الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح: أنه يدخل في عموم الخطاب إلا ما استثناه الدليل.
لأن العبد داخل ضمن الأمة، وهو مكلف، فلا يخرج من هذا العموم بلا دليل.
وسقوط بعض التكاليف عنه لا يوجب إخراجه من العموم؛ فهو في ذلك كالمريض والمسافر والحائض.
(وإذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم السؤال عن تفاصيل واقعةٍ، ما دل عدم السؤال على عموم حكمها؛ كتركه صلى الله عليه وسلم سؤال من أسلم على عشرة نسوة (1) : هل عقد عليهن معًا أو مرتبًا؟ فدل على عدم الفرق (2) .
وقد عبر الإمام الشافعي عن هذه القاعدة بقوله:
«ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، ويحسن بها الاستدلال» (3) .
المسألة الرابعة: دلالة العام بين القطع والظن
اتفق العلماء على أن دلالة العام قطعية على أصل المعنى. واختلفوا في
(1) رواه ابن ماجه في "سننه"(1/628) برقم (1953)، والترمذي (3/435) برقم (1128) ولفظه:«أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعًا منهن» قال الترمذي: والعمل على حديث غيلان بن سلمة عند أصحابنا منهم الشافعي وأحمد وإسحاق.
(2)
انظر: "القواعد والفوائد الأصولية"(234، 235) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/171 - 174) ، و"أضواء البيان"(5/100، 581، 6/516، 547) .
(3)
وقد نقل عنه قول آخر، يخالف هذا القول هو:«حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط منها الاستدلال» .
وقد استشكل ذلك بعض العلماء، وجعلهما بعضهم قولين للشافعي، وجمع بعضهم بين القولين بأن الاحتمال إذا كان قريبًا سقط به الاستدلال، وإذا كان بعيدًا فلا يسقط. انظر:"القواعد والفوائد الأصولية"(234، 235) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/172 - 174) .
دلالته على أفراده على قولين (1) :
القول الأول: أن دلالة العام على أفراده ظنية ظاهرة.
القول الثاني: أن دلالة العام على أفراده قطعية.
وسواء قيل بقطعية العام أو ظنيته في الدلالة على أفراده، فإن الأمر لا يختلف إذا حصل الاتفاق على القواعد الآتية:
(القاعدة الأولى: وجوب حمل الألفاظ العامة وإجرائها على العموم، واعتقاد عمومها في الحال من غير بحث عن مخصص.
قال الشنقيطي: «حاصله: أن التحقيق ومذهب الجمهور وجوب اعتقاد العموم والعمل به من غير توقف على البحث عن المخصص؛ لأن اللفظ موضوع للعموم فيجب العمل بمقتضاه، فإن اطلع على مخصص عمل به» (2) .
(القاعدة الثانية: وجوب العمل بدليل التخصيص إذا ظهر، والواجب في هذه الحالة إهدار دلالة العام على صورة التخصيص (3) .
(القاعدة الثالثة: شرط العمل بدليل التخصيص أن يكون هذا الدليل صحيحًا، ولا يشترط فيه أن يكون مساويًا أو أقوى رتبة من العام؛ إذ التخصيص بيان، والبيان يجوز أن يكون أضعف رتبة من المبين فيجوز تخصيص الكتاب بالسنة والمتواتر بالآحاد (4) .
(القاعدة الرابعة: وجوب العمل باللفظ العام - بعد التخصيص - فيما بقي منه والاحتجاج به فيما عدا صورة التخصيص؛ إذ لا فرق بين العام قبل التخصيص وبعده من حيث وجوب العمل (5) .
(1) انظر: "مختصر ابن اللحام"(106) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/114) .
(2)
"مذكرة الشنقيطي"(217) .
(3)
انظر: "مجموع الفتاوى"(6/442) .
(4)
انظر: "مذكرة الشنقيطي"(222) وانظر (ص249) من هذا الكتاب.
(5)
ويظهر الفرق بينهما إذا وجد التعارض كما سبق بيانه انظر (ص 414) من هذا الكتاب.