الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمردود عنده والشاهد من أوس: (فويق جُبيل) إنما المراد منه النادر الذي يندر منه ويشخص. ثم أتى بأبيات أخرى تقابل الأول للبيد وذي الرمة.
عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح
احتاج المحقق رحمه الله لإقامة نص كتاب الواضح وإخراجه على الوجه العلمي الدقيق المطلوب إلى عملين هامين:
يتمثل الأول في عدة اهتمامات وتصرفّات منها:
1 -
التنبيه على ترتيب مادة الواضح في الأصل، كما أوردها أبو الفتح بن جنّي شارح ديوان المتنبي، وجرى عليه متعقّبه أبو القاسم الأصفهاني فيما كتبه عليه.
2 -
الرجوع إلى الأصول المعتمدة في التأليف والتعقيب.
3 -
تحقيق ما ورد بالواضح من نصوص.
4 -
تحرير الكلام فيما أغلق لفظه، وأبهم معناه.
5 -
إكمال ما ورد بالكتاب من شواهد شعرية، ليس من الضروري أن يكون القارىء أو الدارس ملمّاً بها أو عارفاً بنسبتها.
6 -
تعيين من أغفل ذكره من أسماء الأشخاص في النصّ اختصاراً أو اقتصاراً.
7 -
ضبط ما تحتاج كَلِمُه فيه إلى مزيد من التحرّي أو الإسناد إلى قائليه.
8 -
التنبيه على الألفاظ والصيغ الموهمة التي أضيفت إلى النسخة الأصلية لكتاب الواضح، بعد الوقوف عليها وتمام قراءتها.
والعمل الثاني لا يقل عن الأول أهميةً ونفعاً، لأن جدواه وإن
لم تتعلق بجوهر مادته ككتاب، غير أنها ذات علاقة متينة بها، فلا يجوز إغفالها ولا السكوت عنها، بل يتأكّد التنبيه عليها. وهذا ما تشهد به حواشي الواضح لاشتمالها على العديد من الملاحظات والتعاليق اللازمة أو المتأكدة. فهي ضرورية أحياناً لفهم الكتاب فهماً صحيحاً، وإدراك الجوانب المهمة التي لم ينتبه إليها المؤلف حين جرى بها قلمه، أو أرسل الكلام فيها على عواهنه، في حين يكون القارئ محتاجاً إلى معرفتها على الوجه الصحيح، وليس له من سبيل إلى ذلك غير بيان مغلقاتها. ومثل هذا كثير نقتصر فيه على بعض ما أورده الشيخ في تلك الحواشي من:
1 -
تنبيه على أقسام أو أنواع من الشعر عند أبي الطيب وعند غيره.
2 -
اللغويات والتصحيحات.
3 -
ذكر أمثلة لما يحتاج فيه إلى تقصّي المعاني.
4 -
المقارنة بين الآراء والاتجاهات في الشروح الواردة بصلب الكتاب.
5 -
التنبيه على ما ورد في متن الكتاب من أخطاء لغوية وعربية.
6 -
التعريف ببعض المذاهب العقدية.
7 -
تضمين الواضح بيتاً لبشار، وضعه المؤلّف في ملحقات الديوان.
8 -
الترجمة لبعض الأعلام التي يضيع وقت كبير لغير المتخصّص في التعرّف عليها، وتحديد زمن وجودها.
وليس من غرضنا ولا من المقبول تفصيل القول في كل هذه الملاحظات أو التعليقات التي جاء بها المحقّق. فهي لا تقلّ عن 275 تعليقاً. وإنّما نورد عيّنات منها، تكون نماذج لما وراءها، إبرازاً
لبعض الاهتمامات التي أملت على الشيخ رحمه الله منهجه، واقتضت منه الوقوف عند عدد من الاستعمالات الواردة في تضاعيف الواضح لإبانتها وفصل القول فيها.
1 -
جرى أبو الفتح في فسره، في ترتيب أبيات شرحه على حروف الهجاء. وعلى طريقته سار أبو القاسم. ولكن المحقّق رأى انخرام ذلك في موضعين من الكتاب. الأول في صفحة 74، في البيت الستين الذي رويُّه على الزاي، والثاني في الصفحة الموالية 75 في البيت الواحد والستين الذي رويُّه على الدال. فكان ذلك خطأ في وضع هذين البيتين وهما:
سلَّه الركضُ بعدَ وَهْن بنَجْدِ
…
فتصدَّى للغيث أهلُ الحجاز
نهبتَ من الأعمار ما لو حَوَيته
…
لهُنّئت الدنيا بأنّك خالد
بين سائر الأبيات الميمية التي سبقتها أو لحقت بها (1).
2 -
ومما ورد في حاشية الواضح التنبيه على اختلاف نسخ ديوان المتنبي في ضبط البيت الواحد، وفي ذكره تاماً أو ناقصاً، مع بيان مختلف الروايات فيه. والمقصود في هذا المحل قول أبي الطيب:
سيف الصدود على أعلى مقلَّده (2)
أتبعه المحقِّق بقوله: قبل أن يوجد المصراع الأول في نسخ الديوان التي بتونس. ولا يوجد في شرح المعري ولا الواحدي. وأثبته العكبري في شرحه مفرداً. ويوجد في نسخة من الديوان نسخها من سمّى نفسه علياً مخلصي المدني في ربيع الأول 1090، مرتبة
(1) نبّه إلى ذلك الشيخ ابن عاشور في حاشية الواضح: 74/ 2، 75/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 47، 48.
