الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
مراقبة حضور المدرسين (1).
4 -
إعفاء الطلبة من المجبى، ومن الخدمة العسكرية.
الشيخ ابن عاشور والإصلاح:
كانت هذه المطالب وما يرتبط بها حاضرة ماثلة في ذهن الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. وتوفّرت أسباب ذلك لديه:
منها ما هو معروف بين الخاصة والعامة، وفي الأوساط العلمية الزيتونية، وحتى في الأوساط السياسية والاجتماعية. وهي إصلاحات الوزير خير الدين.
وما كان يتلقاه مباشرة من آراء جدّه الوزير، وتصرّفاته بشأن إصلاح الزيتونة. وقد كان جدّه الوزير من علماء الزيتونة، تخرّج من بين عرصاتها، واغتذى بلبانها بالأخذ عن أشياخها، وتردّد طالباً على حلقات العلم بها، ثم تولّى تفقّدها وهو وزير، كما تولّى بنفسه الإشراف على اللجنة الأولى لإصلاح التعليم بجامع الزيتونة سنة 1316/ 1898.
وما لاحظه الشيخ ابن عاشور بنفسه، وهو طالب ومدرس بالجامع الأعظم، من مسيس الحاجة إلى الإصلاح في مجالات عديدة مختلفة.
ومنها ما دعاه إلى المعالجة الفعلية لقضايا الإصلاح، وهو نائب الدولة لدى النظارة العلمية 1325/ 1907، ثم وهو قاضٍ، بوصفه عضواً في هيئة تلك النظارة، ثم بوصفه شيخ الإسلام، والشيخ المدير للجامع الأعظم.
(1) مختار العياشي. البيئة الزيتونية، ترجمة حمادي الساحلي:26.
كان الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور يدرك مدى العلاقة بين رجال العلم والإصلاح. فالشيوخ لم يكونوا يكترثون بالتعديل أو التغيير لتعليمهم من تلقاء أنفسهم، أو يظهرون الاهتمام به والالتفات إليه، إلا ما كان منهم بعد تأسيس الجمعية الخلدونية في 18 رجب 1314/ 24 ديسمبر 1896، كما كان يدرك موقف المشائخ وما يتلقون به مساعي المصلحين من الحكومة بالتذمر والضجر. لا يحملهم على ذلك إلا حرصهم على حرية التصرّف في معهدهم، كما كان أسلافهم، وعدم التقيّد بنظام أو التزام بترتيبٍ ينشأ عنه تدخّل في الدين ومنهج تلقينه وطريقة نشره وتعليمه. ومن ثَمّ لم يعيروا الإصلاحات الثانية اعتباراً، ومضوا مستهينين بها، ومخالفين لها، مجدّدين بذلك موقفهم الذي وقفوه قبل من إصلاحات المشير أحمد باي الأول.
وانكمش خير الدين عن المضي في إصلاحه، تاركاً أشياء كثيرة لم يتمّها، كما توقّف المسؤولون في قطاع التعليم من رجال الحماية عن المشاركة في جهود الإصلاح، لما تقدّم به رجال العلم بالزيتونة من وصفهم للإصلاحات بكونها بدعة. وبدأ الشقاق يظهر بين الطرفين المحافظ والإصلاحي؛ فازداد الأول تمسكاً بموقفه، وأبدى دعاة الإصلاح رغبتهم في التغيير والتجديد وإصلاح التعليم العربي الإسلامي على وجه لا يزيل عنه صبغته المحمودة عند عموم الأمة. وقابل الجانب الفرنسي هذه الدعوة بالإنكار والإعراض، وقال مدير التعليم العمومي: أرجعوا تعليم جامع الزيتونة إلى المشايخ الأربعة وخلّوا بينهم وبين جامعتهم (1).
(1) ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: 119 - 120، 150.