الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعراب لا نصب حذف. وبمقابلة الرأيين في هذه الصيغة يخلص الشيخ من المقارنة بينهما إلى القول بأن الكتابة لا تتعلق بها الرواية. فلعل الذين كتبوه بالميم هم الذين ظنوه مقصوراً، على أن قياسها الكتابة بالألف مطلقاً لأنه واوي إلا إذا أريد عدم التباس الألف بألف النصب.
وبعد تقرير مذهب البصريين وبيان رأيهم في اشتقاق كلمة (اسم)، ذكر أن الكوفيين يجعلون أصل الكلمة (وسَم) لأنه من السِّمة وهي العلامة. حذفت الواو، وعوض عنها بهمزة الوصل ليبقى اللفظ على ثلاثة أحرف. وهذا بخلاف ما جرى عليه الجمهور من أن همزة الوصل لم يعهد دخولها على ما حذف صدره. وكان القول الفصل بين المذهبين قول الإمام الأكبر: رأي البصريين أرجح من ناحية تصاريف هذا اللفظ. ورأي الكوفيين أرجح من جانب الاشتقاق دون التصريف. وبعد التذكير بجملة من القواعد كالتي يعرف بها الزائد من الحروف من الأصلي، يذكر رأي ابن حزم المخالف لما عليه البصريون والكوفيون جميعاً، إذ يدَّعي أن كلا القولين استعمله النحاة، ولم يصح عن العرب، وأن لفظ اسم غير مشتق بل هو جامد (1).
* * *
2 - العالَم
بدأ الإمام ببيان قول الله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} قائلاً: إن (العالمين) جمع عالَم. وحكى أنه لم يجمع فاعل هذا الجمع إلا في لفظين (عالَم)(وياسَم) اسم للزهر المعروف بالياسمين. ورد جمعه على ياسمون وياسمين. قال الأعشى:
وقابَلَنا الجُلُّ والياسَمُـ
…
ـونُ والمُسْمِعاتُ وقصَّابُها
(1) محمد الطاهر ابن عاشور. التحرير والتنوير: 1/ 1، 147 - 149.
وعرف بأنه الجنس من أجناس الموجودات. وقال في تحديد وزنه: إنه على وزن فاعَل مشتقاً من العلم أو العلامة، لأن كل جنس له تميّز عن غيره فهو له علامة، أو هو سبب العلم به فلا يختلط بغيره. وهذا البناء مختص بالدلالة على الآلة غالباً كخاتَم وقالَب وطابع. وقالوا: مِنَ العوالم لكونها كالآلة للعلم بالصانع أو العلم بالحقائق. فبنوا اسم جنس الحوادث على وزن فاعَل، وأبدَعوا إذ جمعوه جمع العقلاء مع أن فيه ما ليس بعاقل تغليباً للعاقل.
وبإثر ما ساقه من التعريف استشهد بقول التفتازاني في شرح الكشاف ليزداد الناس إدراكاً وتصوّراً لمدلول هذه الصيغة لغوياً فقال: العالم اسم لذوي العلم ولكل جنس يعلم به الخالق. يقال: عالم الملك، وعالم الإنسان، وعالم النبات. وليس هو اسماً لمجموع ما سواه تعالى. وهذا هو تحقيق اللغة. فإنه لا يوجد في كلام العرب إطلاق عالَم على مجموع ما سوى الله تعالى، وإنما أطلقه على هذا علماء الكلام اصطلاحاً لهم، فقالوا: العالم حادث.
ومن يتأمّل كلمة عالَم مقترنة بأل يدرك أن التعريف فيها للاستغراق. فإنه إذا لم يكن عهدٌ خارجي، ولم يكن معنى للحمل على الحقيقة، ولا على المعهود الذهني، تمحّض التعريف للاستغراق لجميع الأفراد دفعاً للتحكّم. فاستغراقه استغراق الأجناس الصادق هو عليها لا محالة. لذلك قال الزمخشري:"ليشمل كل جنس مما سُمّي به".
وقرر ابن عاشور، تكملة للمراد من العالمين، بأن استغراق الأجناس يستلزم استغراق أفرادها استلزاماً واضحاً، إذ الأجناس لا تقصد لذاتها، لا سيما في مقام الحكم بالمربوبية عليها، فإنه لا معنى لمربوبية الحقائق.
ثم ينتقل، بعد التعريف لكلمة (العالم)، والحديث عن أل