الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة:
وخلال إقامته في مكة المكرمة بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على رأس سرية كبيرة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من بني سليم بلغ عددهم ثلاثمائة وخمسين رجلا فيهم عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر إلى بني جذيمة «1» ، وذلك في شوال سنة ثمان من الهجرة، داعيا لهم إلى الإسلام «2» ، فلما وصلت السرية وعرض خالد عليهم الإسلام لم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فقتل منهم وأسر، ثم دفع بعد ذلك إلى كل رجل من السرية أسيرا، ثم أمرهم ذات يوم بقتل أسراهم فأبى ذلك جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر حيث قال:«والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره» ، وجرت ملاحاة بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد بسبب ذلك حتى كاد أن يقع بينهما شر «3» فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بما جرى وما فعل خالد، رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال:«اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد» ، كررها مرتين «4» كما أنكر صلى الله عليه وسلم على خالد ما فعله من شتم عبد الرحمن بن عوف وقال:«لا تسبّوا أحدا من أصحابي، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» «5» .
وبعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب- رضي الله عنه إلى بني جذيمة لإصلاح ما أحدثه خالد في تأوله الأمر واجتهاده الخاطيء فيها «6» ، فودى لهم قتلاهم وزادهم فيها تطييبا لنفوسهم وبراءة من دمائهم «7» .
(1) وكانوا يقيمون في يلملم، قال ابن سعد إنهم بأسفل مكة على ليلة منها ناحية يلملم (الطبقات 2/ 147) ، وذكر أن «يلملم» جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث، وقيل هو واد، ويمكن الجمع بينهما فيكون جبل يشرف على واد، انظر ياقوت- معجم البلدان 8/ 514. وبلادهم تبعد ثمانين كيلا إلى الجنوب من مكة.
(2)
البخاري- الصحيح 5/ 131، ابن كثير- التفسير 4/ 306.
(3)
البخاري- الصحيح 5/ 131، وعن تفصيلات حول الملاحاة وأسبابها، انظر مسلم- الصحيح 4/ 1967- 1968 (حديث رقم 2541) .
(4)
البخاري- الصحيح 5/ 131 (حديث 4339)، أحمد- الفتح الرباني 21/ 166- 167 بإسناد ولفظ البخاري وأوردت المصادر المختصة بالسيرة قول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض رجال السرية الذين اشتركوا في قتل أحد فتيان بني جذيمة بعد أن سمع قصته مع قاتليه والفتاة التي كان يحبها فماتت كمدا عليه قال:«أما كان فيكم رجل رحيم» ، أوردها النسائي بإسناده إلى ابن عباس وكذلك من حديث ابن عيينه (البيهقي- دلائل النبوة 5/ 116- 118) ، وكلاهما بإسناد صحيح كما ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه الحديث (4339) ، وابن حبّان في صحيحه (موارد الظمآن ص/ 159- 160، الأحاديث 6696- 6697) وانظر مجمع الزوائد 6/ 210.
(5)
مسلم- الصحيح 4/ 1967- 8 (حديث 2541) .
(6)
لا شك في أنه كان اجتهادا من خالد بن الوليد- رضي الله عنه أخطأ فيه، ولذلك لم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم، انظر في ذلك كلام الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث (3439) في فتح الباري 8/ 57.
(7)
ابن إسحاق (ابن هشام- السيرة 2/ 430) بإسناد منقطع، فهو من مراسيل محمد الباقر الذي ولد بعد عام 40 هـ (ابن حجر- التهذيب 90/ 351) ، وفي سنده حكيم بن حكيم وفيه كلام- وانظر ابن سعد- الطبقات 2/ 147- 8 معلّقا مختصرا.