الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج- على مستوى العلاقات الدولية:
إن وظيفة القيم الأخلاقية- كما حددها القرآن الكريم وكما جاءت بها السنة المطهرة- قد تتجاوز في أحيان كثيرة الفرد والمجتمع إلى إطار أرحب وأوسع، ألا وهو مجال العلاقات الدولية في وقتي السلم والحرب على السواء، ويتضح ذلك من تأمل ما يلي:
أولا: في حالة السلم:
1-
الاهتمام بالسلام العام، يقول الله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (التوبة/ 128) .
2-
مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، يقول الله تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت/ 46) .
3-
عدم إكراه أحد على الدخول في الدين، يقول الله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (البقرة 256)، ويقول سبحانه: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (الغاشية 21/ 22) .
4-
عدم إثارة الأحقاد أو الكراهية، يقول الله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ
…
يَعْمَلُونَ (الأنعام/ 108) .
5-
ترك الاستبداد والإفساد في الأرض، يقول سبحانه وتعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (القصص/ 83) .
6-
الحفاظ على أمن المحايدين، يقول الله تعالى: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (النساء/ 90) .
7-
حسن الجوار وإقامة العلاقات الدولية على أساس من العدالة والبر يقول سبحانه: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
…
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* (الممتحنة/ 8) .
ثانيا: في حالة الحرب أو الخصومة:
يتجلى دور القيم الإسلامية في هذه الحالة في النقاط الآتية:
1-
ترك المبادرة بالشر أو العدوان، يقول الله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
…
أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ* (المائدة/ 2) .
2-
النهي عن القتال في الأشهر الحرم أو الأماكن المحرمة، يقول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً
…
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (التوبة/ 36)، ويقول سبحانه: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ (البقرة/ 191) .
وهذه القواعد الأخلاقية المتعلقة بتحريم القتال في أزمنة معينة وأماكن معينة لا تزال تشكل أساسا متينا في العلاقات الدولية إذ يجب على الأطراف المتحاربة تجنب القتال في أوقات الهدنة المتفق عليها سلفا من الأطراف قياسا على حرمة القتال في الأشهر الحرم التي كانت بمثابة هدنة أقرها العرب قبل الإسلام في هذه الأشهر، ثم أقرهم الإسلام على ذلك،. كما أنه يجب تجنيب دور العبادة والتعليم وما أشبهها من ويلات الحروب وآثارها المدمرة.
3-
عدم التعرض للمدنيين وقتال المقاتلة وحدهم، يقول الله تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (البقرة/ 190) .
4-
الوفاء بالمعاهدات المبرمة بين أطراف النزاع، يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (المائدة/ 1) .
5-
الوفاء بجميع الالتزامات قبل الطرف الآخر حتى ولو كانت غير مواتية، يقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ
…
تَخْتَلِفُونَ* (النحل 91/ 92) .
6-
مراعاة الأخوة الإنسانية باعتبارها رباطا مقدسا يسمو على الأجناس والأنواع يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ
…
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء/ 1) .
7-
وأخيرا يدعو القرآن الكريم المحاربين من المسلمين إلى التحلى بالصبر كما يدعوهم إلى الوحدة والثبات وعدم الخوف من ملاقاة الأعداء مهما كثروا «1» يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (آل عمران/ 200)، ويقول جل من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (الأنفال/ 45- 46) .
(1) بتصرف واختصار من دستور الأخلاق في القرآن الكريم 753- 760.