المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عمل الشيخ سالم في التدريس: - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

وقد تولّى بعد ذلك التدريس بالجامع الأعظم، متنقلاً في رتبه العلمية بين الطبقة الثانية 1270/ 1853، والطبقة الأولى 1281/ 1864 على مدى خمسة وستين عاماً. وكان انصرافه عنه بعد طول هذه المدة بما أذنت له به كلمة [صه] الموافقة لهذا العدد من السنين بحساب الجُمَل.

وكان له منهج مميّز في دروسه، أعرض به عن المناقشات اللفظية الجدلية العقيمة، متوجّهاً باجتهاداته الشخصية إلى مناقشة الآراء، وابتكار الأنظار، وقوّة التحليل، وبراعة النقد، ناعياً على متأخِّري الفقهاء تمسُّكَهم بظواهر النصوص، وإهمالَهم تحقيق المناط، وانصرافَهم عن إبراز مقاصد الشريعة وتطبيقها.

وقد ألحق في حلقات دروسه الأحفاد بالأجداد، وتخرّج عليه من الفحول في العلوم العربية وأسرارها، ومصادر السنّة ودواوينها، والعلوم الشرعية فروعها وأصولها، نفر معدود من كبار العلماء، نكتفي بذكر طائفة منهم: شيخ الإسلام أحمد بيرم، والقاضي إسماعيل الصفائحي، ومحمد بيرم الخامس، وعبد العزيز الثعالبي، ومحمد السنوسي، وشيخا الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور، ومحمد العزيز جعيط، ومحمد مخلوف، والمفتي محمد النجار، وشيخ الإسلام محمد بن يوسف (1).

ومما يشهد لغزارة علمه وتعدّد اهتماماته ومنازعه عنايته بالعربية، وتقاريره على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، وعكوفه على كتب السنّة النبوية الشريفة، وتقاريره على مواضع من صحيح

(1) محمد محفوظ. تراجم المؤلفين التونسيين: 2/ 78، 111.

ص: 145

البخاري ومن الموطأ، وشرحه لألفية ابن عاصم في الأصول، وأختامُه الرمضانية التي تبلغ الستين ختماً. وهي جامعة لغرر المسائل، مع حرصه فيها على التوفيق بين أصول الشريعة ومقتضيات التمدن العصري، وديوان خطبه المنبرية، وديوان شعره، ورحلته.

ومن يقف عند هذا الحد من ترجمته يدرك سبب عدّنا له في أعلام الزيتونة. فقد كان أغزرَ معاصريه علماً، وأوسعهم معرفة، وأقدرهم على النفع بخطابته ودروسه، وكتبه وشعره. ولكن هذا لا يمنعنا من الإشادة بما تولاه من الوظائف الإدارية ابتداء من إسناد إدارة المدرسة المرجانية له، وكتابة المجلس البلدي عند تأسيسه سنة 1275/ 1859، وتحرير تقارير اللجنة الإدارية المتعلقة بمراقبة المالية التونسية 1276/ 1860، وعضوية المجلس الكبير 1277/ 1861، وهذا ما يصور بالخصوص نشاطه الإداري ونيابته لمواطنيه في المجالس المختلفة، ثم غَلَبَتْ مميزاته كعالم وفقيه فقُلِّد خطة الإفتاء المالكي سنة 1323/ 1905، وبعدها خطة كبير أهل الشورى 1337/ 1919.

وكانت له صلاته الوثيقة بالوزير خير الدين الذي اصطحبه في مهمته إلى إستنبول، فتمكّن من الاتصال بشيخ الإسلام عارف بك نصير التنظيمات العثمانية، ومن التعرّف عليه، والتذاكر معه.

وكذلك بوزير التعليم الجنرال حسين. سافر في معيّته إلى إيطالية لمناقشة ورثة نسيم شمامة الحساب. وقد لجأ إليها مورثهم هارباً من العدالة وتوفي بها. وأقام الشيخ سالم بهذا البلد الأوروبي في مهمته ست سنوات، حذق فيها اللسان الإيطالي، ثم سافر منها إلى باريس لمشاهدة المعرض الدولي بها، ولمزيد التعرف على

ص: 146

مقومات الحضارة الغربية، شأنه في ذلك شأن بقية دعاة الإصلاح من معاصريه (1).

