الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما؛ قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل «1» نجد. فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه «2» . فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة. فعلّق سيفه بغصن من أغصانها. قال:
وتفرّق النّاس في الوادي يستظلّون بالشّجر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السّيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلّا والسّيف صلتا «3» في يده. فقال لي: من يمنعك منّي؟ قال: قلت:
الله. ثمّ قال في الثّانية من يمنعك منّي؟ قال قلت: الله. قال فشام السّيف «4» فها هو ذا جالس. ثمّ لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» .
إجابة دعائه صلوات الله وسلامه عليه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفه ربّه عز وجل: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «6» فكان ينظر إلى أصحابه نظرة الرّحمة والشّفقة فكلّما ألمّ بأصحابه مكروه من عاهة أو مرض أو تفكير في أمر يشغل بالهم أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدّعاء لهم للتّخفيف عنهم ولكي ينالوا بركة دعوته صلى الله عليه وسلم فيحصل لهم ما يريدون من دفع شرّ وجلب خير دنيويّ أو أخرويّ أو هما معا. أمّا بالنّسبة للكفّار والمشركين والمعاندين فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عليهم حيث تشتدّ شوكتهم ويكثر أذاهم وتارة كان يدعو لهم حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تآلفهم.
وإذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس أو دعا عليهم فإنّك تجد ما دعا به قد تحقّق قطعا.
وكثرة الحوادث في هذا الباب تجعل الإنسان على يقين كامل أنّ محمّدا رسول الله وأنّ الله تعالى يؤيّده ويسدّده ويستجيب دعاءه. وإجابة دعوة النّبيّ صلى الله عليه وسلم لجماعة بما دعا لهم أو عليهم متواتر على الجملة معلوم بالضّرورة «7» .
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم من الدّعوات المستجابات ما لا يحصى كثرة ممّا حفلت به مصنّفات الحديث ومدوّنات السّيرة.
وهذه نخبة مختارة من هذه الدّعوات على سبيل الإشارة:
(1) قبل نجد: أي ناحية نجد. في غزوته الى غطفان. وهي غزوته ذي أمر، موضع من ديار غطفان.
(2)
العضاه: هي كل شجرة ذات شوك.
(3)
صلتا: بفتح الصاد وضمها. أي مسلولا.
(4)
فشام السيف: معناه غمده ورده في غمده.
(5)
رواه البخاري. انظر الفتح 6 (2910) ومسلم برقم (843) .
(6)
سورة التوبة: آية (128) .
(7)
انظر" الشفا" للقاضي عياض (1/ 625) .