على حروف المعجم في خزانة جامع الزيتونة عدد 4552 ما نصّه: وقال في صباه بعضَ هذه القصيدة، وساق المصراع وبعده:
يفري طلى وامقيه في تجرّده
وبعد البيت سبعة أبيات مماثلة للأبيات التي نسبت لرواية ابن القطاع في النسخة التي شرح عليها العكبري (طبعة الحلبي بمصر 1335). ويوجد في تلك الطبعة، في متن الديوان ما نصّه: لم يحفظ المصرع الثاني. فقال قوم هو:
يفري طلى وامقيه في تجرّده
وقال قوم هو:
بكف أهيف ذي مطل بموعده
ثم قال: وقال ابن القطاع أول هذه القصيدة:
وشادن رُوحُ من يهواه في يده
…
سيف الصدود على أعلى مقلَّدِهِ
وأتبعها بأبيات سبعة بمثل الأبيات التي في نسخة علي مخلصي المدني. والمثبتة بشرح العكبري. ونسب في شرح بعضها كلاماً لابن جنّي (انظر: 2/ 80). وأحسب أن جميع ما كمل به المصراع تخرّصٌ. وكيف يخفى على ابن جنّي؟ وهو آخذ عن المتنبي. والأشبه ما قاله أبو القاسم (1).
3 -
وفي تحقيق النص نورد للشيخ تعليقين مختلفين:
الأول: يتعلق بقراءة بيت المتنبي:
لو مرّ يركض في سطور كتابةٍ
…
أَحْصَى بحافِرِ مُهْرِهِ ميماتِها
(1) الأصفهاني. الواضح: 48/ 1.
قال ابن عاشور: كتب لفظ كتابه بهاء بعد الباء. وقال أبو العلاء في معجز أحمد: روي كتابه وكتابة، على الاسم والمصدر يعني الضمير أو مصدر كتب (1).
والثاني: تعليق على كلام أبي القاسم لأبي الفتح: ثلاث علل اتخذها قواعد في شعر المتنبي. وذلك ببيان المراد من شعر المتنبي، إذ قال: الفسر الكبير اسم لشرح فسر فيه ابن جني ديوان المتنبي. ثم اختصره مقتصراً على تفسير مشكله. وسمى اختصاره الفسر الصغير. وهو الذي أملى عليه أبو القاسم هذا الكتاب الذي سمّاه الواضح. وقد ذكره أبو القاسم في أواخر هذا الكتاب. والفسر مصدر فسَر المخفف. وهو بمعنى فسّر المشدّد (2).
4 -
ومن تحرير الكلام مع نسبة الشاهد تعليق شيخنا على بيت المتنبي:
أيا لائمي إن كنت وقت اللوَائم
…
علمتَ بما بي بين تلك المعَالم
وعلى كلام أبي الفتح بعده: وهو من المبالغَة في اليمين (3). قال: كذا في الأصل. ولعله أراد من قوله: "اليمين" أنّ مثل هذا يساق مساق الحلف لأنه دعاء على نفسه: إن كان كذا. والمعنى القسم بأنه لم يكن. وقول أبي القاسم: "ومثله إن كان ما بُلّغتَ عني" البيت أليق بكلام ابن جنّي. والبيت لمعدان بن جواس الكندي من أبيات الحماسة وبعده:
وكفنت وحدي منذراً بردائه
…
وصادف حوطاً من أعادي قاتل
(1) الأصفهاني. الواضح: 36/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 36/ 3.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 77.
منذر أخوه، وحوط ابنه (1).
5 -
ومن إكماله لعجز بيت أورده أبو القاسم في نهاية ديباجة الواضح مع نسبته لصاحبه قوله: البيت لعروة بن الورد. وهو:
لنبلغ عذراً أو نصيب رغيبة
…
ومُبلِغُ نفسِ عُذرها مثلُ مُنجِح (2)
6 -
تعيين الأمير الذي أشار إليه أبو القاسم أثناء قوله: فنُمي خبره إلى أمير بعض أطرافها (3). قال الشيخ ابن عاشور: نزل المتنبي عند خروجه من اللاذقية في أرض بني عدي من عمل حمص. والأمير هو ابن علي الهاشمي (4).
7 -
ضبط لبعض الأسماء الأعجمية: (1) دلِّير بن لَشْكَرَوز.
قال المحقّق: كذا كتب في الأصل. ولم يُضبط الاسمان. فأما دِلِّير فقد جاء في البيت 26 من القصيدة اللامية:
كدعواك كل يدّعي صحة العقل
ما يقتضي أنه بتشديد اللام، وكذلك في البيتين 37، 38 من تلك القصيدة. وضبط في نسخة مخطوطة من الديوان، وفي مطبوعة العكبري المطبوعة مع شرح العكبري (ط. الحلبي 1355) بكسرة تحت الدال، وجعلت علامة الشدّ على اللام في مخطوطة من الديوان، وفي شرح الواحدي وشرح العكبري، وجعله علامة سكون على الياء التحتية في نسخة الواضح، ومطبوعة شرح العكبري. ووقع في مطبوعة خزانة الأدب (1) 1/ 385 (دبير) بموحدة عوض اللام. ولعله تحريف وهو اسم عجمي.
