الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي تبوك وصلت النبي صلى الله عليه وسلم هدية من ملك أيلة في أرض فلسطين وهي بغلة بيضاء، وكساء من البرد، وقد صالح على دفع الجزية للمسلمين» .
وأورد الإمام أحمد «2» مرويات تشير إلى حصول مراسلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وهو في تبوك- وبين هرقل ملك الروم، وأن الأخير أرسل رسولا من قبيلة تنوخ العربية ليتعرف له على بعض علامات النبوة عند النبي صلى الله عليه وسلم «3» .
في طريق العودة إلى المدينة:
مر المسلمون في طريق عودتهم من تبوك بالحجر وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المسلمين عن دخول مساكن ثمود خشية أن يصيبهم ما أصابهم، «إلّا أن تكونوا باكين» ، وأنه قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي «4» ، كما وردت رواية حسنة، ورد فيها أنه نهى الجيش عن شرب ماء الحجر أو الوضوء منه أو أن يعلفوا إبلهم بما عجنوه بماء بئر الحجر «5» . وحين اشتكى المسلمون ما أصاب إبلهم من التعب والجهد دعا الله سبحانه وتعالى قائلا:«اللهمّ احمل عليها في سبيلك إنّك تحمل على القويّ والضّعيف، وعلى الرطب واليابس، في البرّ والبحر» .
وإن الله تعالى- جل شأنه- استجاب لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فنشطت الإبل حتى وصلت بهم المدينة دون أن يشتكي أحد منها «6» .
وحاول جماعة من المنافقين المشاركين في الجيش وهم ملثمون حتى لا يعرفوا أن ينفروا دابة النبي صلى الله عليه وسلم لتطرحه من رأس عقبة في الطريق مع عتمة الليل، فعلم بمؤامرتهم وفطن لهم وأمر بإبعادهم بعد أن عصمه الله
(1) البخاري- الصحيح 6/ 77 (كتاب الجزية- الحديث 3161) ، مسلم- الصحيح 7/ 61 (كتاب الفضائل) ، وذكر ابن إسحاق أن أهل جرباء وأذرح قد أعطوا الجزية أيضا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابا فهو عندهم (ابن هشام- السيرة 3/ 525) معلقا، ونقل ابن هشام في سيرته كذلك نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ل «يوحنا بن رؤية» صاحب أيلة:(3/ 525) .
(2)
أحمد- المسند 1/ 203، 3/ 442، 4/ 74، 5/ 292، بإسناد فيه سعيد بن أبي راشد وهو مقبول وقد تفرد به. وقال ابن كثير عن ذلك: هذا حديث غريب، وإسناده لا بأس به، تفرد به الإمام أحمد. (البداية والنهاية 5/ 19) .
(3)
كان دحية الكلبي قد حمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل في أول السنة السابعة من الهجرة، فإذا صح هذا الخبر، فإن إرسال دحية الكلبي يكون للمرة الثانية، وقد أورد الإمام أحمد تفصيلات عن وصول الرجل التنوخي إلى تبوك وأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه الإسلام فامتنع بحجة أنه مكلف برسالة هرقل، ونقل التنوخي عن النبي ذكره لكتبه التي أرسلها إلى الملوك وكيف رد النبي صلى الله عليه وسلم على سؤال هرقل عن رسالته قال:«تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين النار؟، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله أين اللّيل إذا جاء النّهار؟» ، كما ذكر الرجل التنوخي اعتذار النبي صلى الله عليه وسلم له بأنهم في سفر وإلّا لمنحه جائزة، وأن عثمان ابن عفان قدم الجائزة نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي «حلة صفورية» . ويذكر التنوخي بعد ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزله ضيفا على أحد أصحابه من الأنصار، فلما قام من المجلس ناداه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما وصل التنوخي إليه حل النبي صلى الله عليه وسلم حبوته عن ظهره وقال:«ههنا إمض كما أمرت له» ، قال التنوخي: فجلت في ظهره فإذا أنا بخاتم النبوة في موضع غضون الكتف مثل الحجمة الضخمة» أحمد- (المسند 3/ 442) .
(4)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 8/ 125) ، أحمد- المسند 4/ 231.
(5)
ابن كثير- البداية والنهاية 5/ 11.
(6)
أحمد- المسند 6/ 20، موارد الظمآن في زوائد ابن حبّان ص/ 418، بإسناد حسن.