المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ج - العلوم المساعدة ‌ ‌العلوم الإنسانية لم يكن اشتغال الإمام الأكبر، بما - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌ ‌ج - العلوم المساعدة ‌ ‌العلوم الإنسانية لم يكن اشتغال الإمام الأكبر، بما

‌ج - العلوم المساعدة

‌العلوم الإنسانية

لم يكن اشتغال الإمام الأكبر، بما يدرَّس من العلوم الأساسية بالجامع الأعظم من مقاصد ووسائل، بالذي يمنعه من بيان رأيه واضحاً في العلوم المساعدة؛ كعلمي المنطق والتاريخ أو العلوم الفلسفية والرياضية.

‌علم المنطق

لعلم المنطق أو الاستدلال صلة بعلوم العرب، كما ذكر ذلك السكاكي (1). وهو لا يبحث في شيء زائد عن أسرار النحو كما صوّره ابن سينا (2). وهو لارتباطه بهذه الفنون وَرَدَ تابعاً لها، ولكونه

(1) يبدأ السكاكي حديثه عن المنطق أو الاستدلال بتوطئة يقول فيها: الكلام على تكملة علم المعاني. وهي تتبع خواص تراكيب الكلام في الاستدلال. ولولا إكمال الحاجة إلى هذا الجزء من علم المعاني وعظم الانتفاع به لما اقتضانا الرأيُ أن نرخي عنان القلم فيه. السكاكي. مفتاح العلوم: 435.

(2)

يفسر هذه المقالة ما ورد في المقالة الأولى، الفصل الرابع: لما كانت الضرورة تدعو إلى استعمال الألفاظ، ومن المتعذر على الرواية أن ترتب المعاني من غير أن تتخيل معها ألفاظها .. لزم أن تكون للألفاظ أحوال مختلفة تختلف لأجلها أحوال ما يطابقها في النفس من المعاني، حتى يصير لها أحكام لولا الألفاظ لم تكن، فاضطرت صناعة المنطق إلى أن =

ص: 281

حاكماً على جميع العلوم في الصحَّة والسقم، والقوَّة والضّعف، وأجلّها نفعاً وأعظمها، جعله الفارابي رئيساً لها، ولكونه آلة في تحصيل العلوم المكتسبة النظرية والعملية عدّه ابن سينا خادماً للعلوم.

مهّد ابن عاشور لتفصيل القول فيه بتعريفه. فهو علم يعصم الأفكار من الخطأ في المطلوب التصوّري الذي تتعرّف منه حقيقة الشيء، وفي المطلوب التصديقي الذي يتعرَّف منه العلم مع دليل ما. وهو من علوم الأوائل، نقل عن اليونان في عصر النهضة. وشمل من الأبواب الكليات الخمس، والتعريفات، والتصديقات، والقياس، وختموا مطالبه بذكر الصناعات الخمس: البرهان، والجدل، والخطابة، والشعر، والمغالطة أو السفسطة. تشهد لذلك أصول المؤلفات المنقولة عن أرسطو وأمثاله، ممّا وضع بعدها من التآليف. وسمّي بالمنطق لأن الغاية منه استقامة المنطق، كما عرف بالميزان لأنه قانون اللّسان من حيث إنه آلة التعبير عن المعاني.

ويخلص الشيخ ابن عاشور من تعريفه لهذا العلم وبيان الأصل فيه ومصدره، ونقله إلى لغة العرب، وأَوْجُه تسمياته لينبّهنا إلى أن موضوعات هذا العلم ومسائله فطرية عقلية، وأنه لذلك موجود في كل لغة، وأن فائدته تحريك الذهن بمسائله وتمرينه، وإقامة الحجّة على المكابر وقت الجدل، حين يريد مغالطة الفطرة ومغالبة الحق. وقد ذكر لهذا المعنى ما يصوّره في القرآن العظيم، وهو قول الله عز وجل:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} (1).

= يصير بعض أجزائها في أحوال الألفاظ. ابن سينا. الشفاء، المنطق 1، المدخل: 1/ 22، 23.

(1)

الأنعام: 91.

ص: 282

وجعل الآية مثالاً لنقض السالبة الكلية بالموجبة الجزئية عند المناطقة.

