المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - أخطاء الكتاب في العربية - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

‌2 - غرائب الاستعمال

وهذه دون شك في اللغة، أو في اشتقاقاتها وأساليبها. لم نقف عليها. ذكرها حفيده د. محمد العزيز ابن عاشور في ترجمته (1).

* * *

‌3 - اللفظ المشترك

اللفظ المشترك مقالة نشرتها له مجلة الهداية الإسلامية بالقاهرة في مجلدها السادس. وهذه المقالة تنظر في موضوعها إلى ما جاء في المقدمة التاسعة من التحرير والتنوير من استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه دفعة، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي ومعناه المجازي معاً، وإرادة المعاني المكنَّى به عنها مع المعاني المصرّح بها، وإرادة المعاني المستتبعات من التراكيب المستتبعة. وقد بحث هذا الموضوع اللغوي الهام عدد من علماء العربية ومن علماء أصول الفقه. وهو مفصّل في كتبه. وقد انتهى الإمام إلى القول، بعد ذكر الآراء المختلفة في الموضوع، بأنّ المعاني المتعددة التي يحتملها اللفظ بدون خروج عن مهيع الكلام العربي البليغ تكون مرادة من الآية. وهي معانٍ واردة في تفسيرها (2).

* * *

‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

مقالة أخطاء الكتاب في العربية، هي ردٌّ على مقال نشرته

(1) دائرة المعارف التونسية. الكراس 1/ 1990 - 46.

(2)

محمد الطاهر ابن عاشور. التحرير والتنوير: 1/ 1، 98 - 100.

ص: 496

البصائر في عددها 84 ص 6 بعنوان إصلاح اللسان، لأبي يعلى الزواوي أحد علماء الجزائر.

تحدث الشيخ عن العلماء المتقدّمين وسبقهم إلى العناية بهذا الموضوع المهم، كما يظهر ذلك من التصانيف والدراسات المؤلفة في التنبيه على لحن الخواص. وهي كثيرة من بينها أدب الكاتب لابن قتيبة، والموشح للمرزباني، ودرة الغواص للحريري، وما جاء من ذلك في كتاب مغني اللبيب لابن هشام. وقد كانت مجالس العلم والرواية والأدب حافلة بذلك مثل مجالس الصاحب ابن عباد، ومجلس الأستاذ ابن العميد. وربما سرى هذا الأمر لتعلّق الناس به وحبّهم له وتطلّعهم إليه من تلك المجالس إلى المجامع العامة.

ولم يقتصر هذا الاهتمام باللغة العربية تصحيحاً لها وذبّاً عنها، على أمثال أولئك الأعلام السابقين، بل استمر الأمر قائماً ومتجدّداً على مرّ العصور. ففي عصرنا الحاضر صنف الأديب الشيخ إبراهيم اليازجي كتابه لغة الجرائد، ونبّه العلامة الشيخ محمد محمود الشنقيطي على انحطاط لغة كتاب عصره. لكن هذا العمل وإن كان رائعاً ومميزاً يتسم به حفظة اللغة الدارسون لها والقائمون عليها، قد لابسته، لسوء الحظ، سمات التعجّل في الأحكام، كالذي روي عن ابن شبرمة وذي الرمة من إنكار الأول على الثاني قوله:

إذا غَيَّر النَّأْيُ المحبين لم يَعُدْ.

أو تخطئة الحريري في بعض ما أنكره على الخاصة، واليازجي فيما وقع له في كتابه من المجازفة من المتقدمين والمتأخرين.

أورد الإمام هذا فذلكة لما اشتهر من التأليف في هذا الفن، ممهداً به للتعليق على ما كتبه أبو يعلى الزواوي من ذلك في إنكار

ص: 497

بعض الاستعمالات اللغوية والتصرّفات القولية. فحصرها في مقاله المومَى إليه أعلاه في ثمانية ألفاظ، كان محقاً في ما قاله في أربعة منها، ومجانباً للحق في البقية، إمّا لتوهّمه وإمّا لتسرّعه فيما أورده فيها من ملاحظات وأحكام.