(1) الأصفهاني. الواضح: 77/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 5/ 8.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 6/ 8.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 13.
وأما لشكروز فهو بِرَاءٍ بعد الكاف، وبزاي بآخره في جميع نسخ الديوان، ونسخ الشروح التي بين أيدينا. وضبط في نسخة مخطوطة من الديوان بفتحة على اللام. ووضع في نسخة الواضح فتحة على الواو، وكذلك في نسخة مخطوطة من الديوان. وضبط حرف الزاي في مخطوطة الديوان بفتحة وعلامة تشديد. ووقع في خزانة الأدب بياء تحتية في أوله عوض اللام. ولعله تحريف. ووُصف لَشكروز في نسخة الديوان بالديلي، ولعل صوابه الديلمي. وكان مدح أبي الطيب دلير سنة 353. كذا قال المعري في معجز أحمد (1).
(2)
ضبط كلمة دمستق مع ذكر ما ورد بشأنها بعديد المراجع من إطلاقات، والمقارنة بينها مع ذكر الأوفق منها بالنص 6.
قال الإمام: الدُّمستق بضم الدال المهملة بعدها ميم مضمومة فسين مهملة ساكنة فتاء فوقية مضمومة. كذا ضبط في موضعين من طبعة شرح العكبري في حرف الجيم، وحرف العين. وهو الذي تقتضيه حروف الاسم في الرومية. وآخره قاف. قال العكبري: هو صاحب جيش الروم. وقال المعرّي في معجز أحمد: وهو قائد الجيش، والاسفهسلّار عند الفرس. اهـ.
قلت: والاسفهسلّار هو قائد الفرسان، وهو بِهَاءٍ بعد الفاء. وقال في دائرة المعارف: إنه اسم أرمينوس. كان قائماً بأمور الأمبراطور قسطنطين بن لاون. وهو الذي كان يحارب سيف الدولة سنة 315. وهذا أصح لأن صاحب القاموس لم يذكره، والخفاجي لم يذكره في شفاء الغليل. فما قاله المعري توهّم، وما قاله العكبري محتمل الصواب. وأصل التوهّم جاء من إدخال حرف التعريف على
(1) الأصفهاني. الواضح: 13/ 1.
هذا الاسم في كلامهم، كما هو في شعر أبي الطيب وأبي فراس. وشأنه أن لا يعرّف لأنه معرفة بالعلمية كما لا يقال الهرقل. وأما قولنا: الإسكندر والأذفونش فلأن اللام من حروف اسميهما (1).
ويقوم العمل الثاني من التحقيق على ذكر مستتبعات مادة كتاب الواضح، بطريقة بديعة تجمع بين الإيجاز والإفادة، ولا تكاد تهمل جانباً من الجوانب العلمية والأدبية التي يحتاجها دارس شعر أبي الطيب والناظرُ فيه إلا تناولتها. فهو عند ذكره:
- أبيات المعاني، في كتاب الواضح، نبَّه المحقق أولاً إلى مواطن ورودها في النص (2)، وبيَّن ثانياً المعنى الاصطلاحي المراد من هذا اللفظ قائلاً: أبيات المعاني هي التي تخفى معانيها، وتُوهم ألفاظُها خلاف مرادِ قائلها. فإذا أجيد التأمل فيها ظهر لها معنى صحيح (3). ثم قال: ونظير ذلك ما يغالط به في الكلام كقول العرب عند إيراد الإبل في الشتاء: "برديه تجديه سخيناً" والمراد رِدِيه أي الماء تجديه غير بارد، فيكون قولهم: ردِي: فعل أمر من ورد. وأنشَدَ قول الشاعر:
أقول لعبد الله لما سقاؤنا
…
ونحن بوادي عبد شمس وها شم
المراد بـ (ها شم) كلمتان وهي (وَهَى) فعل ماضي أي تخرَّق، وكلمة (شِم) فعل أمر من شام إذا نظر البرق هل معه سحاب ممطر (4).
(1) الأصفهاني. الواضح: 54.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 5، 30، 41، 49، 65.
(3)
الأصفهاني. الواضح: بيت المتنبي: 48، الشاهد 24.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 49/ 3.
وينتقل ثالثاً بعد هذا إلى ذكر جملة من المؤلفات في أبيات المعاني. جعل منها كتب الأصمعي والأشنانداني والسيرافي والباهلي والجاحظ (1).
وخصص الشيخ ابن عاشور بضربين من شعر المتنبي، ترجم للأول منها بالعضديات لكونه أنشدها في مدح عضد الدولة ابن بويه. وقد كان آخرَ شعره (2). وترجم للثانية بالصَبَويات عند قوله تعليقاً على بيت المتنبي:
في مِثْلِ ظَهْرِ المِجَنِّ متّصلٍ
…
بمثلِ بطنِ المِجَنِّ قَرْدَدُها
هذا البيت من الصبويات (3).
