الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموحّدية بها، والحاكم بأمر الله الفاطمي بمصر الذي انقطع خبره هو أيضاً، وزعم أصحابه أنه اختفى إلى زمن مرقوب.
المحور الرابع: مناقشة الآثار المروية في هذا الباب، وهي كثيرة. أسندها رواتها إلى ثمانية عشر صحابياً. ورجال تلك الأسانيد على تفاوتها قسمان:
الأول اختلف نقاد الرجال في تعديلهم وتجريحهم اختلافاً متكافئاً.
وقد روى أخبارهم الترمذي وأبو داود وابن ماجه. ومجموعها ثمانية طرق.
والثاني أباه أهل النقد لانفراد المصنفات المعروفة بالخلط بين الصحيح والحسن والضعيف والموضوع بإخراج أحاديثهم. وذلك مثل معاجم الطبراني. ودلائل النبوّة للبيهقي، وتاريخ ابن عساكر، وتاريخ الخطيب، ومستدرك الحاكم، وحلية أبي نعيم.
تفصيل القول في طُرق الأحاديث:
ولكون أسانيد القسم الأول أشبه ما يروى في هذا الموضوع، وقف الإمام الأكبر عندها مفصلاً القول في طرقها. وهي ثمانية:
1 -
حديث ابن مسعود: لو لم يبق من الدينا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي.
2 -
حديث علي: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.
3 -
حديث أم سلمة: المهدي من ولد فاطمة.
4 -
حديث أبي سعيد الخدري: المهدي منّي، أجدى الجبهة،
أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك سبع سنين.
5 -
حديث أبي سعيد الخدري: إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً من سنين. فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي أعطني. قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
6 -
حديث علي: المهدي منّا أهل البيت يُصلح الله به في ليلة.
7 -
حديث ثوبان: يقتتل عند كبركم ثلاثة كلُّهم ابن خليفة لا يصير إلى واحد منهم حتى تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم - ثم ذكر شيئاً لا أحفظه - قال: فإذا رأيتموهم فبايعوهم ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي.
8 -
حديث عبد الله بن الحارث: يخرج ناس من قبل المشرق فيوطئون للمهدي.
أخرج هذه الأحاديث جماعة من بينهم: الترمذي وأبو داود وابن ماجه. وقد تعقّب الإمام هذه الطرق طريقاً طريقاً. وقال عن جميعها: كلها متكلم فيها. وأتبع ذلك بنقدها من جهة المصطلح، ومن جهة النظر. قال: فتكون هذه الأحاديث من قسم الحديث الضعيف، لأن أسانيدها لم تسلم من الاشتمال على راوٍ ضعيف. وبعض رواة أسانيدها مطعون فيهم، وأن من تُكُلم فيه مثلهم، وإن كانوا قد قبلهم بعض أهل النقد، فقد ردَّهم بعضهم، فتعارض فيهم الجرح والتعديل والرد والقبول. ومن المعلوم أنه استقر عند علماء الحديث وأصول الفقه أن الجرح إذا صدر من أهل المعرفة، قدم على التعديل الصادر منهم، فيقدَّم الجرح. وهذه القاعدة مسلَّمة معمول بها. وفي آخر نقده لأحاديث هذا القسم من جهة اللفظ يصرّح بأن
علماء السنة اتفقوا على عدم قبول الحديث الضعيف فيما عدا فضائل الأعمال.
ومن جهة النظر يعود شيخنا رحمه الله إلى القسمين المتقدِّمين من الآثار المروية في قصّة المهدي المنتظر. ويقف عند القسم الأول، فيشير أولاً إلى الأسباب التي روّجت لظهور هذه الأخبار الكثيرة، ولتطايرها في الآفاق، وثانياً إلى ما يمكن أن تحدثه الروايات والطرق لهذا الحديث من الريبة في صحته، لشدّة حرص مُشِيعيه على رواجه بين الناس. ويحملنا هذا الأمر أيضاً على التساؤل عن إحجام إمامي الجامع الصحيح البخاري ومسلم عن إخراجه في كتابيهما مع ما توافر لهذا الخبر من الرواية عن ثمانية عشر صحابياً بأسانيد مختلفة. وهو يختم بعد ذلك هذه الملاحظة بقوله: وإنه لمن الغريب أن يسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قضية أهم وأوكد، وهي قضية الخلافة، فيترك الخوض فيها لاجتهاد أصحابه يبحثون عن طريق حلها في إشارات من أفعاله صلى الله عليه وسلم في حياته. وفيما يتطلّعون إلى ما يحقّقه من المصلحة العامة، ويولي اهتمامه قضية قائم يقوم في أمته في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جَوراً. وخلاصة القول لدى الإمام من هذه الوجهة أن روايات هذا الحديث مستبعدة مسترابة، لا نستثمر منها عقيدة لازمة، ولا مأمورات جازمة.
فإذا تحوّل إلى القسم الثاني من الروايات النازلة في الضعف عن تلك الطرق، قال: إنها إذا تأملها الناقد البصير وجد مخيّلةَ التحزب والعصبية واضحة فيها، ووجد معظمها يصوّر اليأس من الحكم الأموي، ومن نجاح أمر الأمة على يديه، وأن هذه الغاية لن يتمّ بلوغها إلا بتولي بني هاشم الأمر، سواء أكانوا علويين أم عباسيين أم هاشميين زبيريين. وإنك متى تتبعت آثاره في هذا القسم الثاني وجدت