الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسليم الحجر عليه صلى الله عليه وسلم:
- روى مسلم في صحيحه، عن جابر بن سمرة- رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّي لأعرف حجرا بمكّة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث. إنّي لأعرفه الآن» «1» .
قال الإمام النّوويّ معلّقا على هذا الحديث: فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم وفي هذا إثبات التّمييز في بعض الجمادات وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ «2» وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ «3» . «4» .
تسبيح الطّعام بحضرته صلى الله عليه وسلم:
أخرج البخاريّ في صحيحه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه؛ قال: كنّا نعدّ الآيات بركة، وأنتم تعدّونها تخويفا، كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلّ الماء، فقال:«اطلبوا فضلة من ماء» فجاءوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثمّ قال:«حيّ على الطّهور المبارك، والبركة من الله» فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنّا نسمع تسبيح الطّعام وهو يؤكل» «5» .
عصمته صلى الله عليه وسلم من النّاس:
لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعدائه كثير الأذى وعظيم الشّدّة منذ أن جهر بدعوته، ولكنّ الله تبارك وتعالى حفظه ونصره وعصمه من النّاس.
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «6» وقد كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحرس قبل نزول هذه الآية من قبل بعض أصحابه فلمّا نزلت عليه قال: «يا أيّها النّاس انصرفوا عنّي فقد عصمني الله عز وجل» «7» .
ومن عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم حفظه له من أهل مكّة وصناديدها وحسّادها ومعانديها ومترفيها مع شدّة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته فصانه في ابتداء دعوته بعمّه أبي طالب إذ كان رئيسا مطاعا في قريش وجعل الله في قلبه محبّة طبيعيّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا شرعيّة، ولو
(1) رواه مسلم برقم (2277) .
(2)
سورة البقرة: آية رقم (74) .
(3)
سورة الإسراء: آية رقم (44) .
(4)
انظر شرح النووي على مسلم (15/ 36، 37) .
(5)
انظر فتح الباري 6 (3579) .
(6)
سورة المائدة: آية رقم (67) .
(7)
رواه الترمذي برقم (3046)، والحاكم في المستدرك:(2/ 313) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال محقق «جامع الأصول» (2/ 119) : وحسّنه الحافظ ابن حجر في «الفتح» .
كان أسلم لاجترأ عليه كفّارها وكبارها ولكن لمّا كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر هابوه واحترموه فلمّا مات عمّه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرا ثمّ قيّض الله له الأنصار فبايعوه على الإسلام وعلى أن يتحوّل إلى دارهم وهي المدينة فلمّا صار إليها منعوه من الأحمر والأسود وكلّما همّ أحد من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين بسوء كاده الله وردّ كيده عليه «1» .
والأمثلة على عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وكفّ الأعداء عنه كثيرة نكتفي بذكر نماذج منها:
- فعن أبي هريرة- رضي الله عنه؛ قال: «قال أبو جهل: هل يعفّر محمّد وجهه «2» بين أظهركم؟ قال فقيل:
نعم. فقال: واللّات والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته. أو لأعفّرنّ وجهه في التّراب. قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلّي. زعم ليطأ على رقبته. قال فما فجئهم «3» منه إلّا وهو ينكص على عقبيه «4» ويتّقي بيديه. قال فقيل له: مالك؟ فقال: إنّ بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» » .
- وعن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه في قصّة الهجرة النّبويّة قال: «فارتحلنا بعد ما مالت الشّمس، واتّبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا رسول الله، فقال: لا تحزن، إنّ الله معنا. فدعا عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فارتطمت به فرسه إلى بطنها فقال: إنّي أراكما قد دعوتما عليّ، فادعوا لي، فالله لكما أن أردّ عنكما الطّلب. فدعا له النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلّا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدا إلّا ردّه، قال: ووفّى لنا» «6» .
- وعن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه؛ قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا
…
فولّى صحابة النّبيّ صلى الله عليه وسلم
…
فلمّا غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم «7» نزل عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب من الأرض، ثمّ استقبل به وجوههم، فقال: شاهت الوجوه «8» » فما خلق الله منهم إنسانا إلّا ملأ عينيه ترابا. بتلك القبضة. فولّوا مدبرين.
فهزمهم الله عز وجل. وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين» «9» .
(1) تفسير ابن كثير (2/ 81، 82) .
(2)
هل يعفر محمد وجهه: أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر، وهو التراب.
(3)
فجئهم: بكسر الجيم، ويقال أيضا فجأهم، بفتحها. لغتان. أي بغتهم.
(4)
ينكص على عقبيه: أي رجع يمشي إلى ورائه. قال ابن فارس: النكوص الإحجام عن الشيء.
(5)
رواه البخاري مختصرا- انظر: الفتح 8 (4958) ورواه مسلم واللفظ له برقم (2797) .
(6)
رواه البخاري مطولا- انظر: الفتح 6 (3615) ومسلم برقم (2009) .
(7)
فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أتوه من كل جانب.
(8)
شاهت الوجوه: أي قبحت.
(9)
رواه مسلم برقم (1777) .