الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: بالاقتصار في الرواية والنقل على ذكر الصحابي راوي الحديث، وبيان درجة ما رواه في نظر أهل النقد، كما فعل السيوطي في الجامع الكبير.
رابعاً: بتذييل ذكر الحديث بمنازع علماء الفقه في الاستنباط، وهو ما درج عليه إمام دار الهجرة في مُوَطَّئِه.
3 - علم الفقه
هو العلم القائم على استنباط العلماء تفاريعَ الأحكام من القرآن والفقه في جميع الشؤون التي تدعوهم إليها الحاجة، فبيَّنَ المؤلف ابتداءً قيام هذا العلم ونشاطه من عهد النبوة، وتصدُّرَ ذوي الشأن فيه، ممن تميّز بجودة الفهم وأصالة الرأي لإذاعته وضبط أحكامه. وقد تبع نبغاء فقهاء الصحابة أتباعُهم في بلاد كثيرة بالمدينة والكوفة وبلاد الشام. وكان الداعي إلى العناية به تحقيق العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وكان الباعث على تدوينه حفظ ما تجمع لهم من الآراء في ذلك، ليحفظوا على الناس أزمانهم في عمل قد قضّاه فيها من قبلهم، مع الاحتياج في هذه الصناعة إلى صفات، يقل اجتماعها، من قوّةِ الرأي، وفهمِ أساليب العرب، والشعورِ بمقاصد الشريعة، وصفة العدالة، والفراغ من الشغل بغير علم الشريعة.
وبعد ذكر أوصافهم من التمحيص، والدّقة، والحذر من التشديد في الأحكام، أو الجزم بها عندما تكون قوية الظن، ينتقل المؤلف إلى تقسيم كتب الفقهاء وطرائقهم في الفقه إلى قسمين:
الأول: تذكر فيه الفروع وأنواع الحوادث مذيّلة بأحكامها، كما يظهر ذلك في مدوّنة مالك وجامع محمد بن الحسن الشيباني.
والثاني: تذكر فيه الكليّات الفقهيّة (الأصول القريبة)، وتُفَرَّع عليها المسائل الجزئية كما هو صنيع القرافي في فروقه، وابن نجيم في أشباهه. وسبق هؤلاء وتبعهم عدد من الفقهاء إلى هذا الصنيع مثل العز بن عبد السلام والمقرّي والونشريسي.
وقد نبّه إثر ذلك، في بيان أطوار هذا العلم، إلى أن طريقة التفريع كانت أقرب وأسهل، وأن جهد أكثر المؤلفين كان مقتصراً عليها، منصباً على التقديرات وتكرير الفروع. وقد أتى الفقهَ من هذا الوجه أقدمُ فساد أَوجبَ تأخّره حين طمع القاصرون في روايته من غير نظر في علم الفقه، فلفت المؤلف النظر إلى أن جماع التشريعات تضمّنها الكتاب الكريم. فالقرآن تبيان لكل شيء، وجعل دورَ الفقهاء استنباطاً لتفاريع الأحكام منه في جميع الشؤون التي تدعوهم إليها الحاجة، وبدون خدمة علوم أخرى، وأصبحت مسائله صوراً لها أحكام، تؤخذ مسلمة من كل من يقف عليها. ولا ينكر الشيخ رحمه الله الحاجة إلى التفريع وإلى توضيح المشكلات؛ وإنما الذي ينكره هو حصر مسائل الفقه في ذلك.
وربما زاد الأمرَ إشكالاً عنايةُ بعض الفقهاء بنقل الخلاف المذهبي، وذكر الأقوال الكثيرة في المسألة الواحدة. فتشتَّتَتِ الأفكار واختلفت الأفهام. ولولا تصدّي أمثال ابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب ومحمد بن بشير إلى مواجهة هذا الوضع بالترجيح بين الأقوال المختلفة لصعب على الناس تعاطي الفقه.
ومن أجل زيادة بيان وضع هذا العلم، أولى الإمام الأكبر تقرير هذه الحقائق عناية خاصة بتفصيل القول في ذكر أسباب تأخّره، وبيان طرق علاجه، بضرب الأمثلة على ذلك من عمل المهرة من متقدمي الفقهاء.