المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري: - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

في هذا المعنى، من حيث النظر إلى السند في الرواية الأولى لهذا الحديث؛ يجري على بقية الروايات لأنها في غالبها متحدةٌ صدورُها.

وعند انتقاله إلى نقد متن هذا الحديث يومىء إلى اشتماله على معنى غير منضبط؛ لأن التعريف في لفظة "العلم" المضاف إليه "طلب" لا يخلو أن يكون للعهد أو للاستغراق، وكلاهما ممتنع. وحملوا الكلام على الاستغراق العرفي، وهو وجوب الطلب لكل العلوم الشرعية، وهذا باطل أيضاً. وطلب تحصيلها على الحقيقة إنما هو فرض كفاية. وإذا كان ظاهر الحديث غير مراد وجب تأويله، ولا دليل على تأويله بمعين. وهذا لا يليق بمقام التشريع.

وبمثل هذا العمق في نقد الرجال والمتون جرى الشيخ، رحمه الله، مع بقية روايات الحديث كما يفصّله مقاله (1).

‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

[قال الحاكم]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي بالرملة، ثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم وعلي بابها. فمن أراد المدينة فليأت الباب". هذا حديث صحيح ولم يخرجاه.

وأبو الصلت ثقة مأمون؛ فإنّي سمعت أبا العباس محمدَ بن يعقوب في التاريخ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول:

(1) تحقيقات وأنظار: 85 - 91.

ص: 348

سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي، فقال: ثقة. فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية عن الأعمش: "أنا مدينة العلم"؟ فقال: حدّث به محمد بن جعفر الفيدي، وهو ثقة مأمون، وسمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني إمام عصره ببخارى يقول: سمعت صالح بن محمد بن الحافظ يقول: وسئل عن أبي الصلت الهروي، فقال: دخل يحيى بن معين ونحن معه على أبي الصلت فسلم عليه. فلما خرج تبعته فقلت له: ما تقول رحمك الله في أبي الصلت؟ فقال: هو صدوق. فقلت له: إنه يروي حديث الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا مدينة العلم وعلي بابها؛ فمن أراد العلم فليأتها من بابها". فقال: قد روى هذا ذاك الفيدي عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصلت (1).

وروى الحديث أيضاً جعفر بن محمد البغدادي الفقيه عن أبي معاوية، وعمر بن إسماعيل بن مجالد، وأحمد بن سلمة الجرجاني، وإبراهيم بن موسى الرازي، ورجاء بن سلمة، وموسى بن محمد الأنصاري، ومحمود بن خداش، والحسن بن علي بن راشد، وأبو عبيد القاسم بن سلام (2).

وإثر التعريف بموضوع الكتاب أو الرسالة التي عرضها أبو الفيض على الإمام الأكبر، وحتى نكون متصوّرين لجوانبه، ملمّين بجزئياته وعناصره، ينبغي أن نذكّر بأن مداخلات وقعت قبل كتابة المراجعة التي نحن بصدد التعريف بها. يدلّ على ذلك قول شيخنا رحمه الله: وقد ذكرت في مقالي ما قيل في جعفر بن محمد، وفي

(1) ك: 3/ 126.

(2)

محمد الطاهر ابن عاشور. تحقيقات وأنظار: 83.

ص: 349

رجاء بن سلمة، وأحمد بن سلمة، وفي عمر بن إسماعيل (1). فيبقى محمد بن جعفر الفيدي، وإبراهيم بن موسى الرازي، وموسى بن محمد الأنصاري، ومحمد بن خداش، والحسن بن علي بن راشد، وأبو عبيد القاسم بن سلام.

صدّر الإمام الأكبر مراجعته أو نقده للحديث بما يزيل الوحشة من نفس صاحبه بقوله: "رأيت أنكم نحوتم [في كتابتكم] نحو تلقّي الحديث: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" بالقبول، ولا بدع في ذلك فقد سبقكم إلى ذلك كثير من المحدّثين، كما أن كثيراً منهم نبذوه بالعراء، وكثيراً رموه بأنه وضع وافتراء". ولتأييد وجهة النظر هذه قال: "إن منكريه لم يقتصروا على الطعن في رجال أسانيده، بل قالوا فيه أقوالاً شديدة؛ مثل موضوع، ومنكر، ولا أصل له، وكذب، وكم خلق افتضحوا فيه، ولم يرْوِه عن أبي معاوية أحد من الثقات".

وذكر لمثل هذا الحديث نظيراً هو ما روي عن ابن عباس: "أن جلساءه شركاؤه"، ولم يصحّ. فلم يعين البخاري له سنداً بل جزم بعدم صحّة المروي.

وقضية أبي الصلت وما ورد من الأقوال فيه تكشف لنا أولاً عن الاعتراض على تعديله لما أورده الحاكم إثر رواية حديثه. وذهبت جماعة إلى أن أبا الصلت وضع الحديث عن أبي معاوية، وقال آخرون: إن أبا معاوية حدّث به ثم كفّ عنه. وذيّل هذه الآراء بقوله: إن كثرة الاختلاف فيه وشدةَ عناية الأئمة بالفحص عن رواته، تؤذن بأنه حديث لم يكن معروفاً عند الحفاظ، وأنه طلع على هذه الأمة طلوع الشواظ.

(1) لم نقف على المقال المشار إليه.

