عليها بالحصر في قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [الأنعام: 145] ، وذلك بتحريمه صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية، وكان ذلك في خيبر (5) ، والآية من سورة الأنعام وهي مكية (6) .

وحاصل الكلام في هذه المسألة:

أن قول جمهور الأصوليين مبني على أن الأقوى لا يُرفع بما هو دونه، وقد سبق بيان ضعف هذه الحجة. فيعود الخلاف – في هذه المسألة بين القولين الثاني والثالث – إلى قضية نسخ السنة للقرآن على وجه الخصوص، وهذه القضية سبق الكلام عليها، هذا فيما يتعلق بجانب الجواز.

أما بالنسبة للوقوع فإن المثال المذكور يمكن أن يعترض عليه بأن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب تخصيص عموم مفهوم الحصر.

(1) وقد تقدم بيان ذلك (ص258، 259) من هذا الكتاب، وهل يجوز عند هؤلاء نسخ السنة المتواترة بالآحاد؟ مقتضى استدلالهم جواز ذلك. والله أعلم.

(2)

انظر: "أضواء البيان"(2/251، 3/367) ، و"مذكرة الشنقيطي"(86) .

(3)

انظر (ص259) من هذا الكتاب.

(4)

انظر (ص249) من هذا الكتاب.

(5)

انظر: "صحيح البخاري"(6/134) برقم (2991) .

(6)

انظر: "مذكرة الشنقيطي"(86) .

ص: 263