- وأمام كثرة الألفاظ الواردة في نص الواضح، والمتنوعة بين لغوية وحضارية، واصطلاحية، وبلاغية ونحوها، نستعرض في أمثلة محدودة ما يكشف عن طبيعة كل قسم منها. فالألفاظ اللغوية التي أحببنا الإشارة إليها هي: أنشاء، الممقط، الطلة، النبيذ، الدواويج، العبريات والضال والأياة.
- قال الأصفهاني في ديباجة الواضح: وكان بعض أَنشاءِ خدمته وأغذياءِ نعمته (4). قال الشيخ ابن عاشور شارحاً معنى الكلمة، وضابطاً صيغتها إذ لم تضبط كلمة أنشاء في الأصل. قال: ويظهر أنها بفتح الهمزة وسكون النون جمع نشء بفتح وسكون. وهو الصغير من الإبل وغيرها أراد به الناشئين في العلم (5).
(1) الأصفهاني. الواضح: 30/ 1، 41/ 1، 49/ 3، 65/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 6/ 1.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 90/ 1.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 5/ 21.
(5)
الأصفهاني. الواضح: 5/ 1.
- وجاءت كلمة ممقّط في قول الأصفهاني: وكان ركن الدولة جاءه ممقّط وخلا به في الميدان. قال الشيخ ابن عاشور: في اللسان: المقاط: الحامل من قرية إلى قرية. والمقاط أجير الكري. اهـ. فلعل الممقط بمعنى المقاط مشتقاً من مقط، أي كان الجاسوس في صورة مقاط (1).
- وتعليقاً على قول أبي القاسم: لأن النبيذ ليس من كلام العرب. قال: لا يستقيم لأن كلمة نبيذ عربية خالصة غير معربة، ولعل مراد المؤلف أن المشتقات من اسم النبيذ قليلة الدوران في كلام العرب (2).
- وأمّا طلَّتي في ما يرويه الأصمعي:
أفي نَابين نالهما سُواف
…
تألّت طَلَّتي ليست تنام
فمعناه امرأة الرجل. اللسان. والبيت لعمرو بن حسان (3).
- قال الراجز:
وغَنّى في حنين الزير والمثنى بتهزيج
جعلنا القمص في اللبات أمثال الدواويج
قال المحقّق: الدواويج بدال مهملة وواوين: جمع دُوّاج بوزن رمان: لحاف يلبس، أي فهو شقة غير مخيط. وهذا وجه التشبيه في كلام الراجز (4).
وفي قول آخر:
عُبْريّاتها نثرت علينا
…
دنانيراً طبعن من الإياة
(1) الأصفهاني. الواضح: 19/ 5.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 49/ 1.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 49/ 2.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 74/ 1.
ثلاث كلمات شرحها الشيخ ابن عاشور بقوله: العُبريّات بضم العين جمع عُبرية. وهي شجرة السدر التي تنبت على عبر النهر. يقال لذلك: سدر عُبريّ، وأما السدر البري الذي لا يشرب فهو الضال. والإياة شعاع الشمس (1).
- والألفاظ الحضارية التى أطلقت على أعياد فارسية أو وقعات أو وظائف:
- فلم يحر جواباً إلى أن حضره النيروز: النيروز اسم عيد فارسي معرب نوروز أي الزمن الجديد. فكلمة (نو) بمعنى الجديد، وكلمة (روز) بمعنى الوقت. وهذا اليوم هو أول السنة الفارسية. وهو أول يوم من شهر (أفرودين ماه)، ويوافق اليوم 26 من تشرين الثاني (نوفمبر). ومدّة هذا العيد ستة أيام. وذكروا له أسباباً تاريخية غير فلكية (2).
- قال الأصفهاني: إلى أن حدث يوم نثر الورد. قال الشيخ ابن عاشور: ظاهر كلام المؤلف أن يوم نثر الورد يوم معروف حينئذ من أيام السنة. ولم أر من ذكره بهذا العنوان غير هذا الكتاب. ولم يذكر شارحو الديوان سوى أن عضد الدولة جلس للشراب في مجلس متخذ له، وأمر بنثر الورد فدارت غلمان تنثر الورد على جوانب المجلس حتى تورّد المجلس. قال المعرّي: وذلك سنة 354 (3).
- خطاب أبي علي الفراء إلى أبي الفرج المنشي صاحب ركن الدولة الذي ورد في أبياته:
قد جاءك المهرجان يلتمس الزيـ
…
ـنة من نور وجهك البهج
(1) الأصفهاني. الواضح: 84/ 1.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 17/ 1.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 21/ 4.
قال الشيخ ابن عاشور: المهرجان عيد للفرس. وهو اليوم السادس عشر من مهرماه الفارسي يوافق 26 من تشرين الأول (أكتوبر). وهو وسط الخريف (1).
- يوم حليمة. قال في النص: أشهر من يوم حليمة في أشعار المحدثين. قال الإمام الشيخ: يوم حليمة يوم مشهور من أيام وقائع الحرب عند العرب. وهو يوم قتال بين ملوك الشام الغسانية وملوك الحيرة المناذرة. انتصر فيه جيش الحارث بن أبي شمر الغساني على جيش المنذر بن ماء السماء، وأضيف إلى حليمة بنت الحارث الغساني لأنها حضرت المعركة وحرّضت عسكر أبيها، فكان لهم النصر. ومن أمثال العرب: ما يوم حليمة بسر (2).