ص: 350

وبعد الاحتجاج بأقوال الفقهاء في متنه وسنده، يفتتح الجزء الأول من البحث بذكر مرجع الاختلاف في الحديث بين رواته ونقاده. فمنهم من سلك مسلك تغليب جانب التهمة والحذر من قبول الرواة، ومنهم من كان متّسماً بحسن الظن فيهم والتسامح معهم. وغير خاف تشدّد عمر بن الخطاب في ذلك. كما يشهد لهذا ما رواه مالك والبخاري عنه في حديث الاستئذان، حتى إذا رضيه واطمأن إليه، قال لأبي موسى راويه: إني لا أتهمك، ولكني أردت ألا يتجرأ الناس على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبهذا النهج أخذ المحقّقون من المحدّثين مثل الإمام مالك الذي لا يقبل مجهول الباطن وإن كان مستور الظاهر، خلافاً لأبي حنيفة وابن فورك وسليم الرازي الذين قبلوا مستور الظاهر وإن جُهل باطنه. واحتج أصحاب الرأي الأول بمقالات المتقدّمين، كابن عباس وابن سيرين وأبي هريرة، ولزم ذلك أصحابُ مالك كعبد الله بن المبارك وابن مهدي، وأصحابُهم كالبخاري ومسلم.

وبعد إيراد الدلائل القائمة على صحة مذهب المحقّقين، يعلن الإمام الأكبر في وضوح عن رأيه مع كبير أدب ورقة مجاملة قائلاً:

"وأنا أرى التحرّي أولى بالمسلمين. فقد طفحت عليهم الروايات، فكانت منها دواهٍ وطامّات. فإذا كنّا متّفقين في طريقنا في تغليب جانب التحرير فالمراجعةُ سهلةٌ، ولو لاح الخلاف في أول وهلة، وإن كان كل ينحو إلى منهج من ذينك المنهجين، فالاختلاف في الفروع تبع للخلاف في الأصول. فلنتمسك بوثائق الود، ولا نتَّهم باختلاف الأفهام والعقول".

وفي القسم الثاني من البحث يعمد شيخنا الجليل إلى حصر

ص: 351

مدارك الخلاف في طرق متنه، معتمداً في ذلك على ما جاء في فتح الملك العلي نفسه، راجياً أن يكون من الرأيين المتقابلين ما يحمل على الالتزام بالنظرة الموضوعية، والانتهاء إلى القول الفصل في هذه القضية.

الطريق الأول: اعتقاد أبي الفيض أن كثرة الرواة عن أبي الصلت توجب تعديله. ويرى الإمام الأكبر عكس ذلك، لأن كثرة الرواة عن المطعون فيه ليست بالتي تفلته من سهام الطاعنين، خصوصاً وأهل الصحيح والحسن من المتحدّثين يمسكون عن المتكلم فيه ولا يروون حديثه. فكيف والذين رووا عن أبي الصلت كلهم متكلم فيهم.

الطريق الثاني: اعتبار شهرة أبي الصلت بالزهد والديانة شاهداً لتعديله. والحق أن هناك بوناً بعيداً بين العدالة والديانة، كما يدلُّ على ذلك تصرف الإمام مالك، وتشهد به مقالات أمثال يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك. وإن الحديث ليحتاج إلى تقى وورع كما يحتاج إلى إتقان وفهم وعلم.

الطريق الثالث: إن كلام الحاكم ويحيى بن معين في أبي الصلت يتضارب مع أغلب ما حكاه النقاد عنه. وفي تهذيب التهذيب لابن حجر وغيره من كتب الرجال دليل على ذلك. وقد طعن في أبي الصلت أئمة الحديث نقلاً عن الإمام أحمد والدارقطني وابن عدي. والأخذ بالتجريح وتقديمُه على التعديل أحوط. وفي هذا الطريق ألمع الشيخ رحمه الله إلى ما وقع فيه أبو الفيض من لبس في رواية مقالة أبي سعيد الهروي، حيث نقل عن الدارقطني قوله: نعم، ابن الهيضم ثقة. فقال له دعلج: أنا سألتك عن عبد السلام. فقال: نعم ثقة. والرواية الصحيحة كما في تاريخ الخطيب: نعيم بن الهيضم ثقة. قال

ص: 352

سائله: إنما سألتك عن عبد السلام، فقال: نعيم ثقة، ولم يزد.

الطريق الرابع: بدأ فيه بذكر رواة الحديث غير أبي الصلت. وتعرّض للباقين ممّن وقعت الإشارة إليهم، وهم محمد الفيدي، وإبراهيم الرازي، وموسى بن أحمد الأنصاري، ومحمود بن خداش، والحسن بن علي بن راشد، وأبو عبيد القاسم بن سلام. فذكر كل واحد منهم مع ما غمز به: فالفيدي في ذاته ثقة غير أن روايته لم تنقل إلينا بسند معروف.

وإبراهيم بن موسى روى الحديث عنه محمد بن جرير الطبري، وقال: إنه شيخ لا أعرفه، ولا سمعت منه غير هذا الحديث. فهو إذاً مجهول الرواية غريب عنده.

وموسى بن محمد الأنصاري ذكر الإمَامُ روايتَه، في مقاله، ونبّه على أن في سنده محفوظاً بن بحر الأنطاكي، وهو كذّاب.

ومحمد بن خداش والحسن بن علي بن راشد، ورأينا متفق على أن الراويين عنهما متهمان.

وأبو عبيد حدث عنه الجبريني وهو من الضعفاء.

وأشار في هذا الطريق الرابع إلى متابعة سعيد بن عقبة ومتابعته عثمان بن عبد الله ناقلاً كلام ابن عدي فيهما، فلا يتكثر بهما.

الطريق الخامس: تعضيد هذا الحديث بالشواهد المعنوية الدالة على فضل الإمام علي. وهذا لا نزاع فيه، غير أن الكلام في فضيلة خاصة وهو أن يكون علي هو الطريق الواضح لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الادعاء أو الوضع لا يمكن أن يكون إلا من نحل الرافضة.

الطريق السادس: أن كثرة الروايات والطرق للحديث الضعيف

ص: 353