الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: ارجعا إليّ. أعيدَا عليّ قصّتكما. متطبب، والله (1).
تعرض الشيخ ابن عاشور أولاً إلى بيان موضع هذا الحديث من كتاب القضاء في الموطأ؛ وإلى التنبيه على وجوب حماية الحقوق إذا ترتَّبت على اقتضاء المصلحة العمرانية آثارٌ قد تكون ضارة بالناس. فيكون على التشريع أن يحميهم من ذلك بوجه تسلم به المصلحة من الإضرار. ثم إلى تقرير قواعد العدل لإصلاح الدهماء وإقناع الحكماء والعلماء، والتذكير بدعائم ذلك من الحرية والإخاء؛ والتأكيد على أن في القضاء مجاهدة، وأنه يبلغ بصاحبه مرتبة الفضيلة إذا التزم الحق في قضائه، والحديث عن شروط القضاء؛ مع تحريرات ونقول مهمّة.
وبعد تفصيل القول في جملة هذه العناصر ترجم المؤلف لأبي الدرداء، وذكر مؤاخاة الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان، وقول معاذ: اطلبوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام، وتخلّص إلى أن الحوار الذي دار بين هذين الصحابيين يرقى به، بفضل تلك الشهادة، إلى مرتبة الحديث النبوي، إذ هو دائر بين الحكمة والعلم المشهود بهما لهما.
ثم مضى في شرح حديث الباب هذا، يَذكر نقولاً ثابتة، ومقارنات مفيدة، مُورداً نظائره ومتمّماته لاستجلاء معناه وتحقيق المراد منه (2).
2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها
(3):
كان عمله فيها انطلاقاً من حديث سليمان بن داود المهري:
(1) ط. 37، كتاب الوصية، 8 باب جامع القضاء وكراهيته؛ ح 7: 2/ 769.
(2)
راجع هذا البحث في تحقيقات وأنظار: 61 - 70.
(3)
ورد ذكره ونصه فيما نشره علي الرضا الحسيني كما تقدّم.
أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة - فيما أعلم - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّد لها أمر دينها". قال أبو داود: رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يُجِز به شراحيل (1).
وافتتح الباحث حديثه بوصف الإسلام بكونه خاتم الأديان، وأن شريعته عامة باقية. ونعتَ الشريعةَ بكونها إرشاداً صرفاً، وأن للفضائل والصالحات تضاؤلاً وتخلفاً بكرور الأزمان، وأن لدأب النفوس في المسير حنفاً وانحرافاً إذا امتد الميدان. فاحتاج الأمر بموجب ذلك إلى تجديد أمر الدين. وهو ما اقتضاه قول الحق سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (2). والحفظ لا يتحقق إلا بثلاثة مقامات: هي الرجوع إلى أصل التشريع عند الإشكال، وتجديد ما رثّ من أصول الدعوة، ومقام الذبّ عن الدين وحمايته، ولا يضطلع بالمقامين الأولين غير أهل العلم.
ثم تولى الإمام الأكبر بيان طرق الحديث ورواته. ثم بيَّن معناه بتفصيل القول في المراد بـ "التجديد" وبـ "أمر الدين" في هذا الحديث، قبل أن يتحدث عن دعائم الإسلام: العقيدة والشريعة، وحماية البيضة، مؤكداً أن التجديد الديني يكون بإصلاح الناس في الدنيا من جهتي التفكير والعمل، ومن جهة تأييد سلطان الدين. وبعد الوقوف عند معنى التجديد، وعند المقصود من مضي المائة سنة، باعتباره مظنّة لتطرق الرثاثة والاحتياج إلى التجديد، جعل شطر بحثه
(1) دَ. السنن: 31 كتاب الملاحم، 1 باب ما يذكر في قرن المائة: 4/ 480.
(2)
الحجر: 9.