وهذه الألفاظ الأربعة المتبقّية التي هي محلُّ النزاع والاستدراك فهي:

ومما أخذ على الزواوي إنكاره:

إطلاق اسم السجادة على الزَّرْبِيَّة. قال الشيخ ابن عاشور: "وكلامه في الحكم على استعمالهم لفظ السجادة كله خطأ. فإن لفظة السجادة عربية فصيحة. وردت في كتب اللغة المعتبرة مثل اللسان لابن منظور، والأساس للزمخشري. وهي بمعنى الخمرة المسجود عليها. وقد وردت الكلمة عن بعض العرب بحرف السين منها مضمومة. وبعد الإشارة إلى ما روته المعاجم في ذلك يقول: إن ورود الزربية في القرآن لا يقتضي إلا أن يكون لفظ الزربية أفصح. وهذا لا ينافي فصاحة لفظ السجادة، كما أن ورود لفظ السكين في القرآن في قوله تعالى: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا} (1) لا يمنع أن يكون لفظ المدية عربياً فصيحاً. وأعجب ما في كلام أبي يعلى حكمه على لفظ سجادة بأنه أعجمي، ذاهلاً عن اشتقاقها من السجود، وأن مجيئها بوزن اسم الفاعل مجاز عقلي، أي المسجود عليه كقولهم: عيشة راضية".

وأنكر استعمال الكُتَّاب لفظ (أشعل) مكان (أوقد)، قائلاً: وقد ورد في القرآن مشتق (أشعل) في قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ

(1) يوسف: 31.

ص: 498

شَيْبًا} (1). وليس ذلك بمعنى: أوقد، ولم يرد في الشعر (اشتعل) بل ورد (أوقد). وهذا تضييق واسع من أبي يعلى، فإن فعل أشعل وما تصرّف من مادته كلّه عربي فصيح، وقوله تعالى:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} استعارة بديعة في تشبيه انتشار البياض في سواد الشعر بالتهاب النار في الفحم. ولولا ذلك لما كان هذا اللفظ في الآية واقعاً موقعه البديع من البلاغة، كما بيّنه علماء البيان. جاء في اللسان عند ذكر قوله تعالى:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} أن أصله من اشتعال النار. وأما إنكاره ورودَ الاشتعال بمعنى الوقود في شعر العرب فقصور واضح. قال لبيد في معلقته:

فتنازعا سبطاً يطير ظلاله

كدخان مشعلة يشبّ ضرامها

فالمشعلة هي النار وهي اسم مفعول من أشعل النار بمعنى أوقدها. وقد أشار إلى استعمال الاشتعال في الحقيقة والمجاز ابن دريد في مقصورته حين قال:

واشتعل المُبْيَضُّ في مسودّه

مثل اشتعال النار في جزل الغضى

وأنكر أبو يعلى استعمال لفظ الصدفة بمعنى الاتفاق، واستعمال نوايا جمعاً لنية، والبؤساء جمعاً لبائس، وجملة (لحد الآن) وهي من الصحيح المتّجه.

وكذلك تخطئته بعض الكتاب في نفي ماضي زال بلا النافية. قال أبو يعلى: الصواب أن ينفى بما النافية. فإن فتئ وانفك وبرح وزال تقرن بما نفياً، وبلا دعاءً، وبالهمزة استفهاماً، واستدل بقول ابن مالك:

فَتِئَ وانفك وهذه الأربعة

لشبه نفي أو لنفي متبعة

(1) مريم: 4.