ومن أسباب انصراف كثير من الناس عن الاشتغال بالمنطق انقسام العلماء إزاءه طائفتين:

الأولى: اعتبرته كثير الألغاز فاستهانت به، وعاملته بمثل ما عاملت به الإنشاء والتاريخ والأدب. وربما أصبح من المشهور على ألسنة الغلاة عدُّه مدعاة لتكفير طالبيه ومعتقديه، فكانوا في ذلك على رأي الشافعي في علم الكلام. قال ابن تيمية:"ولهذا ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمّونه ويذمّون أهله وينهون عنه وعن أهله"(1). وأبرز من يمثل هذا الاتجاه المحدّثون والفقهاء. فقد صرّح السيوطي في كتابه عقود الجمان في المعاني والبيان بما نصّه: "إنا معشر أهل السنة لا ننجس تصانيفنا بقذر المنطق الذي اتفق المعتبرون خصوصاً المحدثين والفقهاء من كل المذاهب، من الشافعية وأهل المغرب، على تحريمه والتغليظ على المشتغلين به وإهانتهم وعقوبتهم. وقد جمعت في ذلك تأليفاً نقلت فيه كلام الأئمة في الحظِّ عليه. وهو كتاب مهم. وقد نصّ أئمة الحديث كالسِّلَفي والذهبي وابن رُشيد على عدم قبول رواية المشتغل به، وقد تركت الأخذ عن جماعة لذلك، وبالله التوفيق"(2).

ونازع هذه الفئة كثير من العلماء الذين عنوا بالمنطق مادة درس وتأليف. ورأينا المغيلي في بعض شروح السلّم يعرّض بخصومه ومناقضيه، ويرد على السيوطي بأبيات من شعره.

(1) ابن تيمية الفتاوى: 9/ 7.

(2)

شرح عقود الجمان: 26.

ص: 283

الطائفة الثانية التي قيل عنها: إنها المتحرّرة مما أصاب الأولى من جمود، صنَّفَت فيه واستخدمت قواعده وقوانينه في عامة العلوم الإسلامية، ومن أجل ذلك نجد تنويه ابن سينا به حين قال: المنطق نعم العون على إدراك العلوم كلها. وقد رَفض هذا العلم وجحد منفعته من لم يفهمه ولا اطلع عليه، عداوةً لما جهل، وتوهّماً لكونه يشوش العقائد، مع أنه موضوع للاعتبار والتحرير (1).

وقد ألمع الشيخ رحمه الله إلى هذه الحقيقة ببيان موقف الغزالي من علم المنطق وبما اشتهر به من قوله:

حكمةُ المنطق شيءٌ عجب

واختلاف الناس فيها أعجبُ

ثم تعرّض لأسباب اختلال هذا العلم فعدّ منها:

أولاً: ما أشار إليه قبل من اختلاف مواقف العلماء من هذا العلم وإهمال الجمهور الكبير له.

ثانياً: ورود استعمالات كثيرة لدى المناطقة لا تقرّها اللغة العربية. وقد ذكر الإمام الأكبر أربعة أمثلة لهذا:

الأول: كقولهم: السالبة تصدق بنفي الموضوع، مع أنه غير موجود في اللغة.

واحتجوا لذلك بقول الشاعر:

على لا حب لا يُهتدى بمناره (2)

[إذا ساقهُ العَوْدُ الدفافيُّ جرجرا]

(1) صديق بن حسن القنوجي. أبجد العلوم: 2/ 522.

(2)

البيت لامرئ القيس. الديوان: 66؛ ابن فارس. مقاييس اللغة: 2/ 318؛ ابن فارس. مجمل اللغة: 2/ 304.

ص: 284

وهو بعيد عن الصواب لأن هذا من قبيل الكناية، والمنار علامة الطريق ولا يفارقه الاهتداء. فإذا انتفى عنه الاهتداء انتفى ملزومه وهو المنار.

الثاني: استعمالهم الرابطة وهي كلمة (هو) لتصحيح الحمل. وهي مفقودة في العربية بهذا المعنى.

الثالث: ذكر الاستثناء بـ (لكن) في القياس الاستثنائي مع أن ما بعدها ليس مغايراً لما قبلها. وهي منقولة عن اليونانية.

الرابع: وضعهم كلمة (لو) للواقع مع أنها في العربية للامتناع.

ثالثاً: فراغ بعض مسائله وشغورها من التمرين في الصناعات الخمس وغيرها. وما ذلك إلا لغفلة المتأخّرين عن الغرض من وضعه. فإن المنطق من العلوم التي لا يظهر أثرها عند دراسة كل مسألة، بل هو من العلوم التمرينيّة التي تظهر نتائجها بعد طول عمل دفعة.

وما زال إتقان هذا العلم يحتاج إليه في دراسة كتب التراث، وفي الوقوف على القضايا والمسائل الجدلية أو الخلافية، لأن هذه قائمة على استخدام قوانين المنطق ومرتبطة به في أحوال كثيرة. وإن كان علم المنطق في عصرنا الحاضر قد اضمحل أو كاد لاختفاء المنطق الأرسطي، وقيام منطق العلوم مكانه.

* * *

ص: 285