الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلوا إلى الهداية، فإذا ضلوا كان العذاب الغليظ، وإذا اهتدوا كانوا في سعادة في الدنيا والآخرة. وذلك حتى يكون الجزاء لعمل ناتج عن عمل. وحتى يكون الحساب على أفعال قد علموا مسبقا أحكامها.
2- الالتزام الشخصي:
وتتسم المسئولية الخلقية في الإسلام بأنها ذات طابع شخصي فردي خالص، ونجد كثيرا من الآيات القرآنية الدالة على ذلك:
- لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ «1» .
- مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «2» .
- وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى «3» .
فالإنسان مسئول مسئولية كاملة عما يصدر عنه من أفعال، وعلى ذلك يأتي الثواب والعقاب. فمسئولية كل فرد واضحة جلية عن العمل الذي يقوم به سواء كان هذا العمل من أجل نفسه أو من أجل الغير إذ هو لا يتحمل تبعة عمل إنسان غيره، ولكنه مسئول عن الطريقة التي أتى بها هذا العمل أو ذاك بعد أن علم وتعلم سبل الخير والشر.
إلا أن هذه المسئولية الفردية لا تمنع الفرد أن يكون مسئولا عن انحراف مسلك أقرانه، فعليه أن يتدخل بوسائل مشروعة ليمنع الجماعة من التمادي في الأعمال التي تضر المجتمع الإسلامي، وهنا تتحول المسؤلية إلى مسئولية ذات طابع جماعي، حيث إن هذه الجماعة ما هي إلا مجموعة الضمائر التي تربت في أحضان المدرسة الإسلامية الحقة. فأوجدت المجتمع المتكافل والمتعاون الذي يعمل من أجل الخير والسلام «4» .
3- النية (القصد) :
وهذا الشرط يتعلق بعلاقتنا بالعمل، وهذه العلاقة علاقة إرادة، فبعد المعرفة والإعلام، والذي أنتج الطابع الشخصي للمسئولية، فإن هناك مركزا داخليّا في النفس الإنسانية تصدر عنه إرادة العمل، أو النية، حيث يتبنى الإنسان الفعل أو يحققه ويؤكده من داخله، والإنسان ليس بما يفعل، فحسب بل بما يرغب فيه بشغف، وبدون ذلك يصبح عمل الإنسان آليا، ومجرد صدفة في العالم الذي يعيش فيه، فالأخلاق الحقيقية ينصب اهتمامها على النية أن تريد وأن تعمل، وذلك أمر إنساني فبالإرادة والعمل ينتهي مجال الأخلاق، أما النتائج والمعطيات فهي أمور بيد الله تعالى.
(1) البقرة: 286.
(2)
الإسراء: 15.
(3)
النجم: 39.
(4)
محمد ممدوح محمد علي العربي: الأخلاق السياسية في الفكر الإسلامي، مرجع سابق، ص 220، 221. وراجع: محمد عبد الله دراز: دستور الأخلاق للقرآن، مرجع سابق، ص 155.