ص: 499

قال ابن عاشور: إن كلامه في هذا اللفظ مختلط وغير محرر. فأما حكمه بالخطأ في نفي ماضي زال بلا النافية فهو حكم صحيح، ولكنه لم يحرّر تعليله، إذ علّله بأن زال وأخواتها تقرن بلا نفياً، وإنما ذلك يصح تعليلاً لعمل زال وأخواتها عملَ كان، وليس بيت الألفية مسوقاً إلا لبيان شرط إعمال زال وأخواتها عملَ كان. وكان الحق أن يعلل ذلك بوجوب اتباع استعمال العرب. فإن العرب لا تستعمل الماضي كله منفياً بلا، إذا لم يتكرر النفي بلا. والمراد من النفي الدعاءُ بالنفي لا الإخبار. وهذا استعمال غير جارٍ على القياس. فإذا تكرر النفي لفظاً صح استعماله في غير الدعاء كقوله تعالى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (1). وكذلك إذا تكرر النفي في المعنى كقوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} (2). فإن الاقتحام الذي دل عليه الماضي المنفي بلا يشتمل على عدّة أمور فسرها قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} . فآل معنى قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} إلى معنى فلا فك رقبة، ولا أطعم، ولا آمن. وفيما عدا ذلك لا يستعمل الماضي منفياً بلا إلا إذا كان المراد الدعاء دون الخبر. ولذلك كان تخصيص أبي يعلى حكمه بالأفعال الأربعة زال وأخواتها إجحافاً بحكم الاستعمال، وبخاصة إذا كان خطأ الكتاب في هذا الباب وارداً في جميع الأفعال الماضية.

وكذلك انتقاده قولهم: ألْفَتَ مراداً به لَفَت صحيح وجيه.

والمؤلف بوقوفه عند الاستعمالات السابقة مصوباً ومحرراً، محققاً ومستدركاً يدل على امتلاكه لغة الضاد واستحضاره واستظهاره ما تخضع له من قواعد، وتجري عليه من أساليب، مع قدرة فائقة

(1) القيامة: 31.

(2)

البلد: 11.

ص: 500

على اعتماده الشواهد المناسبة من القرآن الكريم، وإيراده ما يؤكد وجوه تصويبه بما يراه حقاً وصحيحاً من كلام العرب وأشعارها (1).

والمقالة الأخيرة هي من نوع التي سبقتها، لكنها من الخاص دون العام. لا ينصرف الاهتمام فيها إلى استعمالات الناس في مخاطباتهم وأحاديثهم ورسائلهم وأشعارهم. وإنما هي من أثر النظر في كتاب واحد، أو عمل تقدم به باحث أو محقق، فاحتاج إلى المراجعة والتتبع والتصحيح والتوثيق.

عرف الإمام من وقت شبابه بالتهام التراث وكتبه، والمطالعة لكل ما يحرص على الوقوف عليه من تصانيف، وما يقع تحت يده من تآليف علمية أو أدبية. يدل على هذا عدد كبير من المخطوطات والمطبوعات في مختلف الفنون بخزانته وبغيرها. تجد له عليها بهوامشها توقيفاته وتصويباته وملاحظاته ورواياته.

وقد كان هذا في أحيان كثيرة يرفعُ من قدر الكتاب مطبوعاً كان أو مخطوطاً، لما تجد عليه من إضافات علمية يعلو بها شأن الكتاب، وترتفع بها منزلة النسخة وقيمتها. وهذا أمر ورثه ودرج فيه على طريقة العلماء المتقدمين. فإذا كثرت تعاليقه ومراجعاته، وتكررت أو أصبح لها - لأهميتها - شأن، أفرد ذلك برسالة علمية خاصة، أو وضع من أجله قوائم إبرازاً لأهمية الكتاب، وصوناً لما فيه من فوائد ومعارف، وبلوغاً به إلى درجة الصحة الأصلية التي من الأمانة المحافظة عليها، تحقيقاً للنفع بالكتاب، وتمكيناً للناس من إدراك معانيه على الوجه الصحيح المضبوط، ومن الغوص فيه على الحقائق التي قد يلحقها ما يلحقها بسبب الخطأ والتحريف.

(1) المجلة الزيتونية. شوال 1356 هـ/ ديسمبر. 1937 م، 3/ 2، 134 - 136.

ص: 501