وقد لاحظ المتتبعون لنشاطه، المعجبون بقدراته، وعمق درايته، واتساع آفاقه، ازدواجَ دوره الفكري العلمي والإداري السياسي. فقال أحدهم منوّهاً بهذه الشخصية الفريدة الفذة: "وبذلك أصبح مترجمنا عمارة لأعظم النوادي العلمية، وعيناً لأرقى المجالس الأدبية، يملؤها بفصاحته الباهرة، ونكته اللطيفة، وأذواقه الرفيعة، وابتكاراته العالية، حتى تعدَّت سمعته أوساط أهل العلم إلى أوساط رجال الدولة. وقد استرسلت علاقاته المتينة مع الوزير حسين، وطالت معاشرته إياه حضراً وسفراً، وتكوّنت له به صلة تشبه القرابة العائلية، كما استحكمت بينه وبين الوزير خير الدين أسباب المودة، ووجد كل منهما في صاحبه ما يثير الإعجاب. فكان صديقَه في وقت العمل، وصديقَه في طور الانقطاع، لمّا تباعد عنه ذوو الأطماع. فكان المتولِّي لإعانته على تحرير كتاب أقوم المسالك والمنقح لمسوّداته (2). وما ذلك إلا بما وصلا إليه من تمازج فكري واتفاق حكمي فلسفي إصلاحي. يظهر هذا من تشرب الشيخ سالم لآراء صديقه الثوريَّة التوجيهية التجديدية، ومما رَشَح به قلمه من دفاع عنها، ومساندة لها في المجالس الخاصة وعلى المنابر، وفيما قرظ به هذا العمل الجليل أقرب المسالك من نثر وشعر. فقد كتب إلى خير الدين رسالة في 14 محرم 1285/ 7 مايو 1868 يقول فيها:

"فشاهدت منه، وإن لم أكن من فرسان مجاله، أساساً سياسياً

(1) محمد محفوظ. تراجم المؤلفين التونسيين: 2/ 78 - 79، 111.

(2)

محمد الفاضل ابن عاشور. تراجم الأعلام: 224 - 225.

ص: 147

لم تسمح قريحة بمقاله، بيد أنه لم يسبق إلى التأليف في غرضه أحد من علماء الإسلام، ولا استودعت لطائف مقاصده بشيء من صحائف الأعلام. فكل من تصفّحه بعين الإنصاف، لا يشك في أنه ينبوع نصح صافٍ، نبع للأمة الإسلامية عند اشتداد ظمئها لمثله

فهو كطبيب عارف بأمراض الدول، خبير بجبر ما يعرض لها من التوهين والخلل. ومن فوائده التي بمثلها يُتفاخر، تعريف كل منا والأجنبي بحال الآخر، إذ لولا المعرفة بحاله، ما أمكن الاستعداد لنزاله" (1).

وبحكم مسايرته لأفكار خير الدين واتجاهاته، واقتناعه بدعوته وآرائه، نجده يقول في تقريظ أول له:

نجز الكتاب بحمد مولىً فضلُه

عمّ الورى، وحمى حماهم عدلُه

وافى بأسباب التمدن مغرياً

ومحذّراً مما يورّط جهلُه

لا يستميل سوى السدادِ وفرعَه

وعلى الشريعة قد تأسّس أصلُه

هو نعمة للمهتدين، ونقمة للـ

ـمعتدين، وإن حواهم طولُه

فهو الكفيل بشرح حال سياسة الـ

إسلام فيها، لم يؤلف مثلُه

1284/ 1867 (2)

ويؤكد في أخرى هذه المعاني، ويدعم تلك المواقف بقوله منوّهاً ومؤرّخاً الحدث الكبير صدورَ أقوم المسالك:

فلذا تَبْلُغُ تقريظا

تُه قَدْرَ مُجلَّدْ

وعلى الإجمال فهو

ذو مزايا لو تُعَدَّدْ

لم يكن إلا على ذي الخَصلة الخنصرُ يُعقدْ

(1) المنصف الشنوفي. نشر وتحقيق أقوم المسالك: 2/ 875.

(2)

المرجع السابق: 2/ 854.

ص: 148

تمَّ طبعاً إثر شهر

أرخوه شهر مولدْ

1285/ 1868 (1)

ومن مظاهر دعوته الإصلاحية التجديدية اجتماعياً وسياسياً: انتصاره القويّ لإدخال العلوم الرياضية والطبيعية في برنامج التعليم بجامع الزيتونة، وتأييدُه لنفس الغرض، تأسيسَ الجمعية الخلدونية تأييداً عظيماً، وإلقاؤه يوم افتتاحها خطابَه الدائر حول تفسير قوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ، ومساندتُه للأستاذ الإمام محمد عبده عند زيارته لتونس، وإلقاؤه بها محاضرته البديعة عن العلم وطرق التعليم، مما جعل قائد الإصلاح الأزهري المصري يعلن أنه لو كان الشيخ سالم متصلاً بحركة الإصلاح الديني في الشرق عند ابتداء أمرها لكان لها بمقامه العلمي وأفكاره النيرة شأنٌ عظيم (2).

* * *

(1) المنصف الشنوفي. نثر وتحقيق أقوم المسالك: 2/ 856 - 857.

(2)

محمد الفاضل ابن عاشور. تراجم الأعلام: 229.

ص: 149