الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً «1» ، فالشدة يعقبها الفرج، وإن مع العسر يسرا، يقول الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
…
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
…
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وبعد التوكل واعتقاد الفرج فلا بد من الأخذ بالأسباب التي تساعده في الخروج من أزمة الابتلاء، يقول ابن القيم: فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم معه التوكل، ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب وحدها، فالأسباب محل حكمة الله وأمره ونهيه والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره. قال تعالى: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ «2» ، وقال عز وجل: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «3» ، وقد استغاث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بربهم يوم بدر- ولنا في المصطفى صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة- فاستجاب الله لهم «4» ، وسجل القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ
…
«5» ، وقال عزّ من قائل: وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ «6» .
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا ونعم الوكيل «7» ، «8» ، وعن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» «9» . والتوكل يجعل صاحبه من أهل محبة الله تعالى الذي يقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ «10» .
6- التهيؤ النفسي لما بعد الابتلاء:
- الخطوة السادسة: إذا لم يجد المبتلى ذنبا في الحال- وهذا نادر- فليعلم أن هذا الابتلاء تمحيص له، وتدريب على تحمل المشاق التي تؤدي في النهاية إلى ابتلاء من نوع آخر هو الابتلاء بالسراء أو التمكين في الأرض وهذا معنى قول الشافعي- رحمه الله إن أحدا لا يمكّن حتى يبتلى «11» ، وذلك هو حال أولي العزم من الرسل
(1) الطلاق/ 2- 3.
(2)
الزمر/ 62.
(3)
غافر/ 60.
(4)
انظر صفات: الدعاء- الاستعانة- الاستغاثة- التوكل- الضراعة والتضرع، من هذه الموسوعة.
(5)
الأنفال/ 9.
(6)
الأعراف/ 56.
(7)
آل عمران/ 173.
(8)
البخاري- الفتح (8/ 4563) .
(9)
رواه الترمذي (2324) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(10)
آل عمران/ 159.
(11)
انظر عبارة الشافعي التي وردت في سياق الإجابة عن سؤال: أيهما أفضل للمرء، الابتلاء أو التمكين؟ وقارن ب «الفوائد لابن القيم (286) .