الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هم مقلق، أو خوفٍ مزعج، أو نعاسٍ غالبٍ، أو شغلِ قلبٍ مستولٍ عليه، أو حالِ مدافعةِ الأخبثين.
بل متى أحس من نفسه شيئًا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله وكمال تثبته وتبينه أمسك عن الفتوى (1) .
و وعلى كل، فالضابط لحكم الإفتاء النظر إلى المصالح والمفاسد.
قال ابن القيم: «.....هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها، ترجيحًا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما. وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام (2) وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه.
وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه، وخاف المسئول أن يكون فتنة له، أمسك عن جوابه» (3) .
وفي المسألة الآتية (أنواع الفتاوى) بيان لبعض الأحكام المتعلقة بالفتوى مما يتصل بالنظر إلى المصلحة والمفسدة.
المسألة الرابعة: أنواع الفتاوى
(أولاً: بالنسبة لقصد السائل فإن الأسئلة تتنوع إلى أنواع، وبحسبها تكون الفتوى: فقد يرد السؤال عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد يرد السؤال عن قول إمام بعينه، وقد يرد السؤال عما ترجح لدى المفتي.
والواجب على المفتي أن يُجيب السائل عما سألَ.
ففي القسم الأول عليه أن يبين حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إذا عرفه، لا يسعه غير ذلك.
(1) انظر: "إعلام الموقعين"(4/27) .
(2)
ورد ذلك في حديث رواه البخاري (6/407) برقم (3368) .
(3)
"إعلام الموقعين"(4/157، 158) .
وفي القسم الثاني له أن يخبر عن قول ذلك الإمام، لكن عليه أن يتثبت وألا ينسب القول إلى ذلك الإمام إلا إذا علم يقينًا أنه قوله ومذهبه.
وفي القسم الثالث له أن يخبر بما عنده مما يغلب على ظنه أنه الصواب بعد بذل الجهد والنظر.
قال ابن القيم بعد أن ذكر الأقسام الماضية:
(ثانيًا: بالنسبة لوقوع الحادثة أو عدم وقوعها تتنوع الفتاوى إلى ما يأتي (2) :
1-
أن يسأل المستفتي عما وقع له وهو محتاج إلى السؤال وقد حضره وقت العمل فيجب على المفتي - إن لم يوجد غيره - المبادرة إلى جوابه على الفور، ولا يجوز تأخير بيان الحكم عن وقت الحاجة.
2-
أن يسأل عن الحادثة قبل وقوعها له، فهذه لا تخلو من ثلاث حالات:
أ- أن يكون في المسألة نص من كتاب أو سنة أو إجماع، فيجوز للمفتي ولا يجب عليه بيان الحكم، وذلك بحسب الإمكان.
ب- أن تكون الحادثة بعيدة الوقوع أو غير ممكنة الوقوع، وإنما هي من المقدرات، فيكره للمفتي الكلام فيها؛ لأن السلف كانوا يكرهون الكلام عما لم يقع، ولأن الفتوى بالرأي إنما تجوز للضرورة وليست هناك ضرورة.
جـ- أن تكون الحادثة غير نادرة الوقوع، وغرض السائل الإحاطة بعلمها، ليكون على بصيرة إذا وقعت، فيستحب للمفتي الجواب بما يعلم إن رأى المصلحة في ذلك.
(1)"إعلام الموقعين"(4/177) .
(2)
انظر المصدر السابق (4/157، 222) ، وانظر من هذا الكتاب (477) فيما يتعلق بحكم الاجتهاد في المسألة قبل وقوعها، و (ص516) فيما يتعلق بحكم سؤال المستفتي عما لا يقع.