المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - الأمير شكيب أرسلان - مقاصد الشريعة الإسلامية - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌رموز وإشارات

- ‌تقديمسعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميةفي دولة قطر

- ‌تصدير

- ‌المقدمة

- ‌التعريف بالإمام الأكبر:

- ‌أ- التعريف بعصر الإمام:

- ‌ب - الأسرة العاشورية:

- ‌ج - حركة الإصلاح الشامل:

- ‌د - جوانب الإصلاح:

- ‌أسباب الإصلاح:

- ‌وضع التعليم في الزيتونة:

- ‌عوارض التأليف والتعليم:

- ‌القسم الأولحركة التجديد في بلادي المشرق والمغرب

- ‌المجتمع الإسلامي الجديد وبناؤه

- ‌دعاة التجديد في البلاد العربية

- ‌رفاعة الطهطاوي

- ‌من دعاة الإصلاح والتجديد بالمشرق والبلاد العربية

- ‌1 - السيد جمال الدين الأفغاني

- ‌2 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌3 - السيد محمد رشيد رضا

- ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

- ‌بدء النهضة الفكرية بتونس وبلاد المغرب

- ‌1 - السيد خير الدين باشا

- ‌2 - أحمد بن أبي الضياف

- ‌3 - محمود قابادو

- ‌أعلام الزيتونة

- ‌1 - محمد الطاهر ابن عاشور الجد

- ‌2 - محمد العزيز بوعَتُّور

- ‌3 - الشيخ سالم بوحاجب

- ‌عمل الشيخ سالم في التدريس:

- ‌القسم الثانيشيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور

- ‌نسبه وولادته:

- ‌التحاقه بالجامع الأعظم:

- ‌شيوخه:

- ‌حصوله على شهادة التطويع:

- ‌دراسته العليا:

- ‌الإجازات العلمية:

- ‌تجربته في التدريس ونقده الذاتي لمنهجه فيه:

- ‌درجاته العلمية وعمله في التدريس:

- ‌الوظائف الإدارية:

- ‌الوظائف القضائية الشرعية:

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌القسم الثالثحركات الإصلاح في ربوع المشرق والمغرب

- ‌حركة إصلاح التعليم بالجامع الأعظم

- ‌صدمة الاحتلال:

- ‌يقظة الشعب:

- ‌ترتيبات خير الدين:

- ‌من رواد الإصلاح: محمد البشير صفر، رئيس الجمعية الخلدونية:

- ‌طلبة الجامع الأعظم

- ‌الشيخ ابن عاشور والإصلاح:

- ‌حركات إصلاح التعليم في القرن 14/ 20 في ربوع المشرق والمغرب:

- ‌1 - الأستاذ الإمام محمد عبده

- ‌2 - الأستاذ محمد كرد علي

- ‌3 - الشيخ محمود شكري الآلوسي

- ‌4 - محمد بن الحسن بن العربي الحجوي

- ‌5 - الشيخ عبد الحميد بن باديس

- ‌6 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌القسم الرابعإصلاح التعليم الزيتوني في نظر الإمام

- ‌تمهيد:

- ‌شروط القيام بالإصلاح:

- ‌التذكير بأمجاد الزيتونة:

- ‌ما آل إليه التعليم بالجامع الأعظم:

- ‌غايات التعليم الزيتوني وأهدافه:

- ‌الترتيب الصادقي 1292/ 1875، عرضه ونقده:

- ‌نظام التعليم سابقاً بجامع الزيتونة:

- ‌عناصر نظام التدريس:

- ‌أولها: التعليم بالجامع ليس بالضرورة أن يكون محدداً من طرف الإدارة:

- ‌ثانيها: طريقة اختيار الدروس وتعيينها:

- ‌أوقات الدروس بالجامع:

- ‌التدريس والدراسة:

- ‌المدرسون:

- ‌الطلاب:

- ‌الامتحانات:

- ‌امتحان التطويع:

- ‌العطل والإجازات:

- ‌المطلب الأول: الكتب والمصنفات المقررة للدراسة:

- ‌أغراض التأليف:

- ‌التأليف بعد القرن السادس:

- ‌الاعتماد على النقل أساساً:

- ‌المحافظون المقلِّدون:

- ‌تحرير الموقف من العلماء السابقين:

- ‌المطلب الثاني: عيوب التأليف:

- ‌بعض كتب المرحلة الابتدائية:

- ‌الاضطراب والاختلاط:

- ‌من اختلاط المسائل:

- ‌سير حركة التأليف في العلوم الإسلامية ونقد كتب التدريس:

- ‌المطلب الثالث: العلوم:

- ‌ملاحظات حول طلاب العلم:

- ‌الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم:

- ‌ الأسباب الاجتماعية:

- ‌ الأسباب المنهجية:

- ‌أحوال التأليف والتصنيف:

- ‌الدروس الأساسية للتعليم بجامع الزيتونة، وبيان طريقة المؤلف في نقد العلوم المقررة:

- ‌أ - من علوم المقاصد

- ‌1 - علم التفسير

- ‌كلمة عن المفسرين:

- ‌2 - علم الحديث

- ‌أسباب الأخلال في علم الحديث:

- ‌3 - علم الفقه

- ‌تأخر العلوم الفقهية وأسبابه:

- ‌4 - علم أصول الفقه

- ‌وضع علم أصول الفقه:

- ‌5 - علم الكلام

- ‌العقيدة الإسلامية ومدارس علم الكلام

- ‌ب - من علوم الوسائل

- ‌أسباب تدهور العلوم اللسانية

- ‌الأدب

- ‌علوم العربية: النحو والصرف

- ‌تأخّر علوم العربية وأسبابه

- ‌علم البلاغة

- ‌ج - العلوم المساعدة

- ‌العلوم الإنسانية

- ‌علم المنطق

- ‌علم التاريخ

- ‌العلوم الفلسفية والرياضية

- ‌العمل الإصلاحي للتعليم بالزيتونة

- ‌شروط القائمين على إصلاح التعليم

- ‌عودة الإمام الأكبر إلى مشيخة الجامع الأعظم

- ‌الخطاب المنهجي للإمام الأكبر

- ‌الجهود الإصلاحية

- ‌التعاون العلمي والعملي بين الزيتونة والخلدونية:

- ‌زرع المُعَوِّقات وإقامة العقبات في وجه الإصلاح:

- ‌القسم الخامسمؤلفات الإمام الأكبر

- ‌تمهيد:

- ‌مؤلفات شيخ الإسلام الإمام الأكبر:

- ‌ العلوم الشرعية

- ‌التحرير والتنوير

- ‌السيرة النبوية الشريفة:

- ‌مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل:

- ‌قصة المولد:

- ‌السُّنَّة:

- ‌تآليف الإمام الأكبر في السُّنة:

- ‌المطبوع من المقالات في السُّنة:

- ‌ومن المخطوط من المقالات:

- ‌البحوث في الحديث:

- ‌القسم الأول: من هذه البحوث وهي خمسة:

- ‌1 - درس في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌2 - ومن البحوث: من يجدّدُ لهذه الأمة أمر دينها

- ‌3 - تحقيق مسمى الحديث القدسي

- ‌4 - نشأة علم الحديث والتعريف بموطأ الإمام مالك:

- ‌5 - حديث: "شفاعتي لأهل الكبائِر من أُمتي

- ‌القسم الثاني: تنبيه على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة وفيه أربعة عشر حديثاً:

- ‌1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس

- ‌2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة

- ‌3 - مراجعة ونقد الإمام الأكبر لكتاب فتح الملك العلي بصحّة حديث: باب مدينة العلم علي، لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري:

- ‌4 - حديث أولية خلق النور المحمدي:

- ‌5 - الآثار المروية في مجيء المهدي:

- ‌تفصيل القول في طُرق الأحاديث:

- ‌كُتُب الإمام الأكبر في السّنة:

- ‌الكتاب الأول: كشف المغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطّا

- ‌أمثلة تحدِّد منهج الإمام مالك في الموطأ:

- ‌الكتاب الثاني: النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح

- ‌الأول: مقدمة كتاب التفسير في البخاري

- ‌الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الثالث: حديث حذيفة رضي الله عنه

- ‌الرابع: حديث أنس رضي الله عنه

- ‌الخامس: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين بمكة

- ‌السادس:

- ‌السابع: عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}

- ‌الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة رضي الله عنه

- ‌العاشر: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌أصول الفقه والفقه والفتاوى

- ‌جملة من موضوعات ما حرره الإمام من هذه المادة:

- ‌قائمة فيما حرره الإمام من مقالات مختلفة:

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌الفقه والفتاوى

- ‌1 - الموقوذة

- ‌2 - موقع الوقف من الشريعة الإسلامية

- ‌3 - الصاع النبوي

- ‌4 - زكاة الأموال

- ‌5 - حكم زكاة الأوراق النقدية

- ‌6 - زكاة الأنعام

- ‌7 - زكاة الحبوب والأموال

- ‌8 - الإرث

- ‌9 - مقال بعنوان لا صفَر

- ‌10 - شهرا رجب وشعبان

- ‌من فتاوى المجلة الزيتونية، وعددها ثمانية عشر:

- ‌تحليل بعض هذه الفتاوى، وبيان ما قارنها من مواقف وصفات:

- ‌1 - الفتوى الترنسفالية(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

- ‌2 - ثبوت دخول الشهر شرعاً، وتوحيد المواسم الدينية

- ‌الفتوى الأولى:

- ‌الفتوى الثانية:

- ‌توقيت فريضة الصوم:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌3 - حكم قراءة القرآن عند تشييع الجنازة وحول الميت وحول قبره عند دفنه

- ‌4 - إحرام المسافر إلى الحج في المركبة الجوية

- ‌5 - وجهُ تحريم وصل الشعر أو الباروكة

- ‌6 - تعدد الزوجات

- ‌7 - حكم التجنس أو فتوى التجنيس

- ‌8 - الإفطار في رمضان

- ‌علوم الوسائل: علوم اللغة والعربية والبلاغة والأدب

- ‌عيّنات من المادّة اللغوية:

- ‌1 - الملائكة

- ‌2 - المال

- ‌3 - السِّلْم

- ‌مسائل نحوية:

- ‌1 - اسم الإشارة: (ذلك)

- ‌2 - البدل وعطف البيان

- ‌3 - كاد: فعل مقاربة

- ‌أمثلة في الاشتقاق والبلاغة والاستعمال والأسلوب:

- ‌1 - الاسم

- ‌2 - العالَم

- ‌3 - الصراط

- ‌ثلاث ملاحظات:

- ‌1 - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌2 - المستقيم

- ‌3 - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}

- ‌من تآليف الإمام في اللغة:

- ‌1 - شرح الاقتضاب

- ‌2 - غرائب الاستعمال

- ‌3 - اللفظ المشترك

- ‌4 - أخطاء الكتاب في العربية

- ‌5 - تصحيح أخطاء وتحاريف في اللغة العربية في طبعة "جمهرة الأنساب" لابن حزم

- ‌6 - استعمال لفظ "كل" بمعنى الكثرة

- ‌ففي مجال علوم العربية:

- ‌وفي علوم البلاغة:

- ‌1 - أصول الإنشاء والخطابة

- ‌2 - موجز البلاغة

- ‌3 - الأمالي على دلائل الإعجاز للجرجاني

- ‌4 - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي

- ‌وفي الأسلوب مقالان:

- ‌1 - طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌2 - الجزالة

- ‌الآثار الأدبية:

- ‌قصيدة الأعشى الأكبر في مدح المحلّق

- ‌ديوان النابغة الذبياني

- ‌ديوان بشار

- ‌مع أبي الطيب في مكتبته

- ‌معجز أحمد واللامع العزيزي

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي لأبي القاسم وأبي محمد عبد الله الأصفهاني

- ‌البيت الخامس من الواضح

- ‌البيت السابع من الواضح

- ‌البيت الرابع عشر منه

- ‌عمل ابن عاشور في تحقيق الواضح

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن السراج

- ‌البيت الثامن والتسعون = الخامس عشر في الواضح

- ‌البيت الخامس عشر بعد الأربعمائة = الرابع والستون في الواضح

- ‌قلائد العقيان ومحاسن الأعيان لأبي نصر الفتح بن خاقان

- ‌نسخ القلائد المخطوطة التي اعتمدها المحقق في المراجعة: خمس:

- ‌فهارس من نسخ "قلائد العقيان" للفتح ابن خاقان المعتمدة لدى المحقق

- ‌التراجم الزائدة من نسخة مشهد

- ‌شرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي

- ‌ شعر أبي تمام واختياراته

- ‌الاختلاف بين مدرستي الألفاظ والمعاني:

- ‌عمود الشعر:

- ‌النقاد ومذاهبهم:

- ‌أصول النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌إصلاح الفرد:

- ‌إصلاح الجماعة:

- ‌الأُخوة الإسلامية:

- ‌إصلاح العمل:

- ‌نظام سياسة الأمة:

- ‌مكارم الأخلاق:

- ‌المواساة:

- ‌حديثه عن منهجه:

- ‌ الفطرة

- ‌السماحة:

- ‌الحرية:

- ‌الوازع:

- ‌الإسلام حقائق لا أوهام:

- ‌ الحقائق

- ‌الاعتبارات:

- ‌الوهميات:

- ‌التخيّلات:

- ‌متعلقات الأعمال:

- ‌المساواة:

- ‌ حكومة الأمة

- ‌أبرز مقاصد الشريعة المعتمد عليها في إقامة أصول النظام الاجتماعي في الإسلام:

الفصل: ‌4 - الأمير شكيب أرسلان

‌4 - الأمير شكيب أرسلان

هو الأمير شكيب بن الأمير حمود أرسلان، رفيق جمال الدين بمصر والقسطنطينية، وتلميذ محمد عبده ببيروت، وصديق رشيد رضا بمصر وجنيف 1286/ 1879 - 1366/ 1946 فهو لبناني. مولده بالشويفات، وتعلّم بمدرسة الحكمة ثم بالمدرسة السلطانية مع انتساب إلى محمد عبده، وتخرّج به في دروسه ومجالسه الخاصة. ولما بلغ أشدّه واستقبل الحياة كان لنشاطه وجهان: أحدهما إداري ثقافي، والثاني فكري جهادي. أما الأول فتقلُّبه في عديد من الوظائف في بلاده. فمن مدير للشويفات، وقائم مقام الشوف، إلى عضو نائب عن حوران بمجلس المبعوثان (البرلمان العثماني)، ومن شاعر وكاتب وأديب إلى عضو بالمجمع العلمي العربي بدمشق.

وأما الثاني فعمله الفكري الإصلاحي والجهادي، الذي قضى فيه طوال عمره، يُعنى في الدرجة الأولى بالمسائل السياسية كالمسألة الشرقية، والمسألة الإسلامية، والمسألة العربية. فلمع اسمه، وذاعت مقالاته وانتشرت كتبه. وكان له في كل منتدى أثر، وفي كل بلد عربي أو إسلامي وقع، بحكم دفاعه عن القضايا المقدسة، وبذله الجهد في الرد على القوى الاستعمارية وكشفه للمخططات الغربية، ومناداته بالتعبئة الكاملة لمواجهة التحدّيات واسترجاع العزة والكرامة وتحرير الأوطان.

ص: 90

عرف هذا عنه في كل بلد نزل به أو أرض وطئتها قدماه. وكان لكثير تنقُّله في البلاد بين لبنان ومصر، والقسطنطينية وطرابلس الغرب، وبلاد اليمن والمغرب، والبلاد الأوروبية وخاصة جنيف بسويسرة، مظهر بارز لنشاطاته، وسبب أكيد للإعلان عن مواقفه وآرائه. وقد نجد تفصيل ذلك كله في جملة من الدراسات والكتب التي نذكر في طليعتها محاضرات سامي الدهان عن الأمير شكيب التي ألقاها في معهد الدراسات العربية العالية في جامعة الدول العربية 1958، وكتاب أحمد الشرباصي أمير البيان شكيب أرسلان الذي أصدره 1963، وذكرى الأمير شكيب تصنيف محمد علي طاهر 1947 الذي يضم أكبر مجموعة من أقوال الأمير التي يتحدث بها الناس بعد وفاته، وخاصة أصدقاؤه وأصحاب الصلة به ممن جرى على قدمه أو أراد التعريف به.

هذا، وقد ارتسمت كل هذه الجهود وما أعربت عنه من اتجاهات فكرية، إصلاحية أو سياسية، في النوعين من إنتاجه واللونين من نشاطه. نلمس ذلك أولاً في ديوان شعره 1887، وفي الدرة اليتيمة لابن المقفع 1893، وفي رواية آخر بني سراج 1897، وفي رسائل أبي إسحاق الصابي 1898، وفي الحلل السندسية في الرحلة الأندلسية.

وثانياً في كتبه ومقالاته وتعليقاته واستدراكاته، مثل لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرُهم، وغزوات العرب في فرنسة وإيطالية وسويسرة، وكتاب ابن خلدون، وتمثّل الموسوعةَ أو المعلمة الإسلامية تعليقاتُه الضافية على حاضر العالم الاسلامي للمؤرخ الأمريكي لوثروب ستودارد. وهي التي ترجم فيها للعشرات من الرجال من ملوك وأمراء وقادة ومصلحين ومجاهدين وعلماء وأدباء

ص: 91

في العالمين الإسلاميين الآسيوي والإفريقي. وحديثه عن العالم الإسلامي أجزائه وأقطاره، أحواله ومذاهبه، وعن الجامعة الإسلامية التي آمن بها نظراً وفكراً، ودراستُه للمذاهب والمدارس الصوفية التي كانت مدارس تهذيب ونَشْرٍ للإسلام في البلاد النائية وخاصة في إفريقيا، وحديثُه عن الشرق والغرب، وعن اليقظة الإسلامية، وغير ذلك من القضايا الشائكة، والموضوعات الهامة التي وإن لم تتسع لها أحياناً تعاليقه على حاضر العالم الإسلامي، فإننا نجدها في المنار التي ظلَّ ينشر على صفحاتها طوال سبعة أشهر من سنة 1922، مثل مقالاته في الكشف والبيان حول مآسي الحرب الكونية.

كان شكيب أرسلان يتابع الأحداث ويتدبّر ما تفرزه من قضايا ومشاكل. فموقفه من الأتراك الذين انقسموا فئتين: واحدة وقفت إلى جانب الاتحاديين العثمانيين مع ألمانية، والأخرى مجافية ومعادية لها، ابتعدت عنها ودعت إلى تأسيس دولة غربية مستقلة، يدل على تقديره للظروف وعمق نظره في تطورات الوضع، وحكمه على الاتجاهين بالخيبة التي باءا بها حين استشرى الداء واقتسم الإنجليز والفرنسيس الأقطار أو الإيالات التي كانت تابعة للدولة العثمانية، وفرضتا عليها باحتلالها ألواناً من الاستعمار السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وهو من الدعاة العمليين النشيطين للجامعة الإسلامية، مَثَلُه في ذلك مَثَل صديقه محمد رشيد رضا.

ولئن كان وَضْع العرب سيئاً بسبب فقدانهم أسباب التقدّم، التي كانت ظاهرة مميّزة لهم، وتلطُّخِهم بالرذائل الأخلاقية التي تقصيهم عن حقائق الإسلام وأسرار تشريعاته، وبتنكرِهم للتربية الأخلاقية التي جاء بها الدين، ثم باستخذائهم وشعورِهم بالغلبة والقهر، وعدمِ القدرة على التجديد والبناء والعمران. فإنهم كانوا يحتاجون في نظره

ص: 92

إلى تغيير واقعهم بالأخذ بالتربية والتعليم، والتطلع إلى معالجة جملة من الجوانب؛ منها الديني العقدي، والتربوي الأخلاقي، ومنها الأوضاع السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية للعالم الإسلامي. وهكذا نجد الأمير شكيب يلخّص آراءه وجملة أصول دعوته في نقاط لا بد من الوقوف عندها والتأمل فيها؛ وهي تلك التي أودعها تقديمه لكتاب حاضر العالم الإسلامي الذي نسب إليه حيث غلب الفرع أصله وتقدّم به المعلِّق على واضعه.

فهو يصور أولاً المجتمع الإسلامي بالوضع الذي تردّى فيه بسبب الحملة الصليبية وما تبعها من عداء جنسي عرقي، وتكالب استعماري، قائلاً:"فالعالم الإسلامي الذي لا يزال محورَ سياستهم قهرهُ وإعناته، وتجريدُه من السلاح بكل وسيلة، والحيلولةُ بينه وبين الاتحاد والتماسك بكل حيلة، احتياطاً من وراء رسفانه في قيوده الحاضرة، وأماناً على ديمومة خنوعه لسلطتهم القاهرة، لا يصح أن يُقال إنه بلغ من النهضة الدرجة التي تكفل له حطم سلاسله المثقلة، واسترداد ممالكه العريضة الطويلة، واستئناف معاليه الخالية، ومصيره مع العالم الأوروبي إلى حالة متساوية"(1).

ثم يؤكد ذلك بذكر نتائج هذا الوضع القائمة إلى اليوم في أطراف العالم الإسلامي، فيدعو إلى التغيير بالعمل الجاد، والتصدّي للأعداء، والثبات على الحق:

"نعم صار المسلمون، إلا الأقل منهم، إلى زمان لا تغني عنهم كثرتهم شيئاً، بل صارت الفئة القليلة من غيرهم تتحكم في الفئة الكثيرة منهم

وراح الأجنبي يفتح بلدانهم بهم، ويسلط بعضهم

(1) حاضر العالم الإسلامي: مقدمة ط (1): ز - ح.

ص: 93

على بعض، ويقتل هذا بذاك مستفيداً من قتل الاثنين

وإذا سألت أحدهم: لماذا إعطاء هذه المقادة كلها، واقتحام الموت في سبيل الأجنبي الذي تَغَلَّبَ عليه؟ أجابك أنه إنما يساق إلى الموت رغماً. والحال أن الموت الذي يخشاه في عصيان الأجنبي هو ملاقيه في طاعته! فهو من خوف الموت في موت، ومن حذر العذاب في أشد العذاب. فلا بد لاستقلال الإسلام من زوال هذه الأوهام، ولا بدّ من انتشار المعارف التي لا تجتمع مع الذل في مكان. ولا تبرح دون تلك الغاية مصاعبُ وقُحم، ومصائبُ وغُمم، وليالٍ مظلمة طوال، ومعارك تشيب لها ذوائب الأطفال" (1).

وبروح المجاهد المؤمن يرد على مكائد المثبّطين الداعين إلى اليأس والقنوط والرضا بالدون، فينفي مقالاتهم ويبطل دعاويهم:"ومِن أعظمِ الخطأ الظن بأن الشرق لا يلمّ على شعث، وأن آسية وإفريقية لن تنهضا من عثار، وهما ثلثا العالم. ولقد سار الشرق في مدة وجيزة عقبات جياداً، واجتاز أزمات شداداً، وهو ماضٍ في سيره إلى الأمام. لا سبيل بعد اليوم إلى تعويقه، ولا حاجز يمكن أن يقف في طريقه، بدسائس تُلْقَى، ومبالغ سرية تُنفق، وأخلاق تُفسد، وذمم تُشترى، وأشراك تُبَث، وأسياف تُسَل. ولا المحلّقات في الجو تقدر على كم الأفواه، ولا الغازات السامة تقوى على إطفاء نور الله. ولا تزيد هذه الوسائل تلك الأمم المستضعفة إلا شوقاً إلى الحرية، ونداء إلى الثارات، وإصراراً على الضغائن. ومهما يكن من حيل العباد فللكون سَنن هو سائره، ولله أمر هو بالغه"(2).

(1) حاضر العالم الإسلامي: مقدمة ط (1): أ. ح.

(2)

المصدر السابق: مقدمة ط (1): ط.

ص: 94

وفي نهاية تلك المقدمة يقرر الأمير شكيب أن نهوض الشرق هو الشرط الأول في سؤدد السلام، وراحة الأنام، وحقن الدماء الحرام، وحفظ موازنة العالم واستواء الأقسام. ويلتفت إلى المستضعفين داعياً إلى أسباب النهضة وموجبات القوة والمنعة قائلاً: "فلا مندوحة للأمم الشرقية عن الاقتداء باليابان في التماس المنعة، ومضارعة الدول الغربية في ارتياد العلم واقتباس الصنعة، حتى إذا قرع النبع بالنبع، ووقع النصل على النصل اقتنع كلٌّ بدياره، وأمسك الجار عن هضم جاره

فليحرص الشرقيون من كل فريق أن يكونوا أُولي قوة مانعة، وأن يوحّدوا كلمتهم فيجعلوها كلمة جامعة. فإنّ بقوتهم خلاصَ الغرب والشرق، والإدالة من الحرب إلى السلم، ومن الباطل للحق، بفضل الله وكرمه" (1).

* * *

(1) حاضر العالم الإسلامي: مقدمة ط (1): ك.

ص: 95