- وورد كتاب أبي الفتح ذي الكفاءتين. قال الشيخ ابن عاشور: كذا رسم بهمزة بعد الألف. ولعله سهو صوابه: الكفايتين بياء بعد الألف لأن الكفاية بالياء خطة. وهو أن يكفي صاحبُها الملك أموراً يكلها إليه. ومنه لقب الشريف الرضي ذا الكفاية لكفايته الدولة والخليفة أمور النسب العلوي. وأما ذو الكفايتين هذا فهو أبو الفتح بن أبي الفضل بن العميد لأنه كفى ركن الدولة أبا علي بن بويه أمور الدواوين وأمور الجيش (3).
- ومن الكلمات التي احتاجت إلى التعليق من أجل البيان وتحرير الخطاب قول المتنبي:
سلَّه الركضُ بعد وهن بنجد
…
فتصدّى للغيث أهلُ الحجاز
(1) الأصفهاني. الواضح: 24/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 86/ 1.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 22/ 2.
قال شيخنا: أراد أبو القاسم أن تَخصيص أهل الحجاز بالذكر في مقابلة نجد ليس لخصوصية في الغرض، ولا لاختصاص المقابلة. فإن مقابلة نجد تكون بالغور وبتهامة، بل إنما جلبه لأجل القافية. وليس مراد أبي القاسم أن مقابلة نجد بالحجاز غير صحيحة (1).
- ومن تعليقاته في هذا الباب من أجل إقامة الوزن وتصحيح المعنى وذكر الصور البيانية قوله في بيت الحسن بن هانىء:
طافيات راسبات
…
خوْمها عنَقاً عنقَا
كذلك كتب في الأصل، وكذلك ضبط ونقط ما ضبط ونقط منه. ومنه تحريف ونقص أفضى إلى اختلال الوزن. وصواب البيت:
طافيات راسبات
…
حببتها عنقاً فعنقا
راسبات بموحدة بعد السين. كذا في ديوانه. ولعل كلمة خومها تحريف خوفها بخاء معجمة وبفاء أخت القاف بعد الواو. وهي رواية في البيت عوض حببتها، وانتصب عنقاً عنقاً على البدلية من ضمير الغائب في حببتها، بدَلٌ مفصَّل من مجمل كما تقول: قرأت الكتاب باباً فباباً، والعنق والعنق رأس الجبل من الرمال. والبيت من مجزوء الرمل. شبه الصعود بالطفو، والهبوط بالرسوب. وفي البيت محسن الطباق (2). ويمكن أن يلحق بهذا استعمال اللفظ بمعناه اللغوي مع نفي إرادة المعنى الاصطلاحي. كما في قول ابن جنّي: وذلك أن المعدوم عندنا سمِّي شيئاً. قال الشيخ ابن عاشور: يعني عند أهل اللغة دون اصطلاح المتكلمين. فإن أصحاب الأشعري اصطلحوا على أن المعدوم لا يسمى شيئاً (3).
(1) الأصفهاني. الواضح: 74/ 3.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 90/ 2.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 66/ 3.
ومما تناولته تعاليق الإمام الأكبر بيان اختلاف آراء الشراح لديوان شعر المتنبي. والاقتصار على وجه واحد من تلكم الأفهام يقصر بالناظر عن إدراك المقصود بصورة قطعية. ولذلك فإنا نجده فيما كتبه ابن جنّي على بيت المتنبي:
تبلُّ خدِّيَ كلما ابتسمت
…
من مطر برقه ثناياها
يتعقبه بقوله: جعل أبو الفتح إسناد تبلّ إليها إسناداً حقيقياً، وأبو القاسم جعله مجازاً عقلياً، أي تتسبب في بلّ خدّي بالدموع، ووافق الواحدي في شرحه التفسيرَ الذي قاله أبو القاسم، وحكى الواحدي عن ابن فورجه موافقته لأبي الفتح. وحكى المعري في معجز أحمد سبعة أقوال في تفسير هذا البيت غير معزوة، أحدها مثل ما لابن جنّي، وآخر مثل ما لأبي القاسم (1).
ويتبع هذه المقارنة بين الأفهام المختلفة مع الترجيح أو الانتصار لبعض أصحابها. وهو فاش في كتاب الواضح. مثاله قول المتنبي:
لَياليَّ عند البِيضِ فَوْدَايَ فتنةٌ
…
وفخرٌ وذاك الفخرُ عِنديَ عَابُ
اختلف في معنى هذا البيت ابن جنّي والأصفهاني. وقال الشيخ ابن عاشور: معنى أبي الفتح ومعنى أبي القاسم متقاربان، وإن كان معنى أبي القاسم أصرح (2).
- ومن ذلك الاختلاف في معنى قول أبي الطيب:
وترى الفضيلة لا ترد فضيلة
…
الشمس تشرق والسحاب كنهورا
عقب عليه الشيخ ابن عاشور بقوله: ذكر أبو البقاء اختلاف
(1) الأصفهاني. الواضح: 85/ 2.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 36/ 1.
شارحي الديوان في معنى هذا البيت ونظمه (1). انظر وجوه ذلك عند العكبري (2).
