الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الأول: ما اختص به من الخصائص لذاته في الدنيا:
اختصّ الله تبارك وتعالى نبيّه محمّدا صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء والمرسلين عليهم الصّلاة والسّلام بخصائص في الدّنيا لذاته منها ما يلي:
1- عهد وميثاق:
أخذ الله- عز وجل العهد والميثاق «1» على جميع الأنبياء والمرسلين من لدن آدم إلى عيسى عليهما السلام لما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أيّ مبلغ ثمّ بعث محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ليؤمننّ به ولينصرنّه ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنّبوّة من اتّباعه ونصرته، كما أمرهم أن يأخذوا هذا الميثاق على أممهم لئن بعث محمّد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرّنّه «2» .
قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ «3» .
قال عليّ بن أبي طالب وابن عبّاس- رضي الله عنهم: «ما بعث الله نبيّا من الأنبياء إلّا أخذ عليه ميثاق لئن بعث الله محمّدا وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمّته لئن بعث محمّد وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنّه» . وقال هذا القول غير واحد من أئمّة التّفسير «4» .
وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما: «أنّ عمر بن الخطّاب أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فغضب فقال: «أمتهوّكون «5» فيها يا ابن الخطّاب؟ والّذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحقّ فتكذّبوا به أو بباطل فتصدّقوا به، والّذي نفسي بيده لو أنّ موسى صلى الله عليه وسلم كان حيّا ما وسعه إلّا أن يتّبعني» «6» .
قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله: «فالرّسول محمّد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدّين، هو الإمام الأعظم الّذي لو وجد في أيّ عصر لكان هو الواجب الطّاعة المقدّم على الأنبياء كلّهم، ولهذا
(1) انظر: الوفا في أحوال المصطفى لابن الجوزي (2/ 6) . وشمائل الرسول لابن كثير (545) ، والخصائص الكبرى للسيوطي (1/ 16) .
(2)
تفسير ابن كثير (1/ 386) بتصرف.
(3)
سورة آل عمران: الآية (81) .
(4)
انظر تفسير ابن جرير الطبري (2/ 236) ، وتفسير ابن كثير (1/ 386) ، وتفسير البغوي (1/ 322) .
(5)
أمتهوكون: التهوك كالتهور، وهو الوقوع في الأمر بغير روية. والمتهوك: الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحير. انظر النهاية في غريب الحديث لابن الاثير (5/ 282) .
(6)
رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 387) ، والدارمي برقم (441) ، وحسنه الألباني- انظر مشكاة المصابيح (1/ 63) .