الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها فقد توفيت قبل الهجرة النبوية إلى المدينة بثلاث سنين في عام وفاة أبي طالب نفسه «1» . وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام يسكن النبي صلى الله عليه وسلم إليها عند الشدائد «2» وقد وردت آثار كثيرة تدل على فضائلها ومكانتها عند الله ورسوله «3» .
ونظرا لتوالي مثل هذه الآلام في هذا العام فقد سمّاه بعض المؤرخين «عام الحزن» «4» ، ولم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّاه بهذا الاسم «5» .
رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف:
اشتدت مقاومة قريش للدعوة الإسلامية، ونالت من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وحده- من أجل إيجاد مركز جديد للدعوة- يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه. ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله- عز وجل. ولكن ثقيفا لم تستجب له، وأغرى زعماؤها وأشرافها صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم، يسبّونه ويصيحون به، واجتمع عليه الناس ورشقوه بالحجارة وألجئوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة من عنب، فجلس فيه «6» . وذكرت كتب السيرة أنه صلى الله عليه وسلم، لما اطمأن، توجه إلى ربه بالشكوى:«اللهمّ إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي وهواني على النّاس، يا أرحم الرّاحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمني؟ أم إلى عدو ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلّا بك» «7» .
وفي طريق عودته من الطائف، وعند حائط ابني ربيعة، التقى بعداس النصراني فأسلم «8» .
وقد ورد في الصحيحين ما يكفى من الدلائل لإثبات رحلته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وأن ما لقيه كان شديدا عليه، وما عرضه عليه الله تعالى من عقوبتهم، ورحمته بهم ورغبته في استبقائهم في قوله صلى الله عليه وسلم: «.. بل أرجو أن يخرج
(1) البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 224) .
(2)
ابن إسحاق- السيرة ص/ 243، ابن هشام- السيرة 2/ 66.
(3)
ابن إسحاق- السيرة ص/ 243- 244، أحمد- فضائل 2/ 850- 856.
(4)
المباركفوري- الرحيق المختوم ص/ 133.
(5)
الألباني- دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ص/ 8.
(6)
ابن هشام- السيرة 2/ 70- 72، ابن سعد- الطبقات 1/ 211- 21.
(7)
ابن هشام- السيرة (2/ 70- 72) وإسناده حسن مرسل ورواه ابن سعد في الطبقات (1/ 211- 212) مختصرا وفي إسناده الواقدي، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 414- 417) عن طريق موسى بن عقبة عن الزهري، ورواه الإمام أحمد في المسند (4/ 335) كما ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وعزاه للطبراني وحسّنه.
(8)
أرّخ الواقدي الرحلة في شوال سنة عشر من المبعث بعد وفاة أبي طالب وخديجة- رضي الله عنها وذكر أن مدة إقامته بالطائف عشرة أيام، ابن سعد- الطبقات 1/ 121.