- ومنه ما ورد في تفسير قول أبي الطيب:
عيون رواحلي إن حرتُ عيني
…
وكلُّ بُغام رازحةٍ بُغامي
حكى الأصفهاني عن أبي الفتح قوله: حرت أو تحيّرت، والبغام صوت الناقة المعيية. ومعناه: إن حارت عيني فعيون رواحلي عيني وبغامهن بغامي. قال المحقق: هذا التفسير من أبي جعفر هو الظاهر، وما ذهب إليه أبو القاسم معنى ضئيل. وحسبك أن الشاعر فسّر به مراده، وهو الذي يقتضيه سياق الأبيات قبله وبعده. وذكر البُغام لا يناسب إلا المعنى الذي رواه أبو الفتح عن الشاعر نفسه. وابن فورجه والخطيب سلكا مسلك أبي القاسم في معنى البيت في شرح العكبري، بخلاف العكبري (3).
- ومن ذلك الاختلاف في تفسير قول المتنبي:
وخيلٍ حَشَوْناها الأسِنَّةَ بعدما
…
تكدَّسْنَ مِنْ هَنَّا علينا ومِنْ هَنَّا
ضُرِبْنَ إلينا بالسياط جهالةً
…
فلما تعارفنا ضُرِبْنا بها عَنَّا
يروي أبو القاسم الأصفهاني وجهين في تفسير قول أبي الطيب: فينسب الأول لأبي الفتح وينسب الثاني له.
قال الشيخ ابن عاشور: وافق أبا القاسم على هذا التفسير
(1) الأصفهاني. الواضح: 53/ 5.
(2)
العكبري. شرح ديوان المتنبي: 2/ 171، البيت:45.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 78/ 3؛ العكبري. شرح ديوان المتنبي: 2/ 143، البيت:4.
المعري والواحدي والعكبري. وأما ابن القطاع فحكى عنه العكبري أنه وافق أبا الفتح، والأصوب ما فسره به أبو القاسم (1).
ولا شك أن مما يقتضيه التحقيق تصويب النص في النسخة المعتمدة، فلا بدع إذا رأينا شيخنا، مرتين أو ثلاثة، يُصلح ما عرض للمتنبي من أخطاء عند التحقيق:
أُحاد أم سُداس في أُحاد
…
لُيَيْلَتُنا المنوطة بالتنادي
فهو عندما يعلّق على تفسير الغَيَد بالعنق عند الأصفهاني يقول: كذا بالأصل، وكذلك ضبطه. وهو سهو. ولعل الصواب الغيد ميل العنق (2)، ومثل هذا ما سبق التنبيه إليه في بيت الحسن بن هانىء من تحريف وخطأ واضطراب (3).
ولقلة العارفين بالمذاهب العقدية والفقهية من أهل الاختصاص في الأدب والبلاغة فسّر الشيخ جملة من الإطلاقات الاصطلاحية على المذاهب.
فقال عن الجعفرية: الأشهر أنها منتسبة لأتباع مذهب مَن ينتسبون إلى أبي جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين. وهم أيضاً قائلون بإمامة جعفر الصادق بن محمد الباقر، لكنهم مختلفون في ذلك مع اتفاقهم على إمامة أبي جعفر محمد الباقر، فكانت نسبة المذهب إليه أولى (4).
(1) الأصفهاني. الواضح: 79/ 3؛ العكبري. شرح الديوان: 4/ 167، البيتان: 7 - 8.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 24/ 5.
(3)
الأصفهاني. الواضح: انظر تع: 669.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 71/ 2.
وبيّن عدة مذاهب، هي في الجملة خبيثة الاعتقاد كانت منتشرة بالكوفة. ذكرها المؤلف عند حديثه عن تنبؤ أبي الطيب، فجعل منها السوفسطائية، وتناسخ الأرواح، ومذاهب الفضائية القائلة بالخلاء، والسبعية، والقائلين بالنفس الناطقة، والحشيشية. وجعل من الشعراء الموسومين بخبث الاعتقاد: بشّار بن برد، وديك الجن، وأبان بن عبد الحميد، وأبا العتاهية، وإبراهيم بن سيابة (1).
- قال الشيخ في تعريف السوفسطائية: هم الذين ينكرون حقائق الأشياء، ويقدحون في طرق التوصل إلى العلم بها، لِشكِّهم في الحسيات والبديهيات، وهو لفظ يوناني معرب. انظر شرح السيد الجرجاني على المواقف: 1/ 117 ط. الأستانة (2).
- ووصف مذهب التناسخ بكونه مذهب القائلين بأن الأرواح بعد فناء أجسامها تحل في أجسام أخرى. وهو مذهب هندي قديم. انظر رسالة الغفران 142، 157. ط. هندية بمصر. وبه قالت الهاشمية من فرق الشيعة. الملل والنحل للشهرستاني: 212 هامش الفصل. ط. مصر (3).
- ومذهب القائلين بوجود الفضاء المسمى عند الحكماء بالخلاء. وهو كون الجسمين لا يتماسان ولا بينهما ما يماسهما. فالمتكلمون قائلون بإمكان وجوده، والحكماء ينفونه (4).
- وقال عن السبعية: بفتح السين المهملة وسكون الموحدة، طائفة من الشيعة جعلوا عدد الأئمة سبعة، وأن السابع إسماعيل بن
(1) الأصفهاني. الواضح: 7 - 9.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 7/ 3.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 1.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 2.
جعفر الصادق المتوفى في حياة أبيه في حدود 145، ويدَّعون أنّ المهدي المنتظر من عقبه (1).
- مذهب القائلين بالنفس الناطقة من الحكماء. وهي جوهر فرد مجرد عن المادة، ولكنها مقارنة للمادة في أفعالها عندهم (2).
- والحشيشية هي مذهب طائفة من الشيعة الإسماعيلية كانوا في حصون جبلية من بلاد الشام. نسبوا إلى شرب الحشيش المخدر (3).
ومن تعليقات الإمام الأكبر ما أثبته في حاشية الواضح تنبيهاً على عمله في تتبع شعر بشّار. فهو يقول عند ذكر قول بشّار، بعد ضبطه للبيت:
تَنَابُع نحو داعيها سراعاً
…
كما نثر الفريد من النظام
لم تضبط كلمة تنابع. والوجه أن تكون: بفتح المثناة الفوقية الأولى، وبفتح الموحّدة، وبضمّ العين كما يقتضيه تأنيث الضمير في قوله: داعيها، وجمع سراعاً. وهذا البيت لا نعرفه إلا في هذا الكتاب. وقد أثبتناه في ملحقات ديوان بشّار. ط. لجنة التأليف والنشر 1382 (4).
وعني شيخنا رحمه الله في تعليقاته بالتعريف بكثير من الملوك، والأمراء، والوزراء وخزنة المال، والقوّاد، واللغويين، والنحاة، والأدباء، والشعراء. وفيما سنذكره من ذلك لمحة دالة، وليس استقراء لمن ترجم لهم. كما سنشير إلى بيانات وتفسيرات في هذا الباب منها ما يتعلّق بمن أضيف اسمه إلى كتاب مثلاً، من غير تصريح بتسميته
(1) الأصفهاني. الواضح: 8/ 3.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 4.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 5.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 44/ 3.
الشخصية، ومنها ما يرجع إلى ضبط الأسماء أو تحرير الأنساب، أو ممّا يكون قد توقّف فيه المحقّق. فهو يترك الدلالة عليه بما يكون من التعريف، ممّن يلحق به ويأتي بعده من أهل العلم والبحث.
فمن الملوك تعريفه بكافور قائلاً: كان عبداً أسود من خدم الإخشيد، صاحب مصر. ولمّا توفي الإخشيد 334 - 335، ولي بعده ابنه أنوجور أبو القاسم. واستولى على الأمر كافور. وكان كافور أتابك أبو القاسم بن الإخشيد. وكلمة أتابك تركية مركبة من كلمة أتا بمعنى أب وبك بمعنى الأمير. وتوفي كافور 356 (1).
وكذلك تعريفه بالإخشيد. وهو أبو بكر محمد بن طغم بن جف الفرغاني الأصل. من أبناء الملوك في فرغانه. ولد ببغداد 268 وأولاه الخليفة القاهر على مصر 321، وصرفه قبل أن يتسلمَ عمله. ثم أولاه 323. ولقبه الإخشيد 327. وهو لقب ملوك فرغانه، ومعناه ملك الملوك. وتوفي في دمشق 334 - 335. ودفن ببيت المقدس (2).
وأما الوزراء فذكر من بينهم:
- المهلبي أبا محمد الحسين بن محمد، من ولد قبيصة بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي، وزير معز الدولة ابن بويه في سنة 339. ولد بالبصرة 291 - 352. كان شاعراً كاتباً. ترجمته في اليتيمة وابن خلكان. وله أقوال بليغة، تجري مجرى الأمثال. أثبتها أبو منصور الثعالبي في كتاب سحر البلاغة وسر الصناعة. وَزَر لمعز الدولة بعد موت الوزير أحمد الصميري. فحمد أثره في كشف الظلامات، وتقريب أهل العلم والأدب (3).
(1) الأصفهاني. الواضح: 11/ 6.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 12/ 2.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 4، 1/ 7.
- وأبا الفضل البلعمي بعين مهملة نسبة إلى بلعم من بلاد الروم. هو محمد بن عبيد الله بن محمّد التميمي. كان وزير الأمير السعيد نصر الساماني ووزيراً للأمير إسماعيل الساماني. توفي 325 (1).
- وأبا علي بن إلياس. هو محمد بن إلياس بن اليسع. كان وزيراً لأمراء بني سامان. وكان من أصحاب السعيد نصر بن أحمد الساماني. وسخطه، وشفع فيه محمد بن عبيد الله البلعمي. وتقلب في الأمور أوائل القرن الرابع. وصار إليك ملك بلاد كرمان، ثم تخلّى عنه لابنه اليسع. توفي 356 (2).
- وذكر من القواد أبا العشائر. قال في ترجمته: أبو العشائر هو الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان. كذا قال الواحدي ابن عم سيف الدولة، وممدوح المتنبي، وممدوح أبي فراس. كان من قواد سيف الدولة، وأسر في بلاد الروم (3).
- وترجم لعدد كبير آخر من العلماء والأدباء والنحاة وغيرهم من العلماء. فذكر من اللغويين والأدباء أبا الطيب اللغوي. قال: هو عبد الواحد بن علي أبو الطيب اللغوي الحلبي. أصله في عسكر محرم. قدم حلب فأقام بها إلى أن قتل في دخول دُمستق حلب 351 (4).
- ومن بين الأدباء الذين ترجم لهم الإمام الضبّي. قال: هو أحمد بن إبراهيم الضبّي نسبة إلى قبيلة ضبّة 399. أديب من أصحاب الصاحب بن عباد. ووزر بعده لفخر الدولة ابن بويه، وابنه مجد الدولة
(1) الأصفهاني. الواضح: 18/ 1.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 18/ 6.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 9/ 4.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 10/ 1.
إلى سنة 393، حيث هرب من الريّ إلى بدر بن حسنويه فأكرمه (1).
وكذلك نجد له ترجمات للنحاة من بينها ترجمة ابن جنّي التي يقول فيها:
- هو أبو الفتح عثمان بن جنّي الموصلي النحوي الشهير 392. أخذ عن الفارسي، وصحِب المتنبي. وكتب على ديوانه شرحين: أحدهما على كامل القصائد سماه الفسر الكبير. وابن جنّي أول من شرح ديوان المتنبي (2). توجد منه نسخة بدار الكتب المصرية، والثاني في معاني أبيات منه سماه الفسر الصغير. وهو مقصود المؤلف هنا، لأنه صرح في مواضع بأنه لم يطلع على الفسر الكبير. ثم في آخر هذا الكتاب (3)
…
وتحدث عن ثلة من الشعراء ترجم لهم. نذكر من بينهم:
- ديك الجن، مولى بني حبيب بن مسلمة الفهري 235. كانت له جارية يهواها، اتهمها بغلام وصيف له، فقتلها ثم ندم على ذلك. فأكثر من التلهّف عليها بشعر كثير. وهو شاعر مُجيد. ولم أقف على سبب تلقيبه بديك الجن (4).
- اللاحقي، من أصحاب بشار. كان شاعراً مُجيداً في عصر الرشيد، واتصل بالبرامكة. واللاحقي نسبة إلى جدّه لاحق. وهو مولى بني رقاش من بني شيبان بن بكر بن وائل. ورقاش أمه. نشأ بالبصرة. وكان صديقاً لبشّار بن برد. ومات بعد نكبة البرامكة. ولم أقف على سنة وفاته (5).
(1) الأصفهاني. الواضح: 7/ 1.
(2)
الصبح المنبي: 160. ط. دمشق.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 5/ 2.
(4)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 6.
(5)
الأصفهاني. الواضح: 8/ 7.
- ابن سيابة. بسين مهملة وبتحتية، وهو الصواب. وجعل على التحتية علامة خف، أي بالتخفيف. اسمه إبراهيم. شاعر معاصر لهذه الفئة متوسّط الشعر وعُدّ منها (1).
ولا يخلو الواضح عند الاقتضاء من ذكر وجوه تلك القرى والدساكر وأعيانها. ويتّبع الشيخ ابن عاشور الأصفهاني، مكملاً ما ينبغي أن يعلم عن بعض الأعلام، كما في ترجمته لفاتك. قال: فاتك هو أبو شجاع. يعرف بفاتك الكبير، ويعرف بالمجنون، وبفاتك الرومي. أُخِذ وهو صغير من بلد قرب حصن يعرف بذي الكِلاح، وتعلم القراءة والكتابة بفلسطين. فأخذه ابن طغج محمد الملقب بالإخشيد صاحب مصر من سيده كرهاً. فنشأ كريماً بعيد الهمة. ولقبّه أهل مصر بالمجنون لإفراطه فيما أعطاه للمتنبي كما ذكره المؤلف، وأقطعه الإخشيد بلاد الفيوم (2).
- ومن الأعيان والسراة أيضاً سميُّ السابق فاتك بن أبي جهل بن فراس بن بداد، من بني أسد. وهو خال ضبّة بن يزيد العيلي الذي هجاه أبو الطيب بالأبيات التي أولها:
ما أنصف القوم ضبّة
…
وأُمّه الطرطبّة
قيل: إن فاتكاً لما سمع ذكر أخته بالقبح في هذه الأبيات، داخلته الحميّة فأضمر الانتقام من المتنبي. وقد علم أنه منصرف من بلاد فارس متوجّهاً إلى العراق، وأن اجتيازه على دير العاقول (3).
وجاء الإمام في حاشية الواضح إلى جانب التعريفات والترجمات بتعليقات أخرى ذات صلة بالموضوع. منها ما هو حول
(1) الأصفهاني. الواضح: 9/ 1.
(2)
الأصفهاني. الواضح: 12/ 1.
(3)
الأصفهاني. الواضح: 26/ 4.
قول أبي القاسم: "أخي أبي محمد الأبهري صاحب كتاب حقائق الآداب". قال المحقق: صاحب صفة لأبي محمد، وهو عبد الله بن محمد بن علي المعروف بابن شاهرذان له كتاب حدائق الأدب في اللغة. ذكره ياقوت دون وصفه بالأبهري، وكناه أبا محمد، وذكر حدائق الحقائق في اللغة. وقال: لا أعرف من حاله شيئاً (1)، وغير ذلك من التحقيقات.
* * *
(1) الأصفهاني. الواضح: 20/ 3.