الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني عن المجدّد وزمن ظهوره وتعيينه، وبيان صفاته وصنفه وعدده مستعرضاً آراء العلماء في ذلك من أمثال ابن السبكي والمجد ابن الأثير، ومتعمّقاً جوانب هذا الموضوع الشريف دراسة وتمثيلاً (1). ويقع هذا البحث في عشرة مقالات (2).
3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي
(3):
وضع مترجمنا هذا البحث إثر صدور كتاب الأحاديث القدسية عن لجنة القرآن والحديث بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة. وقد دلَّ هذا على تتبعه لأكثر ما يصدر من كتب العلم.
فكتاب الأحاديث القدسية مستمدة أحاديثه من الموطأ والصحيحين ومن كتب السنن الأربعة. وفي الثناء على اللجنة التي أصدرته يقول الشيخ رحمه الله: "فحمدت عناية أعضاء اللجنة واهتمامهم بهذا العمل، إذ قلّ من اهتمّ بإخراج الحديث القدسي في كتاب مفرد".
وبعد هذا التقديم لكتاب الأحاديث القدسية تناول الإمام الأكبر أربعة محاور لبحثه:
المحور الأول - في التنبيه على ما ورد من ذكر للحديث القدسي:
أولاً: في شرح الحديث الرابع والعشرين من شرح الأربعين النووية لابن حجر الهيتمي. قال: والأحاديث القدسية أكثر من مائة جمعها بعضُهُم في جزء كبير.
(1) تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة: 109 - 150.
(2)
مجلة الهداية الإسلامية بمصر. المجلد 11.
(3)
النشرة العلمية للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين: 43 - 50، العدد الأول 1973.
ثانياً: في شرح الأربعين النووية لعلي قاري. قال فيه: الأحاديث القدسية أكثر من مائة. ونبّه الإمام إلى أن هذا الجزء لم تسبق له معرفته ولا معرفة من جمعه.
المحور الثاني - فيمن تولّى جمع الأحاديث القدسية:
- محمد عبد الرؤوف المناوي بوضعه لكتاب الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية. ترجم له حاجي خليفة في كشف الظنون، وذكرته اللجنة ضمن مصادرها.
- علي قاري صاحب الأحاديث القدسية والكمالات الأنسية. اشتمل على أربعين حديثاً قدسياً. قال الشيخ - طبع 1316: ولم أقف عليه.
- محيي الدين بن عربي. جمع أربعين حديثاً قدسياً. قاله حاجي خليفة.
وعند مقابلة هذه المجاميع الثلاثة بالأحاديث القدسية نجد أولاً: الاتفاق كبيراً في عددها. فهي تبلغ في الأكثر المائة أو تزيد عليها بقليل، كما يفيده كلام المناوي وعلي القاري. وهي في كتاب الأحاديث القدسية الصادر عن المجلس الأعلى تبلغ أربعمائة حديث، باعتبار المكرر باختلاف الروايات واختلاف الأسانيد، وعلى نحو مائة وثمانية وستين بطرح المكرر منها.
وثالثاً: أن ما يحق أن يسمى حديثاً قدسياً من المنصوص عليه في كتاب الأحاديث القدسية للجنة القرآن والحديث لا يتجاوز في الواقع أربعة وخمسين حديثاً. وقد أتبع الباحث ذكر ذلك بإثبات أرقام ما يصحّ منها مع التنبيه على أنه لم يتوصل إلى هذه الحقيقة إلا بعد إلغاء إثبات أكثر ما ورد في الكتاب من روايات.
ولعل الطريق الصحيح إلى معرفة ذلك هو تصوّر معنى الحديث القدسي تصوراً دقيقاً كاملاً. وهذا ما حمل الشيخ على تعريف الحديث القدسي أو الرباني أو الإلهي. فوضع بين أيدينا تعاريف كثيرة منها تعريف الجرجاني، وتعريف الجويني الذي نقله السيوطي في إتقانه، وتعريف الهيتمي، وتعريف علي القاري، وما ورد من ذلك في شرح جمع الجوامع للمحلي، وما ذكره الطيبي في نفس الغرض. وقد استخلص الباحث من مجموع هذه التعاريف حداً جامعاً مانعاً للحديث القدسي جاء فيه:"هو كلام من الله تعالى صادر منه في الدنيا، غير مخاطب به معيّن، موحى به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بألفاظ معيّنة غير مقصود بها الإعجاز، ولا التعبّد بتلاوتها، ليبلّغها إلى الناس، مع تفويض التصرّف في ألفاظها بما يؤدّي المقصود".
وبناء على هذا الحد ذكر الإمام أمثلة لما لا يصح أن يعتبر حديثاً قدسياً. مثل:
حديث أبي هريرة: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"(1).
قال ابن عاشور: يشبه أن يكون هذا الحديث قدسياً وليس بالقدسي، لأنه قول إلهي يتعلق بأحوال قوم مخصوصين.
ومثل حديث: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار.
(1) خَ: 19 كتاب التهجد، 14 باب الدعاء والصلاة من آخر الليل: 1/ 42؛ مَ: 9 كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 24 باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، والإجابة فيه: 1/ 522، 171؛ طَ: 15 كتاب القرآن، 8 باب ما جاء في الدعاء: 1/ 214، 30.
ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر. ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون" (1).
عقّب عليه الشيخ ابن عاشور بقوله: الحديث ليس بقدسي لأنه حكاية قول من الله للملائكة وليس قولاً يراد تبليغه، وإنما المراد تبليغ القصة كلها مع ما اشتملت عليه.
ومثل ذلك أيضاً: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً. فيرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، وأن تُناصحوا مَن ولاه الله أمركم. ويكره لكم: قيل وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال"(2).
قال: ليس بحديث قدسي لأنه نسبة فعل إلى الله لا نسبة قول.
ومنه أيضاً حديث: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"(3).
وكتب الشيخ الإمام بحوثاً أخرى اقترحها عليه بعض الهيئات أو الأفراد. منها:
(1) طَ: 9 كتاب قصر الصلاة في السفر، 24 باب جامع الصلاة: 1/ 170 ح 83.
(2)
مَ: 30 كتاب الأقضية، 5 باب النهي عن كثرة السؤال: 2/ 134، 10؛ طَ: 56 كتاب الكلام، 8 باب إضاعة المال: 2/ 990، 20.
(3)
خَ: 80 كتاب الدعوات، 95 باب فضل التسبيح: 7/ 168؛ 97 كتاب التوحيد، 58 باب {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ}: 8/ 219؛ مَ: 48 كتاب الذكر والدعاء، 10 باب فضل التهليل والتسبيح: 3/ 2073، 31؛ تحقيقات وأنظار: 157 - 163؛ النشرة العلمية للكلية الزيتونية. السنة الأولى، العدد الأول.