الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا اجتاز الطالب هذه المرحلة بنجاح أجري عليه الامتحان الشفاهي. ويتكوّن من مادتين هما؛ الدرس والأسئلة. ولا يقبل للمشاركة في الأسئلة إلا من ثبت نجاحه في الدرس.
وتُعيّن الدروس بسحب كل تلميذ بطاقة من بطائق مختلطة تكون بصندوق، تُحدَّد موضوع درسه من الكتاب المعيّن له.
وفي المرحلة الأخيرة يشارك المترشّح في مادة الأسئلة التي تجرى عليه في علوم: الفقه، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، والحساب، والمساحة، والتاريخ، والجغرافية. والملاحظ أنها تكون مشتركة بين تلامذة اليوم الواحد من المتقدّمين للامتحان الشفاهي. وحفاظاً على سريّتها وعدم تسرّب شيء منها أو من أجوبتها إلى من ينتظر دوره لاجتياز الامتحان في هذه المادة، يجمع الطلبة ما سوى الأول منهم، في قاعة تُشدّد الحراسة عليها، قطعاً لضروب التحيُّل والتسمّع إلى ما يجري خارجها بقاعة الامتحان (1).
العطل والإجازات:
يأذن النظام في تعطيل الدروس بجامع الزيتونة مدّة طويلة في كل عام. وهي تستغرق شهرين من الصيف من منتصف شهر 7 إلى منتصف شهر 9 الميلاديين، وكاملَ شهر رمضان، والأسبوع الأول من شوال، و9 أيام في عيد الأضحى، و4 أيام في المولد، ويوماً واحداً يوم عاشوراء. وهذه الفترات منظور في تقديرها إلى أسباب عبادية أو مواسم وتقاليد، فلا تكون موزّعة على السنة الدراسية توزيعاً يوفر الراحة والاستجمام. وإنها مع ذلك لتجد من الطلبة
(1) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: 153 - 155.
تذييلاً أولاً وآخراً. فعطلة الصيف تبدأ عملياً من بداية يونيو، والعطل القصيرة تتقدمها من المتطوّعين أيامُ ارتقابها مما يعوق انتظام الدراسة على الوجه المطلوب، ويحول دون الوفاء بالمقرّرات وختم الكتب (1).
تلك هي عامة الأوضاع والملابسات التي كانت تقارن حياة هذا الشباب من طلاب المعهد. فلا يُرجى من ورائها تحريك الطاقات والمواهب، ولا شحذ ملكات الإبداع، ولا إبراز علامات النبوغ، ولكنها، واحسرتاه، تَصرِف عن العمل والدرس، وعن مباهج الحياة إلى الحرص على اختصار مرحلة الانتساب إلى المعهد، للخروج إلى معترك الحياة قصد سدّ الحاجة والاندساس في مجتمعات أغنى وأرقى. ولسان حالهم يردّد قول علي بن الجهم:
والناس منهم عاملان فعامل
…
قد مات من عطش وآخر يغرق
لو يرزقون الناسُ حسب عقولهم
…
ألفيت أكثر من ترى يتصدّق (2)
وبعد العرض المُزجي الموجز لأوضاع التعليم بالجامع الأعظم، جامع الزيتونة، إثر صدور ترتيب خير الدين - وهو عرض تجنبنا فيه الكثير من التفاصيل والجزئيات التي لا يتسع لها المقام - أحببنا أن نقف عند مطلبين هامين: التآليف والعلوم، تماماً كما فعل الإمام الأكبر الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. ذلك أن بيان المنهج الإصلاحي يعتمد أساساً على التآليف التي يكون بها تقدّم العلوم، وتطوّرها، وتبلّغ القصد من الدرس، وتحقّق الانتفاع الشامل والكامل لرواد المعرفة وطلاب العلم.
(1) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: 155.
(2)
الطاهر الحداد. التعليم الإسلامي: 34.