الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهذه الخطوة يمكن القول إن القيمة أصبحت متمثّلة بدرجة كافية من العمق بحيث يمكن أن تصبح قوة مسيطرة باستمرار على السلوك، ومعنى هذا أن الإنسان تتكون لديه رغبة مستمرة في تطوير قدرته على الالتزام بالقيمة.
وقد أشار القرآن إلى هذه الخطوة، حيث يثير الانتباه إلى حضور الله العليم المطلع على كل ما يأتيه الإنسان:
وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (البقرة/ 215) . الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
(الشعراء/ 218) .
إن دفع الإنسان نحو انطباع معين- وهو أن يجد في هذه الفكرة ما يحفزه حقا لدعم جهوده، وتغذية طاقاته، وترقية نفسه، ومضاعفة ما يقتضيه من ذاته وذلك من أجل المحافظة على جودة أعماله وطهارة نواياه، يقتضي أن يجد فيه ما يتقبله ليدفعه إلى أن يأتي دائما بالجديد وبالأفضل.
إن أفضل شيء يعزز هذا التقبل للقيمة هو دفع الإنسان إلى التفكير في صلته بالله لحظة العمل، حيث إن لهذا تأثيره على إرادة الإنسان، ليضاعف ذلك من حماسه، ويكمل عمله وبالتالي يتحقق ثبات القيمة، وتحقيق التقدم المطرد في سبيل تعزيز القيمة، وليس هناك أعظم من الحب في تثبيت هذا التعزيز، وهذا الشعور بالحب يولد شعورا بالارتياح وبالقوة البناءة «1» .
ونجد ذلك ملخصا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل: ما الإحسان؟ «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» «2» .
3- موقف تفضيل القيمة الخلقية:
ويظهر هذا الموقف من خلال التزام الفرد بالقيمة لدرجة تجعله يحرص على القيمة ويسعى وراءها ويريدها، وهنا تظهر استجابات معينة تعبر عن هذا التفضيل، حيث يسعى إلى تكوين أرضية واسعة عنها، ويمكن أن يتعدى ذلك إلى الكتابة عما يشعر به إزاءها.
وهنا يتدخل المربي من أجل زيادة العمل التوجيهي، ولا يجوز أن يكون هذا العمل صريحا بل ضمنيا عمليا. ذا رزانة وبرفق وأناة مع إتاحة فرصة أوسع للناشيء لإظهار استجابات أوسع وبتفكيره الذاتي المستقل «3» .
4- موقف الالتزام بالقيمة:
في هذه المرحلة- وبعد استخدام كافة إمكانياته- يصل الفرد إلى اليقين، بل إلى درجة عالية من اليقين فيصل إلى اقتناع عال وتأكد لا مجال للشك فيه، وإيمان راسخ بضرورة هذه القيمة، ومن ثم التقبل الوجداني
(1) محمد عبد الله دراز: دستور الأخلاق في القرآن، ص 323، 324.
(2)
صحيح البخاري، كتاب الإيمان، حديث رقم 50- فتح الباري، طبعة المكتبة التجارية، ج 1، ص 157.
(3)
راجع: على خليل مصطفى: القيم الإسلامية والتربية، مرجع سابق، ص 84.