الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيعة العقبة الأولى:
وفي السنة التالية للقاء النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد الخزرج جرت بيعة العقبة الأولي، فقد حضر اثنا عشر رجلا عشرة منهم من الخزرج واثنان من الأوس، مما يشير إلى أن نشاط الرجال الذين أسلموا من الخزرج في السنة السابقة قد تركز ضمن قبيلتهم بشكل رئيسي، وإن كانوا قد تمكنوا من اجتذاب رجال من الأوس، وكان ذلك بداية ائتلاف القبيلتين تحت راية الإسلام. وكان الصحابي الجليل عبادة بن الصامت قد شارك في بيعة العقبة الأولي لذلك فإنه من مصادر المعلومات الأساسية والدقيقة عنها، وقد وردت روايته عن البيعة في الصحيحين، كما أوردها ابن إسحاق في السيرة بشكل أوضح وأكمل. قال عبادة بن الصامت: «كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض علينا الحرب: على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف.
فإن وفّيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا، فأمركم إلى الله عز وجل، إن شاء عذّب وإن شاء غفر» «1» .
وبعد أن تمّت البيعة، وأراد المبايعون العودة إلى يثرب، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم الصحابي مصعب بن عمير ليقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين «2» ، وقد أسلم خلق كثير من الأنصار على يده بعون من الصحابي أسعد بن زرارة «3» ، وعندما بلغ عدد المسلمين الأربعين أمهم مصعب، ثم كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصلي الجمعة بهم «4» .
وقبل حلول موسم الحج للسنة الثالثة عشرة من المبعث، عاد مصعب بن عمير إلى مكة ليطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ما أصابه من نجاح وتوفيق من الله سبحانه وتعالى في مهمته.
بيعة العقبة الثانية:
وفي العام التالي قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم من مسلمي الأوس والخزرج ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان، فبايعوه بيعة العقبة الثانية وهي أن يمنعوه- إذا قدم عليهم- مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأنفسهم. وهذه البيعة هي نقطة التحول الكبرى في تاريخ الدعوة حيث أصبح للإسلام دار يمكن أن يتخذ منها قاعدة للانتشار وهو ما حصل بالفعل، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة «5» .
(1) البخاري- الصحيح (فتح الباري 1/ 66) ، مسلم- الصحيح 3/ 1333، وما أثبتناه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام 2/ 433- 434 عن ابن إسحاق بإسناد صحيح لغيره والنص ورد في الصحيحين قريبا من نص ابن هشام وقد ورد حديث عبادة كذلك في النسائي- السنن (كتاب البيعة على الجهاد 7/ 141- 142، الإمام أحمد- المسند 5/ 313، وابن سعد- الطبقات 1/ 219- 220 والمقصود ببيعة النساء المذكورة في النص ما نصت عليه الآية (12) من سورة الممتحنة التي كانت قد نزلت فيما بعد.
(2)
ابن هشام- السيرة 1/ 438.
(3)
ابن حجر- فتح الباري 15/ 75، ابن كثير- البداية 3/ 166.
(4)
ابن هشام السيرة 1/ 438.
(5)
ابن حجر- فتح الباري: 7/ 261- 262، ابن هشام- السيرة 2/ 277- 284، أحمد- المسند 3/ 322- 323، ابن القيم: زاد المعاد 1/ 100- 101.