الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجانب الأول: الأمر
والكلام على هذا الجانب في تسع مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الأمر
يمكن تعريف الأمر بأنه: «استدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء» (1) .
وهذا التعريف يشمل الأمور الآتية (2) :
أ- أن الأمر من قبيل الطلب إذ هو استدعاء، ومعلوم أن الكلام إما طلب وإما خبر.
ب- أن الأمر طلب الفعل، وذلك بخلاف النهي فهو طلب الكف.
جـ- المراد بالأمر القول حقيقة، فيخرج بذلك الإشارة.
د- أن الأمر يكون على وجه الاستعلاء من جهة الآمر، أما إن كان الآمر في رتبة المأمور فهو التماس، وإن كان أدون منه فهو سؤال.
المسألة الثانية: صيغة الأمر
اتفق السلف على أن للأمر صيغة، وأن هذه الصيغة بمجردها تدل على الأمر، وهذه الصيغة هي: افعل للحاضر، وليفعل للغائب (3) .
(1)" روضة الناظر"(2/62) .
(2)
انظر: «الفقيه والمتفقه" (1/67) ، و"روضة الناظر" (2/62) ، و"قواعد الأصول" (64) ، و"مختصر ابن اللحام" (97) ، و"شرح الكوكب المنير" (3/10) ، و"نزهة الخاطر العاطر" (2/62) .
(3)
انظر: "الفقيه والمتفقه"(1/67) ، و"روضة الناظر"(2/63) ، و"قواعد الأصول"(65) ، و"مختصر ابن اللحام"(98) ، و"شرح الكوكب المنير"(3/13) ، و"مذكرة الشنقيطي"(188) .
وزعم بعض المبتدعة أنه لا صيغة للأمر (1) بناءً على أن الكلام معنى قائم بالنفس مجرد عن الألفاظ، فالأمر عند هؤلاء قسمان: نفسي ولفظي، فالأمر النفسي عندهم هو: اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم بالنفس المجرد عن الصيغة.
والأمر اللفظي هو: اللفظ الدال عليه كصيغة: افعل.
والحق أن إثبات كلام النفس الباطل مخالف للكتاب والسنة واللغة والعرف (2) .
1-
فمن الكتاب قوله تعالى لزكريا: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 10، 11] ، فلم يسم الله إشارته إلى قومه كلامًا لأنه لم يتكلم بشيء من الألفاظ.
2-
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم» (3) ، ففرق صلى الله عليه وسلم بين حديث النفس وبين الكلام بالألفاظ والحروف، فأضاف الأول إلى النفس وأطلق الثاني لأنه هو المتبادر إلى الفهم وهو الأصل في الكلام، فلم يحتج إلى قيد أو إضافة.
3-
واتفق أهل اللغة على أن الكلام: اسم وفعل وحرف، ولذلك اتفق الفقهاء بأجمعهم على أن من حلف لا يتكلم فحدث نفسه بشيء دون أن ينطق بلسانه لم يحنث، ولو نطق حنث.
4-
وأهل العرف كلهم يسمون الناطق متكلمًا، ومن عداه ساكتًا أو أخرس.
(1) ذهب إلى ذلك الأشاعرة، وهذا القول لم يسبقهم إليه أحد. انظر:"قواطع الأدلة"(1/81) .
(2)
انظر: "روضة الناظر"(2/64، 65) ، و"شرح الكوكب المنير"(2/9 - 115) ، و"مذكرة الشنقيطي"(188، 189) .
(3)
رواه البخاري (11/ 548) برقم (6664) ، واللفظ له، ومسلم (2/146) .