الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النّوع الثّاني ما أبيح له دون غيره
1- الوصال في الصّوم:
بعث الله- تبارك وتعالى رسوله محمّدا صلى الله عليه وسلم وسكب في قلبه من العلم والحلم وفي خلقه من الإيناس والبرّ وفي طبعه من السّهولة والرّفق وفي يده من السّخاوة والنّدى ما جعله أزكى عباد الله رحمة وأوسعهم عاطفة وأرحبهم صدرا.
قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «1» .
وقال تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «2» .
فجاءت شريعته مبنيّة على التّيسير والسّهولة والتّخفيف والرّحمة ورفع الحرج والآصار والأغلال ما يلائم اختلاف الأجيال وحاجات العصور وشتّى البقاع.
فمن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم أمّته عن مواصلة صوم يومين فصاعدا من غير أكل أو شرب بينهما لما في ذلك من المشقّة وحصول المفسدة المترتّبة على الوصال وهي الملل من العبادة والتّعرّض للتّقصير في بعض وظائف الدّين.
بينما كان ذلك مباحا له صلى الله عليه وسلم خصوصيّة له دون أمّته.
- فعن أنس- رضي الله عنه؛ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تواصلوا» . قالوا: إنّك تواصل. قال: «لست كأحد منكم إنّي أطعم وأسقى» «3» .
- وعن عائشة- رضي الله عنها؛ قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم. فقالوا: إنّك تواصل.
قال: «إنّي لست كهيئتكم، إنّي يطعمني ربّي «4» ويسقين» «5» .
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله: واستدلّ بمجموع هذه الأحاديث على أنّ الوصال من خصائصه صلى الله عليه وسلم. وعلى أنّ غيره ممنوع منه إلّا ما وقع فيه التّرخيص من الإذن فيه إلى السّحر» «6» .
(1) سورة الأنبياء: آية (107) .
(2)
سورة التوبة: آية (128) .
(3)
رواه البخاري- انظر الفتح 4 (1961) . ومسلم برقم (1102) بمعناه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(4)
يطعمني ربي ويسقين: قال النووي رحمه الله: معناه يجعل الله تعالى فيّ قوة الطاعم الشارب، وقيل هو على ظاهره وأنه يطعم من طعام الجنة كرامة له، والصحيح الأول لأنه لو أكل حقيقة لم يكن مواصلا. انظر شرح النووي على صحيح مسلم (7/ 212، 213) .
(5)
رواه البخاري- انظر الفتح 4 (1964) . ومسلم (1105) .
(6)
انظر فتح الباري (4/ 240) .