الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطونهم يؤجرون عليها وكان من قبلهم إذا تصدّق بصدقة فقبلت منه بعث الله نارا فأكلتها وإن ردّت عليه تركت فتأكلها السّباع والطّير وإنّ الله أخذ صدقاتهم من غنيّهم لفقيرهم، قال: ربّ فاجعلهم أمّتي، قال: تلك أمّة أحمد.
قال: ربّ إنّي أجد في الألواح أمّة إذا همّ أحدهم بحسنة ثمّ لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة، ربّ اجعلهم أمّتي، قال: تلك أمّة أحمد، قال: ربّ إنّي أجد في الألواح أمّة هم المشفوعون والمشفوع لهم فاجعلهم أمّتي، قال: تلك أمّة أحمد. قال قتادة فذكر لنا أنّ نبيّ الله موسى نبذ الألواح وقال: اللهمّ اجعلني من أمّة أحمد» «1» .
- وعن الرّبيع بن خثيم- رحمه الله؛ قال: «لم تكن أمّة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمّة فمن ثمّ قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ «2» » «3» .
حل الغنائم:
كانت الأمم فيمن قبلنا على ضربين «4» فمنهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم غنائم، ومنهم من أذن له فيه فكانوا يغزون ويجاهدون ويأخذون أموال أعدائهم وأسلابهم، لكن لا يتصرّفون فيها بل يجمعونها، وعلامة قبول غزوهم ذلك أن تنزل النّار من السّماء فتأكلها، وعلامة عدم قبوله أن لا تنزل، ومن أسباب عدم القبول أن يقع فيهم الغلول، وقد منّ الله تعالى على هذه الأمّة ورحمها وجبر عجزها وضعفها لشرف نبيّها عنده، فأحلّ لهم الغنائم وستر عليهم الغلول، فطوى عنهم فضيحة أمر عدم القبول، فلله الحمد على نعمه تترى وآلائه لا تحصى.
- قال الله تعالى: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ* فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «5» .
قال جمهور المفسّرين: إنّ المراد في قوله تعالى لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ: يعني في أمّ الكتاب الأوّل، إنّ الغنائم حلال لهذه الأمّة «6» .
وهذه جملة من الأحاديث النّبويّة تنصّ على هذه الخصوصيّة:
- عن جابر- رضي الله عنه؛ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي؛ نصرت بالرّعب
(1) الأثر أخرجه ابن جرير في التفسير (9/ 45) ، وأورده ابن كثير في تفسيره (2/ 259) .
(2)
السورة آل عمران: آية (110) .
(3)
لأثر رواه ابن جرير في التفسير (4/ 30)، قال السيوطي في الخصائص: أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب. انظر الخصائص (2/ 362) .
(4)
هذا التقسيم قاله الإمام الخطابي. انظر فتح الباري (1/ 522) .
(5)
سورة الأنفال: آية رقم (68، 69) .
(6)
انظر تفسير ابن جرير (10/ 32، 33) ، وتفسير ابن كثير (2/ 339) .
مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيّما رجل من أمّتي أدركته الصّلاة فليصلّ، وأحلّت لي المغانم، ولم تحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشّفاعة، وكان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّة، وبعثت إلى النّاس عامّة» «1» .
- عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غزا نبيّ من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع «2» امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولمّا يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا، ولمّا يرفع سقفها. ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات «3» ، وهو منتظر ولادها «4» : قال: فغزا. فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشّمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهمّ احبسها عليّ شيئا «5» ، فحبست عليه حتّى فتح الله عليه. قال: فجمعوا ما غنموا. فأقبلت النّار «6» لتأكله. فأبت أن تطعمه. فقال: فيكم غلول. فليبايعني من كلّ قبيلة رجل. فبايعوه. فلصقت يد رجل بيده. فقال: فيكم الغلول. فلتبايعني قبيلتك. فبايعته. قال: فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة. فقال: فيكم الغلول. أنتم غللتم. قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة «7» من ذهب. قال: فوضعوه في المال وهو بالصّعيد «8» . فأقبلت النّار فأكلته. فلم تحلّ الغنائم لأحد من قبلنا. ذلك بأنّ الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا «9» ، فطيّبها «10» لنا» «11» .
- عن أبي هريرة- رضي الله عنه؛ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لم تحلّ الغنائم لأحد سود «12» الرّءوس من قبلكم، كانت تنزل نار من السّماء فتأكلها، قال سليمان الأعمش «13» : فمن يقول هذا إلّا أبو هريرة الآن، فلمّا كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل أن تحلّ لهم، فأنزل الله تعالى: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «14» .1» .
- عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك- قام من اللّيل يصلّي
(1) رواه البخاري واللفظ له. انظر فتح الباري 1 (335) ورواه مسلم برقم (521) .
(2)
بضع بضم الباء: هو فرج المرأة. أي ملك فرجها بالنكاح.
(3)
خلفات: جمع خلفة ككلمة وكلمات. وهي الحامل من الإبل.
(4)
ولادها: أي نتاجها. وقال النووي: وفي هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تفوض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها. ولا تفوض إلى متعلق القلب بغيرها. لأن ذلك يضعف عزمه، ويفوت كمال بذله وسعيه.
(5)
اللهم احبسها: قال القاضي: اختلف في حبس الشمس المذكور هنا. فقيل: ردت على أدراجها. وقيل: وقفت ولم ترد. وقيل أبطيء بحركتها.
(6)
فأقبلت النار: أي من جانب السماء لتأكله، كما هو السنة في الأمم الماضية، لغنائمهم وقرابينهم المتقبلة.
(7)
فأخرجو له مثل رأس بقرة: أي كقدره أو كصورته من ذهب كانوا غلوه أو أخفوه.
(8)
بالصعيد: يعني وجه الأرض.
(9)
قوله «
…
رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا» : كما في رواية البخاري قال الحافظ ابن حجر: «
…
وفيه اختصاص هذه الأمة بحل الغنيمة. وكان ابتداء ذلك من غزوة بدر
…
» . انظر فتح الباري (6/ 258) .
(10)
فطيبها: أي جعلها لنا حلالا بحتا، ورفع عنا محقها بالنار تكرمة لنا.
(11)
رواه البخاري. انظر الفتح (6/ 3124) ، ورواه مسلم برقم (1747) . واللفظ له.
(12)
سود الرءوس: المراد بهم بنو آدم لأن رءوسهم سود.
(13)
سليمان الأعمش: أحد رواة الحديث وهو أحد الأئمة الحفاظ.
(14)
سورة الأنفال: آية رقم (68) .
(15)
رواه الترمذي برقم (3085) وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 252) وصححه كذلك الألباني. انظر صحيح الجامع برقم (5072) .