الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه إمكان النزول قبل الوصول إلى المنازل الملائمة لنزول الطائرة، فلا يتصور فيه إمكان النزول حتى يرخص له التفادي عنه بالإحرام في الطائرة، ولأن الإحرام في الطائرة مشقة ومضرّة، لشدة برودة الجو، ويحتاج إلى التدثر بالثياب، وفي الغالب لا يوجد في ثياب الإحرام ما يصلح للتدثر.
وأما موقع الإحرام في صورة من لا يحرم حتى ينزل إلى البر، ففي شرح الحطاب عن سند: لا يرحل الحاج عن جدة إلا محرماً، لأن جواز التأخير إنما كان للضرورة، وهل يحرم إذا وصل البر، أو إذا ظعن من جدة؟ الظاهر إذا ظعن، لأن سنة من أحرم وقصد البيت أن يتصل إهلاله بالمسير. اهـ. (1).
5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة
هذه قضية لم يسأل عنها الإمام الأكبر ليفتي فيها برأي، وإنما هي من الموضوعات التي تناولها في تفسيره (2)، ونبّه عليها في مقاصده (3).
وقد اشتهرت بين الناس الأحاديث الخمسة التي صدّر بها ابن حجر تفسيره للباب 8 باب وصل الشعر، من الكتاب 77 كتاب اللباس من فتح الباري (4).
وهي حديث معاوية الذي يقول فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) نشرت هذه الفتوى بعد وفاة الإمام. الهداية: 5/ 2، ذو القعدة 1397/ نوفمبر 1977:21.
(2)
محمد الطاهر ابن عاشور. التحرير والتنوير: 5/ 205 - 206.
(3)
محمد الطاهر ابن عاشور. مقاصد الشريعة: 269.
(4)
ابن حجر. فتح الباري: 10/ 375.
ينهى عن مثل هذا (أي وصل الشعر). ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم"، يشير إلى ما في وصل الشعر بقَصة منه من التزوير.
وحديث أبي هريرة: "لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة".
وحديث عائشة: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن جارية من الأنصار تمعط شعرها فقالت: أَفَنَصِلُها؟ فأنكر النبي عليها ذلك.
وحديث أسماء بمعنى السابق، وكذا حديث ابن عمر.
وقد استنبط الفقهاء من الحديث الأول حكم وصل الشعر واختلفوا في ذلك مذاهب متعددة:
قال الجمهور بمنع وصل الشعر بشيء آخر سواء كان شعراً أم لا.
وقال الليث: الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر.
وعن سعيد بن جبير: لا بأس بالقرامل.
وفرّق بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به من الشعر من غير الشعر مستوراً بعد عقده مع الشعر، وبين إذا ما كان ظاهراً. فمنع الأول فقط قوم لما فيه من التدليس، وأجاز بعضهم الوصل مطلقاً سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر إذا كان بعلم الزوج وإذنه (1).
ودلت الأحاديث الأربعة الأخرى على حرمة وصل الشعر للفاعل والمفعول به. واعتبر العلماء ذلك النهي نهيَ تحريم لا نهي تنزيه.
ويقابل هذه الآراء أو بعضها ما جاء في كلام عائشة من أن
(1) ابن حجر. فتح الباري: 10/ 375.