المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

حواشي السيد الشريف الجرجاني، والفناري، وملا خسرو، والسمرقندي، والشيرازي ونحوهم. ولكن أهم الحواشي وأكثرها تداولاً هي حاشية العلامة النظار المنقطع النظير عبد الحكيم السيالكوتي. فقد كانت مادةً أساسية، مع المطوّل شرح كتاب التلخيص، في المرتبة العليا بالمعاهد. ولا بدع إذن إذا وجدنا الإمام الأكبر يجاري الشيخ الجدّ. ولا يكتفي بما تركه من تعاليق، فسجل هو أيضاً ما عنّ له من ملاحظات، وانقدح في فكره من آراء أيام تدريسه لهذا الكتاب، وأثناء مراجعاته له. فترك لنا رحمه الله تعاليقه على المطول وحاشية السيالكوتي عليه. فما كانت لتغني التعاليق الأولى لجده عن تعاليقه شيئاً. فإن الأنظار تتفاوت، والأحوال تتباين، والأفكار والآراء تختلف وتتباعد. ولكنها مدعاة للتنافس، ونتيجة للتأمل والدرس، وثراء للبحث والنظر.

* * *

ومن المقالات التي يمكن إدراجها في هذا الباب مقالةٌ تَبحث أساليب العرب في بعض مقاماتها، وما تجري عليه مخاطباتهم فيها، وأخرى كوّة ينظر منها إلى أوصاف الكلام أو النظم نظرة عميقة نقدية كطريقة توجيه الخطاب إلى المرأة في شعر العرب.

‌وفي الأسلوب مقالان:

‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

هذه المقالة لا تجري على المنهج الذي اعتدناه عند الإمام الأكبر إلا قليلاً. فهو لا يوغل فيها إيغاله في تتبع المفردات والتراكيب اعتماداً على القوانين التي ضبطها علماء اللغة العربية،

ص: 520

وتوصلًا إلى تفصيل الكلام في التصرّفات القولية، وتمكناً من التحقق من مدلولاتها في اللسان العربي. ولكنّه يتّجه بنا اتجاهاً جديداً فيعود بنا من الطريقة التطبيقية إلى الطريقة الاستنتاجية، ويسلك بنا سبيل المبرد، ومن كان من الأقحاح في زمنه، متحولاً بذلك عن منهج ابن الأنباري وابن الشجري وأمثالهما.

فهو بوقوفه على كلام العرب نثره ونظمه، خطبه ورسائله، ودرسه لعيون الشعر ودواوين العرب وجمهرات نظمها، لاحظ في هذا التراث الواسع البديع ما شدّ انتباهه إلى بعض الاستعمالات التي لزمها القدامى وتعودوا عليها. وعجب من خلو كتب اللغة والأدب، لكثرة استعمالها، من الوقوف عندها لدراسة خصائصها، وبحث ما تتميّز به من أساليب في كتب البلاغة والنقد. وذهب يقرّر أن لشعراء العرب في كلامهم سُنناً لا يكادون يحيدون عنها، يتبع فيها المتأخِّر خطى المتقدِّم، بحيث يعدّ الإخلال بها حَيَدَة عن الطريقة المألوفة. وقبل أن يضبط بعض هذه السنن ويمثل لها بالشواهد الثابتة المعروفة، يذكر سمات عامة للشعر عند العرب. منها:

1 -

افتتاحهم لكثير من أغراضهم في الشعر بالنسيب، وينبّه إلى موضع ذلك من معلّقات زهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة، ويتقدّم الغزل أو النسيب قصائد المَدْح، كما في قصيدة علقمة يمدح الحارث الغساني:

طحا بك قلب في الحسان طروب

بُعَيد الشباب عصرَ حان مشيب

وقصيدة كعب بن زهير:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيّم إثرها لم يُفدَ مكبول

ص: 521

وقصيدة القطامي:

إنّا محيّوك فاسلم أيها الطلل

وإن بَليتَ، وإن طالت بك الطول

وليس هذا الأمر بدعاً من القول، فقد سجّل هذه الظاهرة وأقرّها المتنبّي في قوله:

إذا كان مدح فالنسيب المقدم

أكلّ فصيح، قال شعراً، متيَّم

2 -

ومنها خطاب المثنى بنحو يا صاحبيّ، خليليّ، يا فَتَيَان. ومن أقدم ما ورد من ذلك قول امرىء القيس:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وقول السليك بن السلكة السعدي:

يا صاحبيّ ألا لَا حيَّ بالوادي

إلا عبيد وآم بين أذواد

وقول الآخر:

فإن تسألاني عن هواي فإنّني

مقيم بأقصى القير يا فتيان

وهنا بعد تعليل البيت الأخير بأن من عادة المسافر أن يستصحب مرافقين، يتقدم بملاحظة عامة يبيّن فيها استخلاصه ممّا وقع عليه نظره في مطالعات الأدب العربي أنه وجد شعراءهم كثيراً ما يوجهون الكلام إلى المرأة بطريق الخطاب أو بالاسم أو الضمير أو يحكون عن المرأة، مع أن المقام أن تكون المرأة معيّنة مقصودة بذلك أو مقصوداً إبلاغ الكلام إليها. فربّما طلبوا من المرأة أن تسأل عن خبر وأن تتعرّف حادثاً. وأكثر ما لاح لي ذلك في السؤال المفروض، لأن الأصل فيه أن يبنى على فرض سؤال، فيكون مبنياً على التذكير كقوله تعالى:{سَأَلَ سَائِلٌ} (1)، أو:

(1) المعارج: 1.

ص: 522

{السَّائِلِينَ} (1). فلما لاح لي ذلك وتتبعته تبين لي أنَّ توجيه السؤال إلى المرأة بُني على ملاحظة الغرض الذي من شأن المرأة أن تسأل عنه، ثم انتقلتُ إلى البحث عن كل مقام فيه ملاحظة الأغراض التي من شأن المرأة أن يكون لها الحظ الأوفر فيها من الاعتبار أي من الشؤون التي يغلب على النساء الاهتمام بها أكثرَ من اهتمام الرجال. فكل ذلك مما يقيمون كلامهم فيه على منوال التأنيث.

وهكذا ضبط صاحب المقالة صور توجيه الخطاب إلى المرأة وطرقه في الشعر عند العرب. ولكنه لا يفتأ أن يقول إثر هذا: ثم وجدت توجيه الخطاب إلى المرأة في مواضع أخرى غير طلب السؤال عن خبر، فاتسع لي باب طرقته. فإذا وراءه كُوَى، تطل منها أفنانٌ لا يعتريها ذبول ولا ذوى.

ويحاول الإمام ضبط هذه الأغراض أو تقريبها، فيستجلي بذهنه ما مرّ به في بحوثه ودراساته، ونظره ومطالعاته. فإذا هي لا تعدو خمسة أغراض سبرها سبراً.

ونحن قبل أن نتعرّض لهذه الأغراض من طرق توجيه الخطاب إلى المرأة، لا بد لنا من الرجوع إلى أشعار العرب وأقوالها مؤتسين في ذلك بعمله الدقيق في هذه المقالة، إذ جعل الشواهد مرجعَ استنتاجه وطريق وصوله إلى تقريراته في هذا الشأن:

الغرض الأول: أنه كان من عادة النساء العربيات العناية بالأخبار والحوادث، يعمرن بالحديث عنها آناء اجتماعهن في الأسمار. فمن أجل ذلك يتناقلنها وتُشيعها المرأة والأخرى، وينبسطن بالحديث عنها إلى رجال بيوتهن في أسمارهم. ومن ذلك

(1) البقرة: 177؛ يوسف: 7؛ فصلت: 10.

ص: 523

حديث أم زرع الوارد بكتب السنة. فإذا قصد الشاعر إلى إبراز ذلك وجّه الخطاب إلى ضمير الأنثى، أو حدّث عنها بطريق الغيبة. وهذا ليس من التجريد أو انتزاع ذات من ذات أخرى، ولا هو من قبيل توجيه الخطاب إلى غير معيّن، وهو كثير في القرآن.

ولكن في الغرض الذي نحن بصدده ينبغي أن يلحق بالأساليب المتّبعة في الاستعمال. ولا يحقّ أن يعدّ في مبحث وجوه تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من مباحث علم المعاني. والنقاد لم يبحثوا عن نظيره وهو خطاب المثنّى في نحو (قفا نبك)، كما قصدوا عدم التعرض لنظيره مع شهرته بين أهل الأدب. واستثنى في هذا المقام صوراً لا تدخل في غرضنا المحدود هذا، ممثلًا لها بكلام الأعشى ولبيد، وعبيد بن الأبرص وذهلول بن كعب العنبري.

الغرض الثاني: أن المرأة شديدة الإعجاب ببطولة الرجل لقصور قدرتها عما يستطيعه الرجال، ولأنّها ترى في بطولة الزوج والقرابة ما يُطَمئن بالها ويعيذها من كل شر. قال النابغة:

حذاراً على أن لا تنال مقادتي

ولا نسوتي حتّى يَمُتن حرائرا

فإذا كان الرجل جباناً نفرت منه لتعيير النساء إياها به، وهذا كالذي يومىء إليه عمرو بن كلثوم في بيته:

يقتن جيادنا ويقُلن لستم

بعولتَنا إذا لم تمنعونا

ومما يلحق بهذا قول عنترة:

إن تغدفي دوني القناع فإنّني

طب بأخذ الفارس المتلثّم

وقول أنيف بن زبان الطائي:

فلما التقينا بيّن السيفُ بيننا

لسائلة عنّي، خفيَّ سؤالها

ص: 524

وقول لبيد:

أو لم تكن تدري نوار بأنّني

وصّال عقد حبائل، جذّامُها

ترّاك أمكنة إذا لم أرضها

أو يعتلق بعض النفوس حمامها

ومن هذا أيضاً مواجهة المرأة بأن تسأل عن كرمه، كما في قول مضرس العبدي:

فلا تسأليني واسألي عن خليقتي

إذا ردَّ عافي القِدرِ من يستعيرها

الغرض الثالث: رغبتهم في إظهار ثباتهم يوم اللقاء أو محامدهم بين أهليهم وقبائلهم كقول الآخر:

وترانا يوم الكريهة أحرا

راً، وفي السلم للغواني عبيدا

ويتغيّر هذا الغرض بتغيّر الأحوال. فمن ذلك أن تلوم المرأة زوجها على السخاء إبقاء على ماله. وقد جاء من هذا قول ضمرة بن ضمرة النهشلي:

بكَرتْ تلومك بعد وهن في الندى

بَسْلٌ عليك ملامتي وعتابي

وقال تأبّط شراً:

بل من لعاذلة خذّالة أشب

حرّق باللوم جلدي أي تحراق

تقول أهلكت مالًا، لو قنعت به

من ثوب صدق، ومن بزٍّ وإعلاق

وقال النمر بن تولب في حالة أخرى:

لا تجزعي إن منفس أهلكته

فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

وقال كثير يمدح عبد الملك بن مروان:

إذا ما أراد الغزو لم تثن همه

حَصان عليها نظم دُر يزينها

نهته، فلما لم تر النهيَ عاقهُ

بكت، فبكى ممّا شجاها قطينها

ص: 525

وقال سُلمى بن ربيعة:

زعمت تماضر أنّني إن ما أمت

يسدُد بُنَيُّوها الأصاغرُ خلّتي

تربت يداك، وهل رأيت لقومه

مثلي على يسري، وحين تعلّتي

الغرض الرابع: بناء الشعر على خطاب المرأة في الشؤون التي يليها النساء. فيكون ذلك الخطاب إخراجاً للكلام على الغربا. وأنشد على هذا قول مرّة بن عكان السعدي:

يا ربة البيت قومي غير صاغرة

ضمّي إليك رحالَ الحيِّ والغربا

وقول الآخر (وهو من شواهد المفتاح):

أتت تشتكي منّي مزاولة القرى

وقد رأت الأضياف ينحون منزلي

فقلت لها لمّا سمعت كلامها

هم الضيف جِدِّي في قراهم وعجّلي

والغرض الخامس: الذي ختم به ذكر الوجوه السابقة في أسلوب العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة هو تذكر الخليلة عند الوقوع في مأزق من تذكر النعيم عند حلول البؤس، إذ الشيء يذكر بضدّه، أو في حالة المسرّة والانبساط. ومثّل الإمام الأكبر لهذا الغرض بشواهد أربعة:

الأول: وهو أقدم ما فيه، قول عنترة:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل

منّي وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنّها

لمعت كبارق ثغرك المتبسّم

الثاني: قول أبي عطاء السندي:

ذكرتك والخطّيّ يذكر بيننا

وقد نهلت منَّا المثقَّفةُ السمرُ

ص: 526