الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهجرة إلى يثرب:
لم يكن اختيار يثرب دارا للهجرة مما اقتضته ظروف الدعوة فقط، وإنما كان ذلك بوحي من الله سبحانه وتعالى وقد وردت أحاديث صحيحة تؤكد ذلك، منها قوله صلى الله عليه وسلم للمسلمين في مكة، كما ورد في حديث عائشة- رضي الله عنها:«إنّي أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين- وهما الحرّتان-» «1» . وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأيت في المنام أنّي أهاجر من مكّة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنّها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب» «2» .
ولا شك في أن الابتلاء والاضطهاد كانا من أسباب الهجرة «3» ، كما أن توفير ملاذ آمن للدعوة يهيىء لها المناخ الملائم للعمل الإيجابي كان من أسبابها المهمة، ويتضح ذلك بشكل بارز من نصوص بيعة العقبة الثانية «4» التي بيّنت أن تكذيب قريش للرسول كان وراء الانتقال عن مكة «5» ، فقد «كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله مخافة أن يفتن
…
» «6» . وبعبارة أخرى فقد كانت قريش تضطهد من يتّبع الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل مكة «حتى فتنوهم عن دينهم، ونفوهم من بلادهم، فهم بين مفتون في دينه، وبين معذب في أيديهم، وبين هارب في البلاد فرارا منهم..» «7» . وذكر ابن إسحاق بأنه قد أذن للمسلمين بعد الهجرة بقتال من بغى عليهم «8» ، وقد أكّد ذلك حبر الأمة عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما فقال:«كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: «اصبروا فإنى لم أومر بالقتال» حتى هاجر صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية «9» أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.. الآيات، وهي أول آية أنزلت في القتال «10» .
أول المهاجرين:
كان مصعب بن عمير وعبد الله بن أم مكتوم أول من هاجر إلى المدينة وكانا يقرئان الناس القرآن كما صرح بذلك الإمام البخاري «11» . في حين وردت روايات أخرى تفيد بأن أول من هاجر هو أبو سلمة بن عبد الأسد وذلك بعد أن آذته قريش على أثر رجوعه من هجرته إلى الحبشة فتوجه إلى يثرب قبل بيعة العقبة بسنة واحدة «12» ، على أنه يمكن الجمع بين الخبرين بحمل الأولوية في حالة مصعب بن عمير وعبد الله بن أم مكتوم على أنها بعد
(1) البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 231)، واللابتان هما: الحرتان، الصحيح (فتح 7/ 234) .
(2)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 226) ، مسلم الصحيح 4/ 1779.
(3)
البخاري- الصحيح (فتح الحديث 1889) .
(4)
ابن هشام- السيرة النبوية 2/ 121.
(5)
البخاري- فتح الباري (حديث 3901) ، ابن هشام- السيرة 2/ 121.
(6)
البخاري- فتح الباري (حديث 3900) .
(7)
ابن هشام- السيرة النبوية 2/ 121.
(8)
المرجع السابق 2/ 121.
(9)
القرآن الكريم، سورة الحج، الآيات 39- 41.
(10)
أحمد بن حنبل- المسند 1/ 262 (حديث 18065) ، ابن الجوزي- زاد المسير 5/ 436، ابن كثير- التفسير 5/ 430.
(11)
البخاري- الصحيح (فتح الباري، الأحاديث 3924، 3925) ، وانظر الفتح 7/ 260 من حديث البراء بن عازب.
(12)
ابن سعد- الطبقات 1/ 226، ابن هشام- السيرة 2/ 122، الذهبي- السيرة ص/ 313 بإسناد مرسل رواه الزهري.