الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه بموجب الخلقة. ولهذا أمثلة وصور كثيرة. وتكون الموانع الجبلية موانع مساواة في تلقي الشريعة أو في العبادة أو في التقرب إلى الله.
والموانع الشرعية هي ما كان تأثيرها بحسب التشريع. فالشريعة هي القدوة في تحديد هذه الموانع وعللها. وطريق معرفة هذه الأصول المانعة من إجراء المساواة: إمّا القواعد والضوابط الشرعية، وإمّا طريق تتبّع الجزئيات المنتشرة في الشريعة، وإمّا اعتبار صنوف أصول الحضارة البشرية، فيكون قاضياً بالتردّي في الاختلال والفوضى.
وأكثر الموانع الاجتماعية مبني على ما فيه الصلاح للمجتمع، وفي هذا رجوع إلى المعاني المعقولة.
والموانع السياسية هي الأحوال التي تقتضي إبطال حكم المساواة بين أصناف وأشخاص، أو في أحوال خاصة، لمصلحة من مصالح
حكومة الأمة
(1).
حكومة الأمة:
أما الموضوع السياسي فلن ألفت النظر فيه إلى أكثر مما وردت به النصوص وقامت عليه البراهين والشواهد. فإقامة الحكومة للأمة الإسلامية أمر ضروري إذ لا يستقيم حال الأمة بدون حكومة. ولا شك في كون الحكومة الإسلامية حكومة ديمقراطية خاصة، وأنها تستند إلى التشريع الإلهي، وتستمد نظمها من الشرع الإسلامي. وولِيُّ الأمر فيها مسند له أن يتصرف بما يراه مصلحة للأمة، وحفظاً للدين، ودفاعاً عن الحوزة. وله أن يستشير ويستعين بمن يختارهم من
(1) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 143 - 159.
ذوي الكفاءة عندما يعرض له ما لا يتَّضِح له وجه الحق فيه. ويمضي شيخنا في الحديث عن سياسة الحكومة الإسلامية مبيناً أن ما تقتضيه السياسة يجري في مجالين:
الأول: مجال إجراء المصالح الضرورية والحاجية ودرء المفاسد. وقد مثل لذلك بالتجنيد وتأمين السبل ونصب المحاكم والشرطة ونحو ذلك من الهيئات التي تقوم بها المصالح العامة وتدرأ بها المفاسد.
والمجال الثاني للسياسة الإسلامية لا يجري إلا في مجال إجراء المصالح التكميلية والتحسينية في المصالح العامة كنشر العلم، ووعظ الناس، وتثقيف العقول بالتربية الكاملة، وإيجاد الملاجىء، والمطابخ الرفيقة، والمنتزهات، ومواضع الاستجمام والإسعافات العدلية والصحية (1).
ومن يلمس سريان الروح الديني في مختلف فصول هذا الكتاب من بدايته إلى نهايته، يدرك حقائق الإسلام وظواهره، حُكمَه وتوجيهاته، رحمتَه وإصلاحَه للفرد وللجماعة، رقياً بالإنسان وتزكية له، وصعوداً به في معارج النبل والكمال الإنساني. فتحسن عاقبته دنيا وأخرى. والتفاتة صغيرة إلى فلسفة الإمام الأكبر وحكمته، ترينا في وضوح ما ألمعنا إليه قبل من أن للشارع مقاصد من تشريعاته منها ما يرتبط بنصوص الأحكام، ومنها ما له علاقة بالمخاطبين بتلك النصوص المكلفين بتنفيذها. فالاتجاه المقصدي بارز في تشريعات الإسلام العامة الشاملة كما هو الشأن في أصول نظام الاجتماع الإسلامي التي عالج بها المؤلف أحوال الأفراد وأحوال الأمة جمعاء
